
الشرق
قال وزير المالية اللبناني ياسين جابر، إن الإصلاح لن يكتمل دون محاسبة ومساءلة المسؤولين عن الفشل المالي الذي شهده لبنان خلال العقود الماضية، مشيراً إلى أنه سيتم اعتماد آلية لاستعادة أموال المودعين تدريجياً.
جابر أوضح في مقابلة مع "اندبندنت عربية"، أن "استقرار الدولار يتطلب استعادة ثقة الأسواق المالية والمستثمرين، مما سيسهم في زيادة تدفق العملات الصعبة إلى البلاد"، معتبراً أن "التحكم في سعر الصرف لا يعني تثبيته عند مستوى معين، بل يجب أن تكون هناك مرونة في التحرك وفق المعطيات الاقتصادية المتغيرة".
يعاني لبنان من استمرار تذبذب سعر صرف الدولار وتأثيره في الاقتصاد منذ انفجار الأزمة الكبيرة عام 2019، حيث تدهور معها سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية من 1500 ليرة إلى نحو 89 ألفاً.
وفيما يخص أزمة أموال المودعين، شدد جابر على أن الحكومة لن تلجأ إلى شطب الودائع، بل ستعتمد آلية منظمة لاستعادتها تدريجاً.
كان الوزير قد أوضح في مقابلة مع "الشرق" مطلع الشهر الجاري، أن "شطب الودائع في البنوك أمر ليس وارداً"، مشدداً على أن التركيز ينصب على تعيين حاكم جديد "يقدم خطة نقدية ويعالج موضوع الودائع. وبعد إنجاز ذلك، تتم معالجة موضوع الدائنين، حيث تم توجيه المصارف بتأجيل موضوع الدائنين حتى عام 2028 تقريباً".
حاكم جديد لمصرف لبنان خلال أسبوعين
توقع جابر أن يتم اختيار حاكم جديد لمصرف لبنان خلال أسبوعين، مشيراً خلال مقابلة اليوم، إلى أن "الحكومة ستعمل على تعيين حاكم جديد قبل نهاية الشهر الجاري، على أن يكون شخصاً له إطلالة خارجية ويملك كفاءة وخبرة في القطاعين المالي والنقدي، ويكون قادراً على قيادة مرحلة إصلاحية حاسمة داخل المصرف المركزي والقطاع المصرفي ككل".
يأتي هذا التغيير ليكون الأول في قيادة مصرف لبنان منذ أكثر من ثلاثة عقود، بعد أن شغل رياض سلامة المنصب لأربع ولايات بين عامي 1993 و2023. وخلال تلك الفترة، كان سلامة ثابتاً وسط العديد من الأزمات التي شهدتها البلاد، فيما مثّل البنك المركزي دعامة أساسية في تحقيق الاستقرار المالي. إلا أن الأوضاع تغيرت جذرياً في عام 2019، عندما دخل لبنان في أزمة مالية خانقة أدت إلى انهيار سعر الصرف.
واعتبر جابر أن أولويات الإصلاح تشمل تعيين الهيئات الناظمة وتفعيل القوانين الإصلاحية وتحسين الجباية الضريبية ورقمنة وزارة المالية، إلى جانب معالجة أزمة سعر الصرف والدين العام، وتعزيز التعاون مع المؤسسات الدولية.
وشدد جابر على أن "الحكومة أصدرت موازنة عام 2025 بمرسوم سريع لضمان الانتظام المالي، متجاوزة الضغوط المطالبة بإعادة دراستها"، مؤكداً أن "تحسين الجباية الضريبية وإصلاح قطاع الجمارك من الأولويات الضرورية لإعادة التوازن المالي إلى الدولة".
كما أشار إلى العمل على "مشروع رقمنة وزارة المالية عبر إنشاء مركز بيانات موحد (Data Center) لجمع كل المعلومات المالية والضريبية والعقارية، مما يسهم في تحسين الأداء الحكومي ومكافحة الفساد الإداري".
يحتاج لبنان لنحو 11 مليار دولار لتحقيق التعافي وإعادة الإعمار، وفقاً لتقرير صادر عن البنك الدولي يرصد الأضرار والخسائر والحاجيات في عشر قطاعات رئيسية، تم إعداده بناء على طلب من الحكومة اللبنانية.