رسوم ترمب "المتبادلة" تزلزل الأسواق رغم "تخفيفها"

انقسم فريق ترمب الاقتصادي بين خيارين: الرسوم المتبادلة التي طبقت أو فرض 25% على كل الواردات

time reading iconدقائق القراءة - 6
الرئيس الأميركي دونالد ترمب متوجهاً إلى حفل توقيع أوامر تنفيذية بشأن الفحم في البيت الأبيض. 8 أبريل 2025 - بلومبرغ
الرئيس الأميركي دونالد ترمب متوجهاً إلى حفل توقيع أوامر تنفيذية بشأن الفحم في البيت الأبيض. 8 أبريل 2025 - بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

أحدثت الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترمب، والتي جاءت أعلى من المتوقع، صدمة عنيفة في الأسواق المالية، وأشعلت مخاوف الركود على مستوى العالم، في وقتٍ ناقش فيه البيت الأبيض خياراً أكثر عنفاً.

دفع المستشار التجاري بيتر نافارو الرئيس ترمب إلى تطبيق خيارين. إما ضريبة شاملة بنسبة 25% على الواردات كافة، أو ما يُعرف بـ"المعادلة التبادلية" (Reciprocal Tariff Formula) المبنية على اختلال الميزان التجاري، وهي الصيغة التي تضمنها بالفعل إعلان ترمب الأسبوع الماضي، إلى جانب رسم أساسي بنسبة 10%.

وبحسب أشخاص مطلعين على المناقشات الداخلية، فإن الخطة التي تم تبنيها في نهاية المطاف اقتربت كثيراً من موقف نافارو، المعروف بتشدده في الملف التجاري، بعد أسابيع من الجدل داخل فريق ترمب حول هذه السياسة المحورية.

التوتر يعم وول ستريت ودوائر الأعمال

أسهم هذا التوجه في تصاعد القلق في وول ستريت وبين الشركات الأميركية، لا سيما بعدما كان العديد من المستثمرين يرون في فوز ترمب الرئاسي بداية لمرحلة من السياسات الصديقة لقطاع الأعمال.

لكن بدلاً من ذلك، نفّذ ترمب وعوده الانتخابية باستخدام الرسوم لإسقاط النظام التجاري العالمي الذي طالما وصفه بأنه غير عادل.

عشية إعلان ترمب في حديقة الورود الأسبوع الماضي، دارت نقاشات داخلية بين فريقين. الأول معتدل يفضّل رسم 10% مع استثناءات محتملة، والآخر تصعيدي يدفع نحو إجراءات أكثر صرامة.

كان وزير الخزانة سكوت بيسينت من الأصوات الحذرة، مشدداً على استخدام الرسوم كأداة تفاوضية. أما نافارو، فقد اعتبرها وسيلة لتحويل العلاقات التجارية الأميركية. وشارك وزير التجارة هوارد لوتنيك في موقف متشدد أيضاً.

وفي النهاية، أجمع الفريق الاقتصادي للرئيس على دعم الخطة، ما يُبرز الفجوة المتزايدة بين الإدارة والقطاع الخاص.

"هذه البداية فقط"

في الولاية الأولى لترمب، كان من بين مستشاريه شخصيات مثل ستيفن منوتشين وغاري كوهن، اللذين كانا أقرب إلى نهج الحزب الجمهوري التقليدي المؤيد للتجارة الحرة.

أما الآن، فالمشهد تغيّر، فترمب محاط بحلقة من الشخصيات المؤيدة للحمائية. وشهدت المنافسة على منصب وزارة الخزانة، تنافساً بين بيسينت ولوتنيك على إظهار الدعم للرسوم.

قد ترفع الإجراءات التي أُعلنت حتى الآن ضرائب الاستيراد الأميركية إلى أعلى مستوياتها منذ أكثر من قرن. وكتب نافارو في مقال رأي في صحيفة "فاينانشال تايمز": "إلى قادة العالم الذين يقدمون فجأة عروضاً لخفض الرسوم الجمركية بعد عقود من الغش، نقول: هذه مجرد البداية".

لكن وفقاً للأشخاص، قد يكون هناك مجال لترمب لاستخدام الرسوم كأداة تفاوضية من أجل خفض بعض المعدلات إلى الحد الأدنى البالغ 10%. وقال بيسينت على "فوكس بيزنس": "آمل أن تؤدي المفاوضات الجيدة إلى خفض هذه المستويات فحسب".

موقف نافارو يثير الجدل

رفض نافارو التعليق على تفاصيل تصميم الخطة، قائلاً: "ما يحدث داخل المكتب البيضاوي يبقى داخله. لا يمكن الوثوق بأي تسريبات من مصادر مجهولة، إنها مجرد ألاعيب إعلامية".

ويُعرف نافارو بأسلوبه الصدامي وغير المرن، وقد أثار الجدل مراراً في دوائر ترمب. وذهب المستشار الملياردير إيلون ماسك، مؤسس "تسلا"، إلى وصفه يوم الثلاثاء بأنه "أغبى من كيس حجارة"، على حد تعبيره.

وقال مسؤولون إن بيسينت، وممثل التجارة الأميركي جايمسون غرير، ومدير المجلس الاقتصادي القومي كيفن هاسيت، كانوا في الجناح الحذر، واقترحوا رسوماً أكثر استهدافاً وتدرجاً.

من جهتها، قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت إن "الخطة نوقشت من قبل الفريق التجاري بالكامل، وتم تقديم عدة مقترحات للرئيس، ودارت نقاشات، وقرر الرئيس ما يراه مناسباً".

وأكد المتحدث باسم البيت الأبيض كوش ديساي أن ترمب "يشجع النقاش المفتوح بين مستشاريه لاتخاذ قراراته"، مضيفاً أن "كامل الإدارة ملتزمة بمواجهة الخلل التجاري المزمن واستعادة مجد أميركا من الشارع إلى وول ستريت".

كما أكد متحدث باسم وزارة الخزانة على اتساق مجلس الوزراء مع أجندة ترمب الاقتصادية، قائلاً إن إجراءات الرئيس أحضرت دولاً أخرى إلى طاولة المفاوضات.

وفي موقف إيجابي، قال بيسنت في منشور على "إكس" إنه فخور بالعمل مع ترمب "لتصحيح أخطاء اختلالات التجارة العالمية طويلة الأمد".

استثناءات للصناعات والبلدان

استبعد ترمب الخيار الأشد قسوة في جانبين، إذ لم يفرض رسوماً إضافية على منتجات محددة كالسيارات والأدوية، لتجنّب ضربة مزدوجة لقطاعات حيوية. وأيد غرير هذا الموقف وفق أحد الأشخاص. 

كما استثنى ترمب كندا والمكسيك، أكبر شريكين تجاريين للولايات المتحدة، من الجولة الأخيرة، مع استمرار الرسوم المفروضة سابقاً بنسبة 25%، لكن مع استثناء السلع المندرجة في اتفاق التجارة القاري الذي فاوض عليه ترمب خلال ولايته الأولى. وقال أحد الأشخاص إن لوتنيك دعا ببساطة إلى تمديد هذه الاتفاقية.

أما عن "صيغة الرسوم التبادلية" المبنية على اختلال الميزان التجاري مع الدول، فقد أثارت ارتباكاً في الأوساط الاستثمارية، وانتقدها اقتصاديون باعتبارها سطحية وعشوائية.

وقال غرير في جلسة استماع في الكونغرس الثلاثاء: "عندما تنظر إلى العجز التجاري، نعتقد أنه يعكس بعض أوجه عدم العدالة، ويجب أن تكون هناك منهجية موحدة".

في أحد التحليلات التي كانت أساساً محتملاً، استخدم المجلس الاقتصادي نماذج متنوعة تهدف إلى وضع تعريفات تُركز على الحواجز غير الجمركية للدولة. قد تكون هذه النماذج أقل حساسية للعجز التجاري، لأن بعض الدول تتمتع بميزة تنافسية مع الولايات المتحدة في منتجات معينة.

وقال نافارو لقناة "سي أن بي سي" إن الحسابات استندت إلى نماذج المجلس الاقتصادي، لكن في حالات عدة، لم تعكس الرسوم المعلنة أرقام تلك النماذج، بحسب أحد الأشخاص.

تصنيفات

قصص قد تهمك

نستخدم في موقعنا ملف تعريف

نستخدم في موقعنا ملف تعريف الارتباط (كوكيز)، لعدة أسباب، منها تقديم ما يهمك من مواضيع، وكذلك تأمين سلامة الموقع والأمان فيه، منحكم تجربة قريبة على ما اعدتم عليه في مواقع التواصل الاجتماعي، وكذلك تحليل طريقة استخدام موقعنا من قبل المستخدمين والقراء.