مايكل بلومبرغ: الولايات المتحدة تواجه عواقب مالية قاتمة

الكونغرس يسعى إلى زيادة عجز الموازنة بينما ينبغي عليه القلق من توقعات "مكتب الميزانية" الجديدة للديون

time reading iconدقائق القراءة - 5
مبنى الكابيتول، مقر الكونغرس الأمريكي، واشنطن - المصدر: بلومبرغ
مبنى الكابيتول، مقر الكونغرس الأمريكي، واشنطن - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

وسط الأخبار الصاخبة التي تصدر من واشنطن، يبرز خبر لم ينل القدر الكافي من الاهتمام: الولايات المتحدة  تسير نحو أزمة مالية محتملة. هذه الإشارة الواضحة التي أظهرتها التوقعات طويلة الأجل لمكتب الميزانية في الكونغرس الأميركي بعد تحديثها في الآونة الأخيرة. ما لم يغير الكونغرس مساره، سيأتي وقت مواجهة العواقب، وسيكون الوضع قاسياً.

وفق التفاصيل التي أوضحها مكتب الميزانية، فقد خرج عجز الإنفاق عن السيطرة بشكل غير مسبوق، واللوم يقع على كلا الحزبين، وعلى البيت الأبيض والكونغرس أيضاً. ويجب على الجميع أن يتذكروا أن إقبال المستثمرين على السندات الحكومية الأميركية له حدوده.

حالياً، يبلغ إجمالي إنفاق الحكومة الفيدرالية نحو 7 تريليونات دولار، بينما لا تتجاوز الإيرادات الضريبية السنوية 5 تريليونات دولار، ما يعني عجزاً يعادل أكثر من 6% من الناتج المحلي الإجمالي. ويعد هذا المعدل مرتفعاً ومثيراً للقلق، خصوصاً في ظل اقتراب الاقتصاد الأميركي من مستويات التوظيف الكامل.

عجز الموازنة مستمر

يتوقع مكتب الميزانية أن يبقى الاقتراض العام عند مستوياته المرتفعة الحالية أو يتجاوزها خلال العقود المقبلة. ومع افتراض عدم وقوع ركود، سيرتفع الدين العام إلى 100% من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام، ويبلغ 118% بحلول 2035، ليستمر بالتصاعد بعد ذلك.

ويحذر المكتب من أن تجاهل تقليص العجز يفاقم المخاطر المالية، مؤكداً أن الكونغرس مطالب بجعل خفض العجز أولوية قصوى. لكن الواقع يشير إلى توجهات مغايرة، إذ يناقش الجمهوريون حالياً سبل رفع سقف الاقتراض، بل ويبحثون تخفيضات ضريبية إضافية، بدلاً من التوجه إلى معالجات جذرية للعجز.

وتحظى أحكام "قانون التخفيضات الضريبية والوظائف لعام 2017"، المقرر أن تنتهي صلاحيتها مع نهاية العام الجاري، بدعم واسع لتمديدها. ووفقاً لحسابات مكتب الميزانية، فإن الإبقاء على هذا القانون بكامل مواده سيضيف نحو 5 تريليونات دولار إلى الدين العام خلال السنوات العشر المقبلة، و40 تريليون دولار إضافية خلال 30 عاماً. ما يعني أن نسبة الدين إلى الناتج المحلي ستتجاوز 200% خلال العقود الثلاثة المقبلة، في حال استمرار السياسات الحالية دون تعديلات.

الإجراءات الحالية لا تكفي

إن رفع الرسوم الجمركية لن يكون حلاً فعالاً لمعالجة العجز المالي، بل قد يفاقم الوضع. فمثل هذه الرسوم تُضعف النشاط التجاري وتحد من فرص خلق الوظائف، ما ينعكس سلباً على الإيرادات الضريبية العامة.

كذلك، فإن خفض الرواتب الفيدرالية وتسريح الموظفين لا يوفر وفورات مالية ذات أثر ملموس. ورغم الضجة الإعلامية التي تواكب مثل هذه الإجراءات، فإن تأثيرها الفعلي على خفض العجز يبقى محدوداً للغاية.

وتزداد التحديات عندما تُنفذ إجراءات التقشف دون مراعاة لحيوية بعض الخدمات العامة. فعمليات التسريح وخفض التمويل تطال قطاعات يعتمد عليها المواطنون بشكل مباشر، مثل الحدائق الوطنية والرعاية الصحية. وقد يؤدي ذلك إلى تراجع جودة الخدمات، وارتفاع معدل الوفيات الناتجة عن الأمراض المعدية، ما يهدد بإثارة غضب شعبي واسع.

استعادة الضبط المالي

عند انتخابات التجديد النصفي في العام المقبل، قد يدفع الجمهوريون ثمناً سياسياً باهظاً نتيجة السياسات المالية الحالية. غير أن الأزمة المقبلة لا تتعلق بالحسابات الانتخابية وحدها، بل بمستقبل الاستقرار المالي في البلاد. فاستمرار النهج القائم غير ممكن على المدى الطويل. وفي لحظة ما، وقبل أن يصل الدين العام إلى مستويات غير مسبوقة، قد تعلن الأسواق -وقبلها الناخبون- أن الكيل قد طفح.

حينها، قد تنهار أسعار السندات الحكومية، ما يؤدي إلى ارتفاع حاد في أسعار الفائدة طويلة الأجل، وتواجه الحكومة صعوبات في الوفاء بالتزاماتها المالية، سواء من خلال التخلف الصريح عن السداد أو بتحميل التضخم تبعات هذا التعثر.

يجب أن يعطي الكونغرس الحالي الأولوية القصوى لاستعادة الضبط المالي. والنهج المنطقي الوحيد لذلك هو المزج بين الزيادات الضريبية الطفيفة وخفض الإنفاق بحكمة. فتوزيع العبء سيجعل التغيرات مقبولة وتدريجية بشكل أكبر في حالة إجراءها قريباً.

رغم أن بعض بنود "قانون التخفيضات الضريبية والوظائف لعام 2017" تسهم في دعم النمو -مثل رفع الخصم القياسي لضريبة الدخل وتعزيز حوافز الاستثمار- فإن أي تمديدات لها يجب أن تقابلها تدابير تعويضية، سواء برفع الضرائب أو بخفض في الإنفاق، بما يضمن تقليص العجز المالي المتوقع.

تأخّر الكونغرس كثيراً في التحرك، غير أن مواصلة التأخير أو زيادة الإنفاق دون تمويل كافٍ، ينذر بتداعيات اقتصادية شديدة. وفي واشنطن، قد لا تُرى بعض الفضائح إلا حين تفجّرها الأرقام. وإذا لم تتخذ الإدارة والكونغرس خطوات ملموسة لكبح العجز، فإن الأميركيين سيشعرون تدريجياً بوطأة التكاليف ترتفع من حولهم.

هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
NAMEالمؤشرVALUEقراءة المؤشرNET CHANGEالتغيرCHANGE %نسبة التغير1 MONTHشهر1 YEARسنةTIME (GMT)الوقت2 DAYيومان
GTUSD3M:GOVالولايات المتحدة 4.20------------09:13:21.000الولايات المتحدة
GTUSD6M:GOVالولايات المتحدة4.01------------09:13:24.000الولايات المتحدة
GTUSD1Y:GOVالولايات المتحدة3.81------------09:13:21.000الولايات المتحدة
GTUSD2Y:GOVالولايات المتحدة100.03------------09:13:25.000الولايات المتحدة
GTUSD5Y:GOVالولايات المتحدة99.55------------09:13:25.000الولايات المتحدة
تصنيفات

قصص قد تهمك

النشرة البريدية
تعرف على أحدث الأخبار والتحليلات من اقتصاد الشرق مع بلومبرغ
سجل الان

تغيير حجم الخط

واشنطن

7 دقائق

8°C
مطر متوسط الغزارة
العظمى / الصغرى /
16.7 كم/س
88%

نستخدم في موقعنا ملف تعريف

نستخدم في موقعنا ملف تعريف الارتباط (كوكيز)، لعدة أسباب، منها تقديم ما يهمك من مواضيع، وكذلك تأمين سلامة الموقع والأمان فيه، منحكم تجربة قريبة على ما اعدتم عليه في مواقع التواصل الاجتماعي، وكذلك تحليل طريقة استخدام موقعنا من قبل المستخدمين والقراء.