
بلومبرغ
تباينت رُدود أفعال المسؤولين في دول آسيوية تجاه قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب تعليق رفع الرسوم الجمركية لمدة 90 يوماً على عشرات الشركاء التجاريين بين مزيج من الارتياح والحذر، وبعض السخرية.
بعض الدول مثل فيتنام، التي كانت تواجه رسوماً بنسبة 46%، واليابان التي كانت معرضة لضريبة إضافية بنسبة 24%، واصلت التحرك لضمان أن يكون هذا التعليق المؤقت دائماً. كوريا الجنوبية رحبت بالتأجيل، معتبرة أنه يمنح الصناعات المحلية وقتاً لتقليل الاضطرابات، فيما أكدت تايلندا أنها ستمضي قدماً في جهودها لتحقيق توازن في تجارتها مع الولايات المتحدة.
صحيفة "الشعب" الرسمية الناطقة باسم الحزب الشيوعي الصيني نشرت مقال رأي دعت فيه واشنطن إلى إلغاء رسومها الأحادية، وأشادت بمنافع العلاقات التجارية والاقتصادية "المربحة للطرفين".
مفاوضات فيتنامية
ترمب زاد حدة مواجهته مع بكين برفع الرسوم الجمركية على الواردات الصينية إلى 125%، وذلك بعد إعلان الصين عن خطط لفرض رسوم بنسبة 84% على البضائع الأميركية ابتداءً من الخميس.
نائب رئيس الوزراء الفيتنامي هو دوك فوك التقى الممثل التجاري الأميركي جيميسون غرير في واشنطن، واتفق الطرفان على بدء مفاوضات بشأن اتفاق تجاري "متبادل"، بحسب منشور على الموقع الرسمي للحكومة الفيتنامية. قفزت أسواق الأسهم في فيتنام في بداية تداولات الخميس.
في اليابان، قال أكازاوا ريوسي، الممثل التجاري الأعلى، إن بلاده ستواصل حث ترمب على إعادة النظر في إجراءاته. وأضاف وزير الإنعاش الاقتصادي الياباني: "لا تغيير في سياسة اليابان".
رئيس وزراء أستراليا أنطوني ألبانيزي، المنتمي إلى تيار يسار الوسط والذي يخوض حملة انتخابية حاسمة قبل تصويت مقرر في 3 مايو، وصف سياسات ترمب الجمركية بأنها "عمل يضر بالنفس"، مؤكداً أنها تلحق الضرر بالاقتصاد الأميركي، وهو ما دفع ترمب إلى تعليقها مؤقتاً.
رسوم البطاريق
ألبانيزي سخر من بعض الرسوم الأميركية، من بينها فرض رسوم على واردات من جزيرتي "هيرد" و"ماكدونالد"، وهما منطقتان أستراليتان نائيتان في القطب الجنوبي تسكنهما البطاريق.
قال في مقابلة إذاعية: "لست متأكداً مما تتاجر فيه تلك الجزر"، مضيفاً بنبرة أكثر جدية: "نعيش في عالم بالغ الاضطراب". وأشار، في مقابلة بمحطة إذاعية، إلى أن أستراليا لا تفرض رسوماً على المنتجات الأميركية، وبالتالي على واشنطن ألا تفرض رسوماً على المنتجات الأسترالية "لأن هذا ما ينص عليه اتفاقنا التجاري الحر".
تراجع مفاجئ عن الرسوم
تراجع ترمب عن القرار جاء بعد نحو 13 ساعة من بدء سريان الرسوم الجمركية المرتفعة على 56 دولة والاتحاد الأوروبي، ما تسبب في اضطرابات في الأسواق وأثار مخاوف من ركود اقتصادي. وواجه ترمب ضغوطاً هائلة من قادة الشركات والمستثمرين لتغيير مساره.
بحسب مسؤول في البيت الأبيض، فإن الدول التي فُرضت عليها الرسوم المرتفعة المتماثلة ستُعامل مؤقتاً بنفس نسبة الـ10% التي تنطبق على باقي الدول، باستثناء الصين.
نقلت وكالة "يونهاب" عن وزير التجارة الكوري الجنوبي تشونغ إنكيو قوله من واشنطن: "القرار الأخير بالتعليق يمكن تقييمه بشكل إيجابي؛ لأنه يمنحنا مجالاً لتقليل الأثر على صناعاتنا، ومواصلة المفاوضات مع الولايات المتحدة".
أما نائب رئيس وزراء تايلندا ووزير ماليتها، بيتشاي شونهواجيرا، فقال للصحفيين إن هذه المهلة تتيح وقتاً لمحادثات مفيدة للطرفين، مضيفاً أنه غير قلق كثيراً من رسوم الـ10% طالما تُعامل الدول الأخرى بالمثل.
وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسينت قال إنه سيتحدث خلال الأيام المقبلة مع مسؤولين من اليابان وفيتنام والهند وكوريا الجنوبية. ولا تزال اقتصادات المنطقة تواجه رسوماً بنسبة 25% على السيارات وقطع الغيار والصلب والألمنيوم، في حين تخضع باقي السلع لضريبة موحدة بنسبة 10%.
مقترحات مضادة لرسوم ترمب
بعض القادة طرحوا مقترحاتهم الخاصة. رئيس تايوان لاي تشينغ-تي قال إن بلاده مستعدة لإلغاء الرسوم الجمركية على المنتجات الأميركية إذا فعلت واشنطن الشيء نفسه، في أحدث مسعى من الجزيرة ذاتية الحكم لتهدئة داعمها العسكري الرئيسي.
كتب لاي في مقال رأي نُشر على "بلومبرغ" الخميس: "رغم أن تايوان تطبق حالياً معدلات جمركية منخفضة بمتوسط اسمي 6%، فإننا مستعدون لخفض هذا المعدل إلى الصفر على أساس المعاملة بالمثل مع الولايات المتحدة". كان ترمب فرض رسوماً بنسبة 32% على السلع التايوانية، باستثناء أشباه الموصلات، في إطار فعالية أطلق عليها اسم "يوم التحرير".
رئيس وزراء نيوزيلندا كريستوفر لوكسون اقترح تشكيل تكتل تجاري قائم على القواعد رداً على رسوم ترمب. قال إن "اتفاق الشراكة الشاملة والتقدمية عبر المحيط الهادئ" الذي يضم 12 دولة من بينها نيوزيلندا واليابان وكندا والمملكة المتحدة، يمكن أن يشكل أساساً لاتفاق أوسع مع الاتحاد الأوروبي لتعزيز التجارة الحرة باعتبارها مساراً نحو الازدهار.