
الشرق
فيما تتزايد احتمالات التوصل إلى وقفٍ لإطلاق النار بين روسيا وأوكرانيا مع مرور الوقت، خاصةً بعد الاتفاق على هدنة بوساطة أميركية في الرياض تخص البحر الأسود وتضع آليات لحظر استهداف البنية التحتية للطاقة، يبرز تساؤل عمّا إذا كانت نهاية الحرب الممتدة منذ 3 سنوات ستؤدي إلى تقليص زخم الأثرياء الروس في سوق عقارات دبي؟.
"بلومبرغ إيكونوميكس" تناولت هذا الموضوع بتقريرٍ من إعداد زياد داود وأليكس إيزاكوف، أشار بدايةً إلى أن التقديرات التي تشير إلى انتقال ما بين 100 إلى 700 ألف روسي للعيش في دبي منذ اندلاع الحرب "مضخّمة للغاية، ما يخفف من حدّة التأثير المحتمل لخروج الروس من الإمارة على السوق العقارية". في وقتٍ تواصل دبي جذب جنسيات متعددة، وسط طلب قوي من مشترين أجانب، بما يحافظ على زخم السوق، وفق التقرير.
شهد القطاع العقاري في دبي تقلبات حادّة خلال العقد الماضي، إلا أن الطفرة الحالية طويلة الأمد وجاءت مدفوعة باستجابة الحكومة السريعة للجائحة وبرامج التأشيرات المرنة. وحصدت الفلل الفاخرة على جزر النخلة والواجهات البحرية اهتماماً خاصاً من مستثمرين أثرياء، من بينهم روس يسعون لحماية ثرواتهم، ومليونيرات العملات المشفرة، ومصرفيون غادروا آسيا.
كم عدد الروس فعلاً في دبي؟
من غير المرجح أن يكون نصف مليون روسي قد وصلوا إلى دبي، فهذا يعادل تقريباً إجمالي عدد النازحين من روسيا منذ بدء الحرب، والذي يقدَّر بين 500 و650 ألفاً. كما أن عدد السكان في دبي لم يرتفع منذ 2020 سوى بـ400 ألف نسمة، ما يجعل هذا الرقم غير منطقي. حتى 100 ألف روسي يُعد تقديراً مرتفعاً؛ فجورجيا وحدها استقبلت مثل هذا العدد، كونها كانت الوجهة الأولى للنازحين في 2022 و2023. كما أن الإمارات لا تأتي ضمن الوجهات العشر الأهم للهجرة الروسية، والتي تضم كازاخستان وأرمينيا وتركيا، كما أفاد تقرير "بلومبرغ إيكونوميكس".
البيانات السكانية تشير إلى أن عدد سكان دبي نما بـ180 ألف شخص بين عامي 2021 و2023، من ضمنهم 30 ألف ولادة سنوية، ما يترك قرابة 120 ألف وافد جديد، ليس جميعهم من الروس.
الرقم الأقرب للواقع، وفق حسابات "بلومبرغ إيكونوميكس"، يشير إلى أن 25 ألف روسي فقط انتقلوا إلى دبي. فاستطلاعات الرأي تُظهر أن 2% من المهاجرين الروس اختاروا الإمارات، وحتى لو تضاعفت النسبة إلى 5% واعتبرنا أن جميعهم سكنوا في دبي، يبقى الرقم في حدود 25 ألفاً فقط.
هذا ما يتماشى مع تقييم "إس آند بي غلوبال" الأخير، الذي استبعد أن تؤثر نهاية الحرب بشكل كبير على القطاع العقاري في الإمارات، حتى لو أقدم الروس على بيع ممتلكاتهم، نظراً لاستمرار الطلب القوي والنمو السكاني.
السياحة الروسية.. العامل المُضلّل
إذاً لماذا يبدو أن الروس انتقلوا بأعداد أكبر؟ السبب الرئيسي الذي خلُص إليه تقرير "بلومبرغ إيكونوميكس" هو: السياحة. فقد زار مليونا روسي الإمارات في 2024، بمعدل 160 ألفاً شهرياً تقريباً، وهو رقم قريب من تقديرات "الهجرة". كما ساهمت عمليات الشراء العقاري البارزة وارتفاع الأسعار المفاجئ عقب اندلاع الحرب، في خلق انطباع خاطئ بأن الروس يقيمون إقامة دائمة، بينما الغالبية مجرد زوار.