ليام دينينغ: هل تستمر حظوة ماسك في البيت الأبيض؟

أغنى إنسان على وجه الأرض يغامر بخسائر جمة إن بدأت أهميته لدى الرئيس دونالد ترمب تتلاشى

time reading iconدقائق القراءة - 9
إيلون ماسك خلال حفل تنصيب الرئيس دونالد ترمب في ولايته الثانية - بلومبرغ
إيلون ماسك خلال حفل تنصيب الرئيس دونالد ترمب في ولايته الثانية - بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

يجعل مزيج من الثراء والشهرة إيلون ماسك مختلفاً عمّن سواه من رجال الأعمال الساعين لخطب ود البيت الأبيض، ناهيك عن مجموعته الواسعة من شركات التقنية الفائقة حول العالم (وفي سمائه). وقد دفع دوره البارز في إدارة الرئيس دونالد ترمب، بصفته من يتولى من حيث الأمر الواقع وزارة الكفاءة الحكومية، بعض المراقبين إلى وصفه بـ"الرئيس المشارك".

لكن الدفعة التي أتت من ترمب لأهم أصول ماسك، وهي أسهم شركة ”تسلا“، تبخرت الأسبوع الماضي. لقد جلب قرب ماسك من الرئيس دعماً أولياً لثرائه، إذ بلغت ثروته زهاء 500 مليار دولار في أواسط ديسمبر، وفقاً لمؤشر بلومبرغ للمليارديرات. ويعكس الانخفاض اللاحق إلى 314 مليار دولار، جزئياً، التأثير السلبي لهذا القرب على علامة ”تسلا“ التجارية.

لقد ظهرت مؤشرات هذا الشهر على أن مقاربة ماسك المفرطة للكفاءة الحكومية، التي أعمل فيها التخفيضات، تثير غضب بعض أعضاء حكومة ترمب. وتُمثل هذه المؤشرات مجتمعةً أولى بوادر الاضطراب في علاقة تحدد شكل سياساتنا الراهنة.

هل يعرّض ماسك نفسه لخطر؟

انضم كثير من عمالقة الأعمال إلى دائرة ترمب منذ توليه الرئاسة في 2017، وسرعان ما فقد كثير منهم مكانتهم. ولو كان سيحل بماسك هذا المصير، فإن ربطه المُحكم لهويته وتاريخه المؤسسي بالرئيس سيجعله هو وإمبراطوريته التجارية عُرضةً للخطر.

ما يزال ماسك أثرى الناس برغم انخفاض أسهم ”تسلا“ 40% هذا العام. لكن حصته في شركة صناعة السيارات الكهربائية، وهي الشركة الوحيدة المُدرجة من مجموعة تضم أيضاً شركتي ”سبيس إكسبلوريشن تكنولوجيز“ و“إكس هولدينغز“، تُمثل أوضح مصدر لسيولته الشخصية.

ماسك يعتزم مضاعفة إنتاج "تسلا" في أميركا دعماً لترمب

منذ حوالي عام، قدم ماسك 58% من أسهمه في الشركة كضمان لقروض. عندما كان يشتري شركة ”تويتر“، التي أصبحت تُعرف الآن باسم ”إكس“، باع أسهماً في ”تسلا“ بقيمة عشرات مليارات الدولارات. وبعد أن ارتدت قليلاً عن أدنى مستوى بلغته يوم 10 مارس، ما يزال تسعير سهم "تسلا" مرتفعاً، إذ يداني 90 ضعف ربحيته المُتوقعة، مُقارنةً مع 21 ضعفاً لأسهم مؤشر ”ستاندرد آند بورز 500“. وقد بدأ بعض المحللين بخفض تقديراتهم وأهدافهم السعر قبل نتائج الربع الأول نظراً للانخفاضات الكبيرة في مبيعات السيارات في أوروبا والصين.

سهم ”تسلا“ ليس مجرد أصل بالنسبة لماسك، بل أصبح أشبه باستطلاع رأي، أي أنه بمثابة سبر مستمر للنظرة إلى ماسك في عصر وزارة الكفاءة الحكومية، ويمكن تلخيصه بأنه نشوة تحولت إلى خيبة أمل يصحبها شيء من الذعر.

تردي سهم "تسلا"

إن التخارجات الأخيرة من السهم من منظور التغير على مدى 30 يوماً تفوق حتى الانهيار الذي حدث في أواخر 2022، عندما كان ماسك يبيع أسهماً خلال استحواذه على ”تويتر“، وقد كان ذلك أشد تردياً منذ تفشي جائحة كوفيد-19.

إنفوغراف: "تسلا" تفقد 360 مليار دولار من قيمتها السوقية

لناحية المستثمرين، اصطدمت أحلامهم بأن ترمب سيساعد على إطلاق ثورة ”روبوتاكسي“ من خلال تخفيف اللوائح الناظمة بتزايد الأدلة على أن دخول ماسك إلى الحكومة يضر بالعلامة التجارية لشركة صناعة السيارات الكهربائية فيما تحتاج إلى كل مساعدة ممكنة.

يتزامن هذا مع علامات توتر في البيت الأبيض. فقد كشف تقرير لصحيفة نيويورك تايمز من كواليس اجتماع وزاري عُقد حديثاً عن توترات حول دور ماسك. وعارض كثير من الأعضاء، وبينهم وزير الخارجية ماركو روبيو، تخفيضات ماسك الشاملة للوظائف -وسخروا منه على ما يبدو- على مسمع منه ومن ترمب.

دعم لكن مع كبح صلاحيات


جاء في التقرير أن الرئيس أشار إلى استمرار دعمه لماسك، لكنه قلص من سلطته، قائلاً إن الوزراء سيكونون مسؤولين عن التخفيضات في وزاراتهم، بينما يقتصر دور وزارة الكفاءة الحكومية على تقديم المشورة. بُعيد ذلك ظهر ماسك في مقابلة تلفزيونية أشار فيها تحديداً إلى الإنفاق على الاستحقاقات كهدف رئيسي لخفض النفقات، وهو ما يبدو متعارضاً مع وعد ترمب بعدم المساس بمزايا الضمان الاجتماعي وبرنامج ”ميديكير“ للرعاية الصحية.

أحاط ترمب نفسه بعدد من عمالقة الشركات في بداية ولايته الأولى. وقد كان مفتوناً في مقتبلها بمكاناتهم ومهاراتهم التجارية، إلا أن الرئيس اختلف في النهاية مع عدد منهم، ما أدى إلى إقالة شخصيات بارزة واستقالات من إدارة اتسمت بالتغيير المستمر. 

ريكس تيلرسون، الرئيس التنفيذي السابق لشركة ”إكسون موبيل“ وكانت آنذاك من بين أغلى 10 شركات مدرجة في العالم، جلب خبرة عالمية وميزات الشخصية التكساسية إلى دوره كوزير للخارجية. وقد غادر منصبه بعد أكثر من عام بقليل وسط تقارير عن خلافات في السياسات، ومعارك مع صهر ترمب جاريد كوشنر، لكن الأهم من ذلك كانت المزاعم بأن تيلرسون وصف الرئيس بأنه ”أحمق".

غاري كوهين، الرئيس التنفيذي السابق للعمليات في مجموعة ”غولدمان ساكس“، استمر في منصبه كمدير للمجلس الاقتصادي الوطني لمدة تداني ذلك، فقد استاء من رد فعل ترمب المُبهم على عنف العنصريين البيض في مسيرة شارلوتسفيل في 2017 ومن خسارته للمعركة الداخلية ضد استخدام الرسوم الجمركية.

توقعات بتباعد ترمب عن ماسك

غذّى هذا التاريخ، بالإضافة إلى طبيعة شخصيتي ماسك وترمب، تكهنات بأن هذا الثنائي الغريب سينفصل في نهاية المطاف كنتيجة لضخامة الذات لديهما. أما راهناً، فما يزال ما يُقدّمانه أحدهما للآخر متماسكاً بقدر كبير. ما يزال ماسك يتمتع بحظوة لدى الرئيس وبنفوذ، سواء رسمياً أو غير رسمي، على الجهات المسؤولة عن تنظيم شركاته أو تتعاقد معها. ويستفيد ترمب من وجود متبرع ثري بارز يسيطر على منصة تواصل اجتماعي كبيرة، ويستطيع أن يلعب دور قوة شبه مستقلة وفعّالة في مختلف أنحاء البيروقراطية الاتحادية.

ترمب يعتزم شراء سيارة "تسلا" لدعم ماسك بعد انخفاض أسهم الشركة

لكن قرار ترمب بتحويل البيت الأبيض إلى صالة عرض لسيارات ”تسلا“ هذا الأسبوع دعماً لماسك كان بمثابة إعلان غريب بأن الأمور ليست على ما يُرام. إذ إن شركة سيارات ناجحة لا تحتاج إلى تعهد رئاسي باعتبار المتظاهرين في منافذ بيعها إرهابيين محليين.

لقد أظهرت استطلاعات رأي حديثة أن غالبية الأميركيين يحملون آراء سلبية تجاه ماسك ووزارة الكفاءة الحكومية. وتتزامن سلسلة انتكاسات ماسك الأخيرة مع مؤشرات مقلقة على تراجع شعبية ترمب في بداية ولايته. فقد انقلب صافي نسبة تأييده من 6.2% موجبة عند تنصيبه إلى 0.7% سالبة، وفقاً لمتوسطات جمعتها ”ريل كلير بوليتيكس“ (RealClearPolitics). 

سوق الأسهم، وهو مقياس آخر يتعامل معه ترمب أحياناً على أنه استفتاء، شهد اضطراباً حاداً في مواجهة سياسات الرسوم الجمركية المتقلبة، إذ فقد مؤشر ”ستاندرد آند بورز 500“ ما فاق جميع المكاسب التي سجلها بعد الانتخابات. وأظهر استطلاع من شبكة ”سي إن إن“ أن نسبة التأييد لطريقة تعامل ترمب مع الاقتصاد أقل مما شهدته ولايته الأولى.

أهمية الولاء لدى ترمب

إن احتضان ماسك الوثيق والاستعراضي لترمب، وقد استبدل القبعة الحمراء التي تحمل شعار "لنعد لأميركا عظمتها“ بأخرى سوداء تحمل الشعار ذاته، يُعجب الرئيس الذي يعتبر الولاء أولوية لديه. كما يُضعف موقف ماسك إن بدأ يرى مؤشرات تنذره بخطر، خاصةً إن شعر الرئيس بضغوط في الوقت نفسه.

إن ترمب متقلب المزاج. فإن واجه رد فعل عنيفاً بسبب تخفيض الاستحقاقات على سبيل المثال، أو بسبب انتكاسة كبيرة مثل ركود في الاقتصاد، قد يُقرر أن يحمّل ماسك المسؤولية نيابةً عنه. ولا ننسى أن الرجلين كان لهما تاريخ من التنابذ قبل تحالفهما العام الماضي.

وكالات أميركية توصي موظفيها بتجاهل طلب ماسك إفشاء معلومات

من ستكون له الأفضلية في مثل هذا الانفصال؟ قد يفتقد ترمب أموال ماسك ومتابعيه وتوافقه الخوارزمي على منصة "إكس“. لكن على المقلب الآخر، جلب العقد الماضي أدلةً دامغة على استدامة قاعدة ترمب الجماهيرية، وهو غير مؤهل للترشح للرئاسة مجدداً على أي حال. علاوة على ذلك، فإن قدرة ترمب على تحويل تركيز الجهات التنظيمية الاتحادية، بالإضافة إلى متابعيه، ضد شركات ماسك من شأنها ردع أي هجوم مضاد.

إن سعي ماسك، كما جاء في تقارير إعلامية، للمساهمة بمبلغ 100 مليون دولار إضافي لمجموعات موالية لترمب لا يُبرز فقط محسوبية حدث ”تسلا“ في البيت الأبيض، بل يلمّح أيضاً إلى وجود حاجة لأن يجدد مساهماته.

يعود الانخفاض الأخير في سهم ”تسلا“ جزئياً إلى رد فعل عنيف على العلاقة مع ترمب. ومن المفارقات، أن تصوير الرئيس كما لو أنه مسؤول مبيعات لـ”تسلا“ هذا الأسبوع سيعمّق بالتأكيد رد الفعل هذا. بعدما غرس ماسك السياسة بعمق في قضية الاستثمار في ”تسلا“، وفي شركاته الأخرى، يجب عليه الآن أن يتقبل حقيقة أن ما يجلبه ترمب، قد يأخذه ترمب.

هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات

قصص قد تهمك

النشرة البريدية
تعرف على أحدث الأخبار والتحليلات من اقتصاد الشرق مع بلومبرغ
سجل الان

تغيير حجم الخط

واشنطن

10°C
سماء صافية
العظمى / الصغرى /11°
16.7 كم/س
42%

فى هذا المقال

نستخدم في موقعنا ملف تعريف

نستخدم في موقعنا ملف تعريف الارتباط (كوكيز)، لعدة أسباب، منها تقديم ما يهمك من مواضيع، وكذلك تأمين سلامة الموقع والأمان فيه، منحكم تجربة قريبة على ما اعدتم عليه في مواقع التواصل الاجتماعي، وكذلك تحليل طريقة استخدام موقعنا من قبل المستخدمين والقراء.