إنفاق استهلاكي قياسي في الصين خلال موسم العطلات

حطم المستهلكون الصينيون أرقاماً قياسية في السفر وحضور دور السينما خلال عطلة رأس السنة القمرية، في موجة إنفاق لم تُترجم بعد إلى انتعاش أوسع في الاقتصاد الاستهلاكي.

صعدت إيرادات التذاكر إلى مستوى تاريخي بلغ 1.3 مليار دولار، فيما سجل عدد الرحلات الجوية والبرية خلال يوم واحد رقماً قياسياً في 3 فبراير. كما ارتفع عدد الرحلات عبر السكك الحديدية منذ بداية موسم السفر بمعدل 7% مقارنة بالعام الماضي، وفقاً لأحدث البيانات الرسمية الصادرة حتى يوم الإثنين.

على مستوى البلاد، ارتفعت إيرادات السياحة خلال العطلة التي استمرت ثمانية أيام بنسبة 7% على أساس سنوي لتصل إلى 677 مليار يوان (93.1 مليار دولار)،فيما زاد عدد الرحلات بـ6%، وفقاً لبيانات وزارة الثقافة والسياحة. بلغ متوسط الإنفاق اليومي لكل رحلة خلال العطلة حوالي 170 يواناً، وهو أعلى من العام الماضي لكنه لا يزال أقل من المستوى الذي كان عليه قبل الجائحة في 2019، وفقاً لحسابات "بلومبرغ".

لكن هذا النشاط القوي لم يترجَم إلى انتعاش أوسع في الشهر الماضي؛ حيث انخفض مؤشر مديري المشتريات لقطاع الخدمات في الصين الصادر عن "كايكسين" بشكل غير متوقع إلى أدنى مستوى في أربعة أشهر، رغم بقائه في نطاق النمو، وفقاً لتقرير صدر يوم الأربعاء.

اقرأ المزيد: الصين تفشل في تحقيق هدف الإنفاق المالي بسبب أزمة الإسكان

الإنفاق الاستهلاكي والتحفيز

قال اقتصاديون في "إتش إس بي سي هولدينغز" (HSBC Holdings)، بمن فيهم إيرين شين، في تقرير: "لا نزال متحفظين بشأن ما إذا كان زخم العطلة يمكن أن يتحول إلى نمو استهلاكي مستدام دون مزيد من التحفيز". أضافوا أن "دفعة إضافية من السياسة المالية الدورية ستكون ضرورية على الأرجح لتعزيز النشاط الاقتصادي في الأشهر المقبلة، لا سيما في ظل استمرار حالة عدم اليقين على الصعيد الخارجي".

سيكون أداء الاقتصاد الاستهلاكي محور الاهتمام في الصين، خاصة بعد أن دخلت البلاد في مواجهة تجارية جديدة مع الولايات المتحدة. ويُعد تحسين الطلب المحلي أمراً مُلحاً لتعويض تأثير الرسوم الجمركية الإضافية التي فرضتها إدارة ترمب هذا الأسبوع على الصادرات الصينية.

كان كبار المسؤولين، بقيادة الرئيس شي جين بينغ، أعلنوا في أواخر سبتمبر عن سلسلة من إجراءات التحفيز، ثم جعلوا تعزيز الاستهلاك أولوية قصوى للجهود الاقتصادية هذا العام، وهي المرة الثانية فقط التي يحدث فيها ذلك خلال العقد الماضي على الأقل.

اقرأ أيضاً: المركزي الصيني يتعهد بزيادة دعم الابتكار وتحفيز الاستهلاك

العقارات والوظائف

ظل الاستهلاك الحلقة الأضعف في الاقتصاد منذ الجائحة، حيث أدى الركود الممتد في قطاع العقارات إلى تآكل ثروة الأسر والدخول، بينما أثرت سوق العمل المتعثرة على ثقة المستهلكين.

نتيجة لضعف الطلب المحلي مقابل الإنتاج القوي للسلع، انخفضت الأسعار عبر مختلف قطاعات الاقتصاد الصيني. من المتوقع أن تسجل البلاد هذا العام أطول فترة انكماش للأسعار منذ عقود، ما يهدد بحدوث دوامة هبوط تشمل الإنفاق والأجور وأرباح الشركات.

بدأت تظهر بوادر أولية على أن عقلية التقشف التي سادت المستهلكين بدأت تتغير أخيراً. فقد ارتفع متوسط إنفاق السياح لكل شخص بنسبة 2% في قوانغدونغ التي تعد أكبر اقتصاد إقليمي في الصين، كما زاد بنسبة 0.8% في تشجيانغ.

كذلك شهدت العديد من المناطق ارتفاعاً في مبيعات الهواتف الذكية بعد أن وسّعت الحكومة برنامج الإعانات الوطنية لاستبدال المنتجات الاستهلاكية ليشمل الهواتف والأجهزة الإلكترونية الأخرى.

وفقاً لبيانات وزارة التجارة التي نقلها التلفزيون المركزي الصيني، فقد تقدم نحو 15 مليون متسوق للحصول على الإعانة لشراء 18.9 مليون هاتف وجهاز إلكتروني بين 20 يناير و1 فبراير. يُذكر أن عطلة رأس السنة القمرية امتدت هذا العام من 28 يناير إلى 4 فبراير.

تكشف أولى مؤشرات الطلب المحلي في بداية العام عن انتعاش في الاستهلاك، حيث تجاوز في بعض المجالات مستويات النشاط التي كانت سائدة قبل "كوفيد-19".

وفقاً لبيانات إدارة الهجرة الوطنية، فقد أدى المقيمون في الصين حوالي 7.7 مليون رحلة خارج البر الرئيسي خلال العطلة، بزيادة 5% عن العام الماضي.

هذا الرقم أعلى من مستوى ما قبل الجائحة، حيث سُجلت 7.2 مليون رحلة في 2019، على الرغم من أن العطلة حينها كانت أقصر بيوم واحد مقارنة بعام 2024.

قال اقتصاديون في "سيتي غروب"، من بينهم يو شيانغرونغ، في مذكرة للعملاء: "الصين بدأت عام الثعبان بانطلاقة قوية".