
بلومبرغ
كان إنفاق المستهلكين في الولايات المتحدة أضعف من المتوقع مرة أخرى في فبراير، بينما ارتفع مؤشر رئيسي للتضخم، مما شكّل ضربة مزدوجة للاقتصاد قبل فرض الرسوم الجمركية.
ارتفع إنفاق المستهلكين المُعدّل حسب التضخم بنسبة 0.1% بعد انخفاضه في يناير بأكبر قدر له منذ ما يقرب من أربع سنوات، والذي عزاه الاقتصاديون إلى سوء الأحوال الجوية، وفقاً لبيانات مكتب التحليل الاقتصادي الصادرة يوم الجمعة.
ارتفع مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي الأساسية، والذي يستثني أسعار الغذاء والطاقة، بنسبة 0.4% مقارنةً بشهر يناير، وهو أعلى مستوى له خلال عام. ومقارنةً بالعام الماضي، ارتفع مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي الأساسية - وهو مقياس التضخم المفضل لدى الاحتياطي الفيدرالي - بنسبة 2.8%. وجاء كلا المؤشرين أعلى بقليل من توقعات الاقتصاديين.
انخفضت العقود الآجلة للأسهم بشكل أكبر، وظلت عوائد سندات الخزانة منخفضة، بينما حافظ الدولار على مكاسب طفيفة. وواصل متداولو عقود المبادلة تقدير انخفاضين بنحو ربع نقطة مئوية هذا العام، حيث سُجِّل أول انخفاض في يوليو.
المستهلكون يقاومون ارتفاع الأسعار
قال نيل دوتا، رئيس قسم الاقتصاد الأميركي في "رينيسانس ماكرو" (Renaissance Macro)، في مذكرة: "يقاوم المستهلكون ارتفاع الأسعار. في النهاية، يُعزى التضخم إلى قيود ميزانية الأسرة، والأوضاع آخذة في التدهور".
يشير التقرير إلى استمرار التضخم في الوقت الذي تُنذر فيه الرسوم الجمركية التي يعتزم الرئيس دونالد ترمب فرضها بزيادة ضغوط الأسعار. وقد أثارت سياسته التجارية العدوانية - التي أضعفت ثقة الشركات والمستهلكين - إلى جانب تزايد مؤشرات الضائقة المالية التي تواجهها الأسر، مخاوف من احتمال وقوع الاقتصاد الأميركي في حالة ركود تضخمي أو حتى ركود.
تؤكد توقعات الاحتياطي الفيدرالي هذه المخاوف، حيث أشار صانعو السياسات إلى تباطؤ النمو وتسارع التضخم في التوقعات الجديدة التي صدرت في اجتماع السياسة الأسبوع الماضي.
وقلّل رئيس اللجنة جيروم باول من شأن هذه المخاوف، بل استخدم مصطلح "مؤقت" لوصف توقعاته بتضخم ناجم عن الرسوم الجمركية. وأعرب بعض زملائه عن حذر أكبر.
أسعار الفائدة ثابتة في انتظار رسوم ترمب
يُبقي المسؤولون أسعار الفائدة ثابتة ريثما تتضح لهم سياسات ترمب، وخاصةً الرسوم الجمركية، قبل إطلاقها الأسبوع المقبل، والتي أطلق عليها الرئيس اسم "يوم التحرير". ورغم أن ترمب فرض بعض الرسوم على الصين الشهر الماضي، إلا أنها لم تُحدث تأثيراً يُذكر على بيانات الأسعار، حيث انخفضت أسعار المستهلك والمنتج على حد سواء في فبراير.
سيأتي معظم تأثير الرسوم الجمركية على الأسعار من السلع. فقد ارتفع مؤشر تضخم السلع، الذي يستثني الغذاء والطاقة، بنسبة 0.4% للشهر الثاني على التوالي في فبراير، وهو أكبر ارتفاع له على التوالي منذ عام 2022. كما ارتفعت أسعار الخدمات الأساسية، وهي فئة تخضع لرقابة دقيقة وتستبعد الإسكان والطاقة، بوتيرة مماثلة.
الأميركيون يرفعون مستوى الادخار للتحوط
في حين كانت قراءات ثقة المستهلك سلبية مؤخراً، يبقى أن نرى ما إذا كانت تُمثل مؤشراً جيداً للإنفاق. وقد انتعشت نفقات السلع بفضل الطلب على السلع المعمرة مثل السيارات، بينما انخفض الإنفاق على الخدمات لأول مرة منذ ثلاث سنوات، ويُعزى ذلك بشكل كبير إلى تراجع الإقبال على تناول الطعام في الخارج.
ارتفع معدل الادخار إلى أعلى مستوى له منذ يونيو، مما يدل على أن المستهلك أصبح أكثر حذراً بشأن شؤونه المالية. وظهرت مؤشرات أخرى على أن الأميركيين يعانون من ضغوط مالية أكبر، بما في ذلك التخلف عن سداد أقساط السيارات وصعوبة توفير الأموال لحالات الطوارئ.
كما أن تباطؤ سوق العمل يزيد الطين بلة. فقد ارتفع الدخل الشخصي المتاح للتصرف، المعدل حسب التضخم، بنحو 0.1% للشهر الثالث على التوالي. ويستثني هذا المقياس المدفوعات من الحكومة والشركات - حيث استشهد مكتب التحليل الاقتصادي بتسويات من شركة محلية لتصنيع الأجهزة الطبية وشركة تواصل اجتماعي. وفي الوقت نفسه، ارتفعت الأجور والرواتب الاسمية.