
بلومبرغ
تسعى الولايات المتحدة للسيطرة على جميع الاستثمارات المستقبلية الكبرى بالبنية التحتية والمعادن في أوكرانيا، وهو ما قد يؤدي إلى الحصول على حق النقض "الفيتو" على أي دور لباقي حلفاء كييف وتقويض مساعيها للحصول على عضوية الاتحاد الأوروبي.
إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب تطالب بـ"حق العرض الأول" للاستثمارات في جميع مشاريع البنية التحتية والموارد الطبيعية بموجب اتفاقية شراكة مُعدَّلة مع أوكرانيا، وفقاً لمسودة حصلت عليها بلومبرغ نيوز.
صندوق استثماري تحت إدارة واشنطن
في حال قبولها، ستمنح اتفاقية الشراكة الولايات المتحدة سلطةً هائلةً للتحكم في الاستثمارات في أوكرانيا، في مشاريع تشمل الطرق والسكك الحديدية والموانئ والمناجم والنفط والغاز واستخراج المعادن الأساسية. وسيمثل ذلك توسعاً غير مسبوق للنفوذ الاقتصادي الأميركي في أكبر دولة أوروبية من حيث المساحة، في الوقت الذي تسعى فيه إلى الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.
يمنح الاتفاق الولايات المتحدة الحق الأول في الحصول على الأرباح المحولة إلى صندوق استثماري خاص لإعادة الإعمار، والذي ستديره واشنطن. والأهم من ذلك، تنص الوثيقة على أن الولايات المتحدة تعتبر "الفوائد المادية والمالية" التي قُدمت لأوكرانيا منذ الغزو الروسي الشامل في فبراير 2022 مساهمة منها في هذا الصندوق.
يعني هذا أن إدارة ترمب ستجبر أوكرانيا على دفع كامل تكاليف الدعم العسكري والاقتصادي الأميركي المُقدم لها منذ بداية الحرب قبل أن تتلقى كييف أي دخل من صندوق الشراكة.
قدّمت الولايات المتحدة اتفاقية مُعدّلة للمسؤولين في كييف نهاية الأسبوع الماضي بعد فشل خطط الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لتوقيع اتفاقية سابقة إثر مواجهة متوترة في المكتب البيضاوي مع ترامب الشهر الماضي. وصرح البيت الأبيض الأسبوع الماضي بأن الإدارة تتجاوز الاتفاق الذي تم التفاوض عليه سابقاً والذي يُغطي المعادن الأساسية في أوكرانيا.
تستمر المناقشات بين الجانبين، وقد تتضمن المسودة النهائية تعديلات على الشروط. ومن المرجح أن ترد أوكرانيا على الوثيقة الأميركية بتعديلاتها الخاصة هذا الأسبوع، وفقاً لما ذكره مصدر مطلع لوكالة بلومبرغ نيوز.
زيلينسكي: ندعم التعاون مع الولايات المتحدة
قال زيلينسكي للصحفيين في باريس يوم الخميس، حيث يحضر قمة مع القادة الأوروبيين، إن الاتفاق الكامل الذي طرحته الولايات المتحدة يتطلب "دراسة مفصلة"، وإن شروطه تتغير باستمرار خلال المفاوضات. وأضاف: "من السابق لأوانه القول إنه تم التوصل إلى اتفاق، لكننا ندعم التعاون مع الولايات المتحدة، ولا نريد أن نعطي إشارة واحدة يمكن أن تدفع الولايات المتحدة إلى وقف المساعدات لأوكرانيا".
أشار متحدث باسم وزارة الخزانة الأميركية رداً على طلب للتعليق: "إن الولايات المتحدة لا تزال ملتزمةً بإبرام سريع للاتفاق وضمان سلام دائم لكل من أوكرانيا وروسيا".
ولم يستجب مجلس الأمن القومي الأميركي فوراً لطلب التعليق.
سعى زيلينسكي إلى جذب حلفاء أوكرانيا للاستثمار في البلاد كجزء من ما يُسمى بخطة النصر التي وضعها، وذلك للمساعدة في تأمينها ضد أي عدوان روسي مستقبلي. وطرح ترمب مطالبه الخاصة باتفاقية للوصول إلى المعادن الحيوية في أوكرانيا بعد توليه منصبه بفترة وجيزة في يناير، كتعويض عن الدعم الأميركي في الحرب.
وسعى ترمب إلى إبرام اتفاق مع أوكرانيا، كما حثّ زيلينسكي والرئيس الروسي فلاديمير بوتين على التوصل إلى اتفاق لإنهاء الحرب. وحتى الآن، ضغطت الولايات المتحدة على أوكرانيا لتقديم سلسلة من التنازلات، بما في ذلك احتمال التخلي عن مطالبها بالأراضي التي تحتلها روسيا، دون أن تُقدّم أي مطالب تُذكر لبوتين.
حصلت أوكرانيا على وضع مرشح لعضوية الاتحاد الأوروبي في عام 2022، ومن المقرر أن تبدأ محادثات الانضمام للحصول على العضوية الكاملة، والتي قد تستغرق سنوات لإتمامها. ومن المرجح أن يزداد الأمر تعقيداً إذا كانت للولايات المتحدة سيطرة فعلية على قرارات الاستثمار التي تغطي قطاعات واسعة من اقتصاد أوكرانيا.
أوكرانيا بين الشراكة الأوروبية والاتفاق الأميركي
سبق أن صرّحت أوكرانيا بأن أي اتفاق مع الولايات المتحدة يجب ألا يتعارض مع اتفاقية شراكتها مع الاتحاد الأوروبي. كما رفضت سابقاً مساعي الولايات المتحدة لإدراج دعم واشنطن السابق لأوكرانيا كمساهمة منها في الصندوق المشترك.
ووفقاً لمسودة الوثيقة، ستسيطر مؤسسة تمويل التنمية الدولية الأميركية (DFC) على صندوق الاستثمار من خلال ترشيح ثلاثة من أصل خمسة أعضاء في مجلس الإدارة، وامتلاك "حصة ذهبية" تمنحها حقوق تصويت خاصة لعرقلة قرارات معينة. وستُعيّن أوكرانيا الاثنين الآخرين، وستُمنع من التدخل في الإدارة اليومية للصندوق.
ستُلزم حكومة كييف بإيداع 50% من أرباحها من جميع مشاريع الموارد الطبيعية والبنية التحتية الجديدة في الصندوق. وستحتفظ الولايات المتحدة بالحق في كامل الأرباح، بالإضافة إلى عائد سنوي بنسبة 4%، إلى حين استرداد استثماراتها، وفقاً للمسودة.
ستُلزم أوكرانيا بعرض جميع المشاريع على الصندوق للمراجعة "في أقرب وقت ممكن"، مع حصول مؤسسة تمويل التنمية الدولية على مقاعد في مجلس الإدارة أو الإشراف على جميع البرامج الممولة. وستُمنع كييف من عرض المشاريع المرفوضة على جهات أخرى بشروط "أفضل مادياً" لمدة عام واحد على الأقل.
علاوةً على ذلك، ووفقاً للمسودة، يحق للحكومة الأميركية شراء المعادن والنفط والغاز الأوكرانية قبل أي أطراف أخرى بشروط تجارية، بغض النظر عمّا إذا كان الصندوق هو من يمول المشروع أم لا.
كما يمنع الاتفاق، الذي لا يتضمن أي حد زمني، كييف من بيع المعادن الأساسية إلى دول تُعتبر "منافساً استراتيجياً" للولايات المتحدة.