مليارديرات ترمب يقدمون على قفزة جريئة

ينبغي تذكر إخفاقات تجربة الصين نتيجة قصور التفكير حين بالغت في الاستثمار

time reading iconدقائق القراءة - 6
أقطاب مال، بينهم إيلون ماسك وجيف بيزوس ومارك زوكربيرغ، في مراسم تنصيب دونالد ترمب رئيساً للولايات المتحدة الأميركية بمبنى الكابيتول، العاصمة واشنطن، 20 يناير 2025 - AFP
أقطاب مال، بينهم إيلون ماسك وجيف بيزوس ومارك زوكربيرغ، في مراسم تنصيب دونالد ترمب رئيساً للولايات المتحدة الأميركية بمبنى الكابيتول، العاصمة واشنطن، 20 يناير 2025 - AFP
- مقال رأي

مع ارتفاع أسهم شركات التقنية والعملات المشفرة، تنشأ ثروات جديدة كثيرة لدرجة أننا ننسى أحياناً أن نصف تريليون دولار بأنه مبلغ ضخم، حتى في عالم رأس المال الاستثماري، حيث بات مألوفاً أن يكون المرء مليارديراً.

إننا نشهد طرح أرقام فلكية. لقد أعلن الرئيس دونالد ترمب الأسبوع الماضي عن مبادرتين استثماريتين رئيسيتين في الولايات المتحدة.  المبادرة الأولى هي مشروع "ستارغيت" (Stargate) المشترك بين ”سوفت بنك“ و“أوبن إيه آي“ و“أوراكل“، والذي سيستثمر في البداية 100 مليار دولار لإنشاء بنية تحتية تشمل مراكز بيانات لصالح ”أوبن إيه آي“، ويهدف لتسخير "ما لا يقل عن" 500 مليار دولار في المستقبل.

ترمب يعلن عن "Stargate" أكبر مشروع لبنية الذكاء الاصطناعي التحتية

السعودية تسعى لزيادة استثماراتها وتجارتها مع أميركا بـ600 مليار دولار

في غضون ذلك، قال ترمب في كلمة عن بعد في المنتدى الاقتصادي العالمي في مدينة دافوس السويسرية إن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان يستطيع أن ”يجبر كسر“ مبلغ 600 مليار دولار وعد به كاستثمارات إضافية وتجارة مع الولايات المتحدة خلال السنوات الأربع المقبلة ليصبح تريليون دولار.

دروس من تجربة الصين

إن وضعنا جانباً مسألة حيازة ”سوفت بنك“ أو ”أوراكل“ أو حتى المملكة العربية السعودية للمال، فإن إقحام مليارات الدولارات في قطاعات التقنية المتقدمة والتصنيع قد يؤدي إلى تنافس خفِي وقصور في الكفاءة، من قبيل الدخول في استثمارات مكررة أو أن تصبح أموالاً لا مكاسب منها.

كانت آخر مرة أقدمت فيها دولة على مناورات كبرى كهذه بين 2015 و2018، عندما دفعت بكين مبادرة "صنع في الصين 2025" عبر ما يسمى "صناديق التوجيه". تعمل مجموعات الاستثمار المدعومة من الدولة هذه مثل رأس المال الجريء، وهذا ليس بعيداً عمّا تفعله المملكة العربية السعودية مع أداة ثروتها السيادية، صندوق الاستثمارات العامة. إنهم يوجهون الأموال إلى مجالات استراتيجية، مثل أشباه الموصلات والطاقة الجديدة والطب الحيوي.

لقد انخرطت في هذا جميع مستويات الإدارة الصينية، من الحكومة المركزية إلى الحكومات على مستوى المقاطعات. بحلول نهاية 2023، كانت الصين قد أنشأت أكثر من 2000 صندوق توجيهي بحجم مستهدف إجمالي يبلغ 12.2 تريليون يوان (1.7 تريليون دولار)، وبلغ رأس المال الذي جمعته 7.1 تريليون يوان، وفقاً لشركة ”زيرو تو آي بي أو“ (Zero2ipo)، وهي منصة خدمات استثمارية.

تباطأت وتيرة جمع الأموال بحدة بعد 2018 عندما بدأت تظهر المشاكل. أولاً، كان كثير من رأس المال يتجه نحو نفس الأسماء التجارية القليلة بدل أن يدعم الشركات الناشئة الأحدث. على سبيل المثال، في عملية تدقيق مالية، تساءل مجلس الدولة عن سبب استثمار كل من صندوق رأس المال الاستثماري الوطني للصناعات الناشئة وحجمه 40 مليار يوان، وصندوق الاستثمار في الصناعات التحويلية المتقدمة وحجمه 20 مليار يوان، لمليارات الدولارات في شركة واحدة هي ”بي واي دي“ (BYD) لصناعة السيارات الكهربائية.

ترمب يسير على خطى الصين؟

إصرار ترمب على أن يتم توجيه الاستثمارات داخل الولايات المتحدة يذكرنا بالتجربة الصينية أيضاً. في البداية، عندما كان الصندوق التوجيهي البلدي يستثمر 100 مليون دولار في صندوق رأس مال جريء، كان يلزم مدير المحفظة إنفاق ما بين 150 مليون إلى 300 مليون دولار في أعمال تجارية محلية أو في شركات مستعدة لنقل مقراتها أو بناء مصانع في تلك المنطقة. لكن هذا أدى إلى نزاعات بين المستثمرين، وقلّص حجم الأموال المستثمرة فعلياً. واليوم، خففت بعض الصناديق الإقليمية من قيودها، بحيث تطلب فقط أن يتم إنفاق 40% من أموالها محلياً، انخفاضاً حاداً عن المتطلبات التي كانت سائدة قبل عق.

خطة "صنع في الصين" تعود وقد نضجت
بطريقة ما، لا يختلف المليارديرات عن زعماء الحزب الشيوعي في بلديات الصين؛ فهم ذوو غرور كبير ولهم مشاريعهم المفضلة. الآن، أصبحت عشرات المدن الصينية موطناً لمجمعات صناعية للرقائق الإلكترونية، على الرغم من أن العديد منها صغير الحجم وغير فعال. فهل سنشهد مشهداً مشابهاً في الولايات المتحدة؟

هل هي وعود حقيقية؟

بطبيعة الحال، قد تكون بعض المليارات المطروحة مجرد كلمات جوفاء لإرضاء عتوّ ترمب، الذي لا يتردد في التهديد بفرض رسوم جمركية وعقوبات لتحقيق أهدافه.

على سبيل المثال، تريد السعودية استخدام صندوقها السيادي البالغ 925 مليار دولار لحث شركات محفظتها الاستثمارية على الاستثمار داخل المملكة بدلاً من التوجه إلى أسواق أخرى. في عام 2023، شكل صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر 1.2% فقط من الناتج المحلي الإجمالي، وهو أقل بكثير من الهدف البالغ 5.7% الذي حدده ولي العهد ضمن رؤية 2030. في الواقع، تقلصت محفظة الأسهم الأمريكية للصندوق السيادي السعودي العام الماضي، بعدما باع أسهماً في 18 شركة مع بداية 2024، ”غلوبال إس دبليو إف“ (Global SWF).

 فالتفاخر والتسرع قد يؤديان إلى إهدار وفوضى. وربما يجدر بترمب ومستشاريه التعلم من تجربة الرئيس الصيني شي جين بينغ مع صناديقه التوجيهية التريليونية قبل المضي قدماً في خططهم الاقتصادية العملاقة.

هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات

قصص قد تهمك

النشرة البريدية
تعرف على أحدث الأخبار والتحليلات من اقتصاد الشرق مع بلومبرغ
سجل الان
 Shuli Ren

Shuli Ren

Bloomberg Opinion columnist @bopinion
للإتصال بكاتب هذا المقال:@shuli_ren

تغيير حجم الخط

واشنطن

2 دقائق

7°C
غيوم قاتمة
العظمى / الصغرى /
16.7 كم/س
87%

ترمب يوقع على أوامر تنفيذية تدعم قطاعي التشفير والذكاء الاصطناعي

الأوامر تقضي بإنشاء فريق عمل لتقديم المشورة للبيت الأبيض بشأن سياسات الأصول المشفرة

time reading iconدقائق القراءة - 5
شعارات مضاءة بالنيون ترمز للعملات المشفرة \"بتكوين\" و\"إيثر\" في نافذة بورصة العملات المشفرة في وارسو، بولندا - المصدر: بلومبرغ
شعارات مضاءة بالنيون ترمز للعملات المشفرة "بتكوين" و"إيثر" في نافذة بورصة العملات المشفرة في وارسو، بولندا - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

وقع الرئيس دونالد ترمب على أوامر تنفيذية تتعلق بالعملات المشفرة والذكاء الاصطناعي، وهي خطوات قد تدعم صناعتين ناشئتين.

وانضم إلى الرئيس، مستشار البيت الأبيض لشؤون الذكاء الاصطناعي والعملات المشفرة، ديفيد ساكس، وهو مستثمر مغامر ومتبرع سياسي بارز.

تتضمن الأوامر الخاصة بالعملات المشفرة إنشاء فريق عمل لتقديم المشورة للبيت الأبيض بشأن سياسات الأصول المشفرة، مع إشراك وكالات فدرالية رئيسية مثل وزارة الخزانة، ووزارة العدل، ولجنة الأوراق المالية والبورصات، ولجنة تداول السلع الآجلة.

سيُكلَّف الفريق بتقديم تقرير إلى الرئيس خلال ستة أشهر تقريباً، يتضمن توصيات بإطار تنظيمي ومقترحات تشريعية، بما في ذلك تقييم إنشاء مخزون وطني من الأصول المشفرة.

قالت كارا كالفرت، نائبة رئيس السياسات الأميركية في شركة "كوين بيس غلوبال" (أكبر منصة لتداول العملات المشفرة في الولايات المتحدة): "هذا يغير الأساسيات تماماً على أرض الواقع. لدينا رئيس يتبنى الأصول المشفرة، ويؤسس مجلساً استشارياً يدرك الحاجة إلى خبرة غير حكومية. هذا أمر مثير للغاية".

مع ذلك، قوبلت الخطوة بردود فعل متباينة في مجتمع العملات المشفرة. حيث أعرب مؤيدو "بتكوين" عن خيبة أملهم نتيجة عدم الإعلان بشكل محدد أن العملة المشفرة الأكبر ستكون أساس الاحتياطي الوطني، كما تكهّن الكثيرون. وكان ترمب قد أيّد هذه الفكرة خلال حملته الانتخابية.

قال زهير ابتكار، مؤسس صندوق العملات المشفرة "سبليت كابيتال": "ما أرادته مجتمعات العملات المشفرة على إكس مختلف تماماً عن الواقع. إذا فكرت في الأمر، حتى شراء حكومة الولايات المتحدة لبتكوين واحد سيكون له تأثير كبير، لأن جميع الحكومات الأخرى ستتبعها. تقييم إمكانية إنشاء مخزون وطني من الأصول المشفرة سيعني التفاؤل، بقدر ما يمكن أن يكون الخبر حقيقياً".

انخفضت عملة "بتكوين" بنحو 1% لتصل إلى 102,750 دولاراً بعد الكشف عن الأوامر التنفيذية. ارتفعت العملة الرقمية الأصلية، التي تمثل أكثر من نصف قيمة سوق العملات المشفرة، بأكثر من 50% منذ انتخاب ترمب.

أشار ساكس إلى أن المجموعة ستجعل "أميركا عاصمة العالم للعملات المشفرة تحت قيادته"، في إشارة إلى ترمب. وأضاف أن إجراءات الذكاء الاصطناعي ستسمح للولايات المتحدة بـ"السيطرة والريادة في مجال الذكاء الاصطناعي".

وقال ترمب عن الإجراءات: "هل تجدها مثيرة؟ قد لا تكون كذلك، إلا أنها ستجلب الكثير من المال للبلاد".

تعد الأوامر التنفيذية خطوة كبيرة نحو الوفاء بوعده الانتخابي بأن يكون داعماً لصناعة العملات المشفرة الناشئة.

في حملته، تعهد بتبسيط اللوائح، وتعيين شخصيات صديقة للعملات المشفرة للإشراف على الصناعة، ودعم إطار عمل العملات المستقرة، وإنشاء مخزون من "بتكوين". وقد وفى بالفعل ببعض هذه الوعود، مثل تعيين العديد من رؤساء الوكالات الصديقين للعملات المشفرة.

كما أصدر عفواً عن روس أولبريخت، الذي أنشأ الموقع الشهير "سيلك رود"، والذي كان يبيع المخدرات غير القانونية باستخدام "بتكوين". أثارت هذه الخطوة دعماً كبيراً من مجتمع العملات المشفرة.

مثلت هذه الوعود تحولاً لترمب، الذي أعرب في الماضي عن تشككه في الأصول المشفرة، قبل أن يتبنى القطاع، عبر إطلاق مشاريعه الخاصة بالعملات المشفرة، وجذب المديرين التنفيذيين والمهتمين لدعم حملته.

في العام الماضي، أصدر ترمب مجموعة جديدة من الرموز غير القابلة للاستبدال تحمل صورته، وبالتعاون مع أبنائه أعلن عن "وورلد ليبرتي فاينانشال"، وهو مشروع لم يتم إطلاقه بعد، يعد بتقديم خدمات لتحقيق الأرباح واقتراض العملات المشفرة.

ثم في يناير، أطلق ترمب وزوجته عملتين رقميتين تحملان طابع الميم، واللتين حققتا بالفعل مليارات الدولارات كقيمة سوقية.

تعد هذه الأوامر التنفيذية أيضاً انتصاراً لصناعة بدأت تزداد مشاركتها السياسية في الانتخابات الماضية من خلال تبرعات كبيرة.

تصنيفات

قصص قد تهمك

نستخدم في موقعنا ملف تعريف

نستخدم في موقعنا ملف تعريف الارتباط (كوكيز)، لعدة أسباب، منها تقديم ما يهمك من مواضيع، وكذلك تأمين سلامة الموقع والأمان فيه، منحكم تجربة قريبة على ما اعدتم عليه في مواقع التواصل الاجتماعي، وكذلك تحليل طريقة استخدام موقعنا من قبل المستخدمين والقراء.