
بلومبرغ
أمضى رئيس زيمبابوي، إيمرسون منانغاغوا، ست سنوات في تعزيز علاقاته مع الإمارات العربية المتحدة، مما منح طوق نجاة لبلد تجاهله الغرب على مدى 25 عاماً ويعاني من عدم القدرة على سداد قروضه للصين.
تجاوزت الدولة الخليجية الثرية الصين لتصبح أكبر شريك تجاري للدولة الغنية بالموارد، ومنذ عام 2022، استثمرت 1.4 مليار دولار في كل المجالات بما في ذلك تجارة الذهب والعقارات. وتشكل هذه الخطوات جزءاً من جهود أوسع نطاقاً تبذلها الإمارات لتعزيز النفوذ في جميع أنحاء أفريقيا، مما جعلها الدولة التي تتعهد عادة بأكبر قدر من الاستثمار الأجنبي المباشر في القارة.
اقرأ المزيد: الزيودي لـ"الشرق": تقارب تجاري كبير للإمارات مع أفريقيا في 2025
"انتقلت الإمارات في غضون بضع سنوات من كونها لاعباً غير بارز في التجارة (بزيمبابوي) إلى أن تصبح الشريك التجاري الأهم للبلاد"، وفقاً لما قاله إلدريد ماسونونغوري، أستاذ العلوم السياسية في جامعة زيمبابوي.
في جبل هامبدن، على بُعد 11 ميلاً شمال شرق هراري، يعمل رجل الأعمال المقيم في دبي، شاجي أول ملك، الذي يملك شركة "ملك الدولية"، على تطوير "مدينة إلكترونية" رائدة مخصصة للأثرياء، لتحل محل العاصمة التي تعاني من التدهور.
أبرمت بورصة دبي للذهب والسلع اتفاقية لإنشاء سوق للذهب، كما تخطط شركة التعدين "بلوفين غولد غروب" (Bluefin Gold Group) لتأسيس أعمال في زيمبابوي. الدولة الخليجية الغنية بالنفط هي أيضاً من بين أكبر خمسة مصادر للاستثمار الأجنبي المباشر بشكل مستمر لدى الدولة الواقعة في جنوب أفريقيا، حسب وكالة الاستثمار والتنمية في زيمبابوي، ولا تعتزم التراجع عن ذلك.
اقرأ المزيد: بلومبرغ: الإمارات تكثف صفقاتها في أفريقيا وتتفوق على لاعبين تقليديين
تسعى الإمارات إلى الحفاظ على علاقاتها مع زيمبابوي وتوسيعها بما يتماشى مع أهداف سياستها الخارجية الأشمل، وفقاً لما قاله مسؤول إماراتي طلب عدم الكشف عن هويته. ومع ذلك، قد يكون الحذر مطلوباً نظراً لحالة اقتصاد زيمبابوي. فقد تضخمت ديون الدولة الواقعة في جنوب أفريقيا لتصل إلى 21 مليار دولار منذ تخلفها عن سداد ديون في عام 1999.
المحاولة السادسة لزيمبابوي في إصدار عملة محلية مستقرة خلال 16 عاماً تواجه التعثر بعد أقل من تسعة أشهر على طرحها. يعتمد الاقتصاد بشكل كبير على القطاع غير الرسمي، فيما يستمر التضخم المرتفع وهو نقطة ضعف رئيسية، مما يجعل ازدهار الشركات الكبرى أمراً صعباً.
البترودولار
تستخدم دول الخليج عائدات النفط (البترودولارات) بشكل متزايد لتعزيز نفوذها في أفريقيا، في حين تقلّص الصين قروضها للقارة، وتخفّض أوروبا وجودها، بينما تزداد الولايات المتحدة تركيزاً على شؤونها الداخلية.
استثمرت الإمارات العربية المتحدة 110 مليارات دولار في أفريقيا، موزعة على قطاعات التجارة، والاستثمار، والطاقة المتجددة، والخدمات اللوجستية، والأمن الغذائي، والبنية التحتية، وفقاً للحكومة الإماراتية.
تستثمر الإمارات في مشاريع استراتيجية بهدف تحقيق عوائد مالية كبيرة، حسبما قال جيم كرين، الباحث الزميل في معهد بيكر للسياسات العامة بجامعة رايس في هيوستن.
وأضاف أن الشركات المستثمرة، التي ترتبط أغلبها بالدولة، تستهدف البلدان التي يمكنها من خلالها تعزيز المصالح الاستراتيجية للإمارات، وهي "على استعداد لتجاهل بعض المخاطر التي تمنع الشركات من دخول هذه الأسواق المبتدئة". قال كرين: "توجد دوافع دبلوماسية تتجاوز الربحية، لكن من المتوقع تحقيق أرباح من هذه الاستثمارات".
اقرأ المزيد: "سيتي غروب": مستثمرو الخليج يتدفقون إلى أفريقيا بحثاً عن الصفقات
خلال العام الماضي، وافقت القابضة "ADQ"، أحد صناديق أبوظبي السيادية، على استثمار 35 مليار دولار في مصر، تم تخصيص معظمها لتطوير أراضٍ مميزة (رأس الحكمة) على سواحل البحر المتوسط للدولة الواقعة في شمال أفريقيا. وأنقذت الصفقة الاقتصاد المصري من أسوأ أزمة للعملة الأجنبية في عقود.
اقتصاد معزول
قرار الإمارات بالاستثمار في زيمبابوي، جاء بعد زيارة الرئيس إمرسون منانغاغوا للبلاد في عام 2019، ضمن جولة تهدف لجذب الاستثمارات إلى اقتصاد كان في حالة انهيار ومعزول عن أسواق رأس المال بسبب العقوبات، والتخلف عن سداد الديون، وعقود من سوء الحكم تحت قيادة روبرت موغابي.
جذب الذهب في زيمبابوي الاستثمارات الإماراتية، حيث أصبح "نقطة مضيئة" للاقتصاد، كما قال لايل بيغبي، المحلل الاقتصادي في "أوكسفورد إيكونوميكس". وفي العام الماضي، ارتفع الإنتاج إلى مستوى قياسي بلغ 36 طناً.
اقرأ المزيد: ذهب أفريقيا بين الملاذات الآمنة وعصابات التهريب المحلية
أوضح مسؤولون كبار في إدارة منانغاغوا خلال عام 2019، أن العلاقات مع الإمارات العربية المتحدة أمدّت زيمبابوي "بخيارات للبقاء" على الصعيد الاقتصادي، وما زالت تفعل، كما قال حسنين مالك، استراتيجي أسواق المال الناشئة لدى شركة "تيليمر" (Tellimer) ومقرها في دبي.
وأشار مالك إلى أن "تدفقات الاستثمارات الإماراتية ليست كبيرة بما يكفي، بمفردها، لبناء الاحتياطيات الأجنبية اللازمة لدعم عملة مستقرة".
كما أوضح بالقول "الحل الاقتصادي لزيمبابوي يتطلب معالجة متأخرات الديون السيادية، والالتزام بمسار مالي موثوق، والوصول إلى التمويل متعدد الأطراف، والاستثمار الأجنبي المباشر، وفي النهاية، السماح بتداول أكثر حرية للعملة".