استراتيجية "شل" المحدثة "فشل ناجح"

الشركة نجحت في إدارة أموال المستثمرين بشكل جيد لكنها لم تعزز تقييمها لمضاهاة منافسيها الأميركيين

time reading iconدقائق القراءة - 6
خزان نفط في مصفاة \"برنيس\" التابعة لشركة \"شل\" في روتردام، هولندا - بلومبرغ
خزان نفط في مصفاة "برنيس" التابعة لشركة "شل" في روتردام، هولندا - بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

في عام 1970، وصفت وكالة "ناسا" مهمة "أبولو 13" بأنها "فشل ناجح" بعد أن أعادت المركبة الفضائية إلى الأرض بسلام عقب انفجار وقع في منتصف الطريق إلى القمر. ويمكن تطبيق المصطلح ذاته لوصف استراتيجية عملاقة النفط الأوروبية "شل" التي مضى عليها قرابة عامين، والتي حظيت بتحديث مهم يوم الثلاثاء.

نفذت شركة "شل" تقريباً كل ما وعدت به في يونيو 2023، حينما كشف الرئيس التنفيذي الجديد، وائل صوان، عن "الاستراتيجية" الأصلية التي تستمر لعشرة أرباع سنوية، والتي تضمنت تقليص التكاليف، والتخلي عن وحدات الطاقة المتجددة المتعثرة، وإعادة التركيز على الوقود الأحفوري (خاصة الغاز الطبيعي المسال)، والحد من الديون وتخصيص حصة أكبر من السيولة التي تحققها الشركة نظير إعادة شراء الأسهم. كما تمت زيادة توزيعات الأرباح الفصلية.

في معظم المقاييس، حققت "شل" أداءً يفوق التوقعات. وقد عبرت كيم فستير، رئيسة قسم أبحاث النفط لدى مصرف "إتش إس بي سي هولدينغز" (HSBC Holdings Plc)، عن المزاج السائد بين المساهمين في تقريرها الأخير بعنوان: "المزيد من نفس الشيء، من فضلك".

استراتيجية "شل" تُنعش عوائد المساهمين

صوان ينصت للمستثمرين. ففي يوم الثلاثاء، تعهد بزيادة حصة التدفقات النقدية المخصصة للمساهمين لتصبح بين 40% إلى 50%، من نسبة 30% إلى 40% التي تعهدت بها الشركة قبل عامين، والتي كانت تمثل بدورها تحسناً كبيراً مقارنة بالفترة التي كانت فيها النسبة متواضعة وتتراوح بين 20% و30%. هذا التحسن سيعتمد على تنفيذ خفض التكاليف بشكل كبير، سواء في النفقات اليومية أو في المشاريع الجديدة، لا سيما في مجال الطاقة المتجددة. أما الضعف المحتمل فهو يكمن في النمو المستقبلي، فبينما تغفل "شل" عن هذه المسألة، يشعر بعض المستثمرين بالقلق من أن الشركة لا تستثمر بما فيه الكفاية في المشاريع الجديدة.

رغم أن نجاح الاستراتيجية منح إدارة "شل" حق التفاخر بأنها تدير أموال المستثمرين بشكل جيد، مع استحقاق المديرة المالية سينيد غورمان قدراً كبيراً من الإشادة، إلا أنها لم تحقق بعد الهدف المنشود المتمثل في تعزيز تقييم "شل" لمضاهاة تقييم منافسيها الأميركيين.

وفيما يتعلق بنسبة السعر إلى الأرباح المتوقعة لعام 2025، يُتداول سهم "شل" بمعدل 9.9 مرة من الأرباح، مقارنة بشركتي "شيفرون" (Chevron) و"إكسون موبيل" (Exxon Mobil) اللتين تُتداولان عند 15.5 مرة. ورغم أن هذا يُعد تحسناً مقارنةً بوضع الشركة قبل عامين، إلا أن الفجوة لا تزال واسعة.

يولي صوان اهتماماً خاصاً لمقياس محدد، ألا وهو عائد التدفق النقدي الحر. فوفقاً لهذا المقياس، تُتداول "شل" بعائد يفوق 14%، بينما تتداول "إكسون" عند مستوى أقل 6.2% و"شيفرون" عند 5%، بحسب بيانات جمعتها "بلومبرغ" (فكلما ارتفع العائد، انخفض تقييم السهم).

"شل" تواجه فجوة تقييم مستمرة

بغض النظر عن المقياس، لا تزال الفجوة في تقييم "شل" واسعة، وهو ما يبرر وصف استراتيجيتها بـ"الفشل الناجح". لم تهبط "ناسا" بمركبة "أبولو 13" على سطح القمر، لكن عودتها الآمنة برهنت على البراعة الهندسية للبرنامج الفضائي الأميركي.

وبالمثل، ورغم أن صوان لم يحقق بعد التقييم المستهدف، إلا أن كل شيء آخر يشير إلى ضرورة استمرار دعم المساهمين، لا سيما إذا ما اعتُبرت هذه الاستراتيجية عملاً مستمراً قيد التنفيذ لا حلاً نهائياً.

غير أن سد الفجوة في التقييم قد يكون مهمة مستحيلة، خاصة أن شركتي "إكسون" و"شيفرون" مدرجتان في بورصة نيويورك، حيث يحظى الوقود الأحفوري بدعم أكبر من جانب المستثمرين مقارنة بما هو عليه في لندن. وفي هذا السياق، تبدو "شل" في موقع أقل تنافسية، وكأنها تخوص "السباق" مرتدية أحذية جلدية كلاسيكية مفضلة في لندن، مقابل الأحذية الرياضية الأميركية.

ومع ذلك، نجحت "شل" في تقليص الفجوة قليلاً. فمنذ يونيو 2023، ارتفعت أسهمها بأكثر من 22%، بينما ارتفعت أسهم "إكسون" و"شيفرون" بنسبة 10% و5% على التوالي. وصرح صوان في نيويورك يوم الثلاثاء أثناء عرض الاستراتيجية المُحدثة: "لقد تفوقنا على أقراننا". لكنه أقر أيضاً بأنه "لم نخضع بعد لإعادة تقييم جوهرية".

يحاول صوان وغورمان الاستفادة من ضعف التقييم الحالي عبر إعادة شراء الأسهم بسعر يعتبرانه أقل من قيمتها الحقيقية بكثير. فمنذ عام 2023، أعادت "شل" شراء خُمس إجمالي أسهمها. ومع استمرار هذا النهج، من المتوقع أن تُلغي الشركة 40% إضافية من أسهمها المتاحة بحلول نهاية العقد، وهي نسبة لافتة. ومع أن ذلك قد يساهم في تقليص الفجوة، فإن منافسيها الأميركيين يسلكون النهج ذاته بشراء أسهمهم الخاصة.

أخطاء الماضي وخطط المستقبل

ارتكبت "شل" عدة أخطاء على مدار العقد الماضي، أبرزها قرار خفض توزيعات أرباحها بمقدار الثلثين خلال فترة الجائحة. ولا تزال تداعيات هذا التخفيض، وهو الأول من نوعه منذ الحرب العالمية الثانية، تؤثر على الشركة.

فبالنسبة لبعض المستثمرين الأميركيين، كان خفض التوزيعات من 47 سنتاً إلى 16 سنتاً للسهم الواحدة خطوة لا تُغتفر. فبعد عدة أرباع من زيادات توزيعات الأرباح منذ ذلك الحين، لا تزال التوزيعات البالغة نحو 36 سنتاً للسهم أقل بكثير من مستوى 2020. وإذا أوفت "شل" بوعدها، فإن توزيعات الأرباح ستعود إلى مستوى ما قبل الجائحة بحلول عام 2031.

قبل عام، أخبرني صوان أنه إذا لم يتم تقليص الفجوة بين شركته ومنافسيها الأميركيين بحلول نهاية عام 2025، فسيضطر إلى النظر في خيارات بديلة، من بينها إعادة تقييم ما إذا كانت بورصة لندن لا تزال الموقع الأمثل للإدراج الرئيسي للشركة.

حتى الآن، يبدو أن الجواب بات واضحاً، حيث لا تزال لندن بيئة غير مُرحبة بشركة نفط كبرى. ومع تحول السباق إلى ماراثون، قد تكون الخطوة التالية أكثر من مجرد تغيير في الاتجاه، بل قد تتضمن نقل إدراج "شل" إلى بورصة نيويورك.

هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات

قصص قد تهمك

النشرة البريدية
تعرف على أحدث الأخبار والتحليلات من اقتصاد الشرق مع بلومبرغ
سجل الان
Javier Blas

Javier Blas

Energy and commodities columnist at Bloomberg.
للإتصال بكاتب هذا المقال:@JavierBlas

تغيير حجم الخط

لندن

6 دقائق

6°C
سماء صافية
العظمى / الصغرى /
13 كم/س
82%

نستخدم في موقعنا ملف تعريف

نستخدم في موقعنا ملف تعريف الارتباط (كوكيز)، لعدة أسباب، منها تقديم ما يهمك من مواضيع، وكذلك تأمين سلامة الموقع والأمان فيه، منحكم تجربة قريبة على ما اعدتم عليه في مواقع التواصل الاجتماعي، وكذلك تحليل طريقة استخدام موقعنا من قبل المستخدمين والقراء.