الشرق
لمح وزير المالية في مصر أحمد كجوك إلى إمكانية زيادة حجم الأجور، معتبراً أن هذا الأمر "أصبح ممكناً"، كما تعهد بخفض الدين الخارجي بواقع ملياري دولار سنوياً.
تصريحات الوزير التي جاءت مع لميس الحديدي في برنامج "كلمة أخيرة"، تتوافق مع ما كشفه مسؤول حكومي في أكتوبر الماضي، إذ أشار في تصريحات لـ"الشرق"، إلى أن الحكومة تعمل على إعداد حزمة اجتماعية جديدة تضمن زيادة الأجور للعاملين بالدولة، وأيضاً زيادة قيمة المعاشات الشهرية بما لا يقل عن 15%، فضلاً عن زيادة عدد المستفيدين من برنامج دعم الفقراء "تكافل وكرامة" مع رفع قيمته النقدية.
خصصت الحكومة المصرية 575 مليار جنيه لأجور الموظفين في العام المالي 2024-2025 وهو ما يمثل 10.4% من إجمالي الاستخدامات، وفق بيانات الموازنة. فيما خُصص 41 مليار جنيه لدعم برنامج "تكافل وكرامة"، الذي يبلغ عدد المستفيدين منه قرابة 21 مليون مواطن يمثلون 5.2 مليون أسرة، بحسب بيانات وزارة التضامن الاجتماعي.
وبالتزامن مع رفع أسعار العديد من الخدمات الحكومية والتي أثرت على معدلات التضخم، طبقت مصر حزمتين لتخفيف الأعباء المعيشية عن المواطنين بقيمة 240 مليار جنيه، الأولى كانت في سبتمبر 2023، حيث وجه الرئيس عبد الفتاح السيسي الحكومة إلى زيادة علاوة غلاء المعيشة الاستثنائية لموظفي القطاع العام لتصبح 600 جنيه، بدلاً من 300 جنيه، وبزيادة الحد الأدنى للدخل للدرجة السادسة، ليصبح 4 آلاف جنيه، بدلاً من 3500 جنيه، ثم في فبراير الماضي قررت الحكومة رفع الحد الأدنى للأجور 50% ليصل إلى 6 آلاف جنيه شهرياً.
خفض الدين الخارجي
أعرب الوزير عن قلقه من حجم الدين الخارجي للبلاد البالغ 152 مليار دولار، ولكنه تعهد بخفضه بنحو ملياري دولار سنوياً، "بحيث نقترض سنوياً أقل مما نسدد"، وفق تصريحاته.
ولفت أيضاً إلى وجود ديون واجبة السداد هذا العام على أجهزة الدولة قيمتها 16 مليار دولار، بالإضافة إلى ديون أخرى، مشيراً إلى أن 80% من هذه الديون ستسدد عبر موارد حقيقية وإضافية، و20% من خلال الاقتراض الميسر من المؤسسات الدولية، كاشفاً أن البلاد تستهدف طرح إصدارات دين جديدة بقيمة 3 مليارات دولار في الأسواق العالمية خلال النصف الأول من 2025، عبر مجموعة من الإصدارات التي تخاطب شريحة واسعة من المستثمرين.
وأوضح أيضاً أن شركات الدولة والأجهزة السيادية، من بينها هيئة المجتمعات العمرانية، ستسدد الضرائب للموازنة العامة للدولة بداية من العام المالي الجاري، أسوة بالقطاع الخاص، متوقعاً "حصيلة كبيرة من ضرائب هذه الشركات". ولفت أيضاً إلى أن "شركة العاصمة الإدارية للتنمية العمرانية" تسدد بالفعل الضرائب للخزانة العامة، حيث سددت 20 مليار جنية العام الماضي.
العلاقة مع صندوق النقد
في نهاية ديسمبر الماضي، توصل "صندوق النقد" إلى اتفاق مع مصر بشأن المراجعة الرابعة لبرنامج الدعم الموسع بقيمة 8 مليارات دولار، ما يتيح للقاهرة الحصول على الشريحة، شرط موافقة المجلس التنفيذي للصندوق.
التزمت مصر في اتفاقها مع الصندوق، بـ"تنفيذ حزمة إصلاحات تهدف إلى زيادة نسبة الإيرادات الضريبية إلى الناتج المحلي الإجمالي بمقدار 2% من الناتج المحلي الإجمالي على مدار العامين المقبلين، مع التركيز على إلغاء الإعفاءات، بدلاً من زيادة معدلات الضرائب"، وفقاً لما جاء في بيان صندوق النقد عند إتمام المراجعة الرابعة للصندوق.
البيان أكد آنذاك، على الحاجة لتنفيذ "حزمة إصلاحات شاملة لضمان أن تعيد البلاد بناء هوامش مالية لتقليل مخاطر الديون، وتوفير مساحة إضافية لزيادة الإنفاق الاجتماعي، لا سيما في مجالات الصحة والتعليم والحماية الاجتماعية".
كجوك أشار في تصريحاته إلى أن البلاد تتوقع الحصول على الشريحة الجديدة البالغة قيمتها 1.2 مليار دولار خلال يناير الجاري، مشدداً على أن البلاد لن تطلب زيادة قيمة البرنامج.
وأضاف: "تفاوضنا مع صندوق النقد على إلغاء الإعفاءات على الضريبة على القيمة المضافة، ليتم تقليصها إلى ما بين 3 إلى 4 سلع فقط، بدلاً من نحو 19 سلعة وخدمة".
برنامج الطروحات الحكومية
أطلقت الحكومة المصرية في الربع الأول من 2023، برنامجاً لطرح حصص في ما يصل إلى 40 شركة وبنكاً موزعة على 18 قطاعاً حتى مارس 2024، وجرى تمديده إلى ديسمبر 2024.
المراجعة الرابعة مع صندوق النقد تطرقت لبرنامج الطروحات، إذ شددت على "الحاجة إلى جهود أكثر حسماً لتوفير بيئة تنافسية وتقليل بصمة الدولة في الاقتصاد"، وتم الاتفاق على "الحاجة إلى بذل جهود إضافية لتسريع برنامج التخارج"، مشدداً على أن السلطات أعربت عن "التزامها بمضاعفة جهودها في هذا المجال"، وهو ما اعتبره الصندوق "أمراً بالغ الأهمية لدعم تطوير القطاع الخاص، وتقليل عبء الدين المرتفع".
في هذا السياق، أكد وزير المالية المصري أن عمليات طرح ما بين 3 إلى 4 شركات من بينها شركات تابعة للقوات المسلحة، ستتم خلال النصف الأول من السنة، مضيفاً أن نصف عدد الشركات سيتم طرحها في البورصة، أما العدد الباقي فسيكون لمستثمر استراتيجي.
توقعات بانخفاض التضخم
أقر الوزير بأن ارتفاع سعر صرف الدولار يؤثر على البلاد، ولكنه أيضاً "يساعد النشاط التصديري، وهو ما يزيد حصيلتنا من الضرائب والجمارك"، وفق تعبيره، مشدداً على أن "تعظيم التصدير هو شغلنا الشاغل حالياً".
وتوقع كجوك انخفاض معدلات التضخم وتكلفة التمويل بشكل كبير خلال السنة الجارية.
سجلت معدلات التضخم في مدن مصر في نوفمبر أدنى مستوى منذ نهاية 2022، لتصل إلى 25.5% على أساس سنوي، مقارنة بـ26.5% في أكتوبر.
التباطؤ هو الأول في أربعة أشهر منذ أن بدأ معدل التضخم في التسارع منذ أغسطس الماضي، وذلك عقب أن انعكست زيادات حكومية لأسعار الوقود وتذاكر القطارات ومترو الأنفاق في الآونة الأخيرة على القراءات الخاصة بالتضخم على مدى أغسطس وسبتمبر وأكتوبر المنصرمين. وسبق ذلك زيادة سعر رغيف الخبز المدعم 300% بنهاية مايو، في خطوة هي الأولى منذ أكثر من 3 عقود.
تتماشى قراءة التضخم مع توقع صندوق النقد الدولي أن تسيطر مصر على معدلات التضخم بوتيرة أسرع خلال العام الجاري، لتصل إلى 21%، بحسب البيانات الواردة في تقرير آفاق الاقتصاد العالمي الصادر في نوفمبر الماضي.
أبرز تصريحات الوزير:
- نحن بصدد الإعلان عن مبادرة جديدة لتحويل السيارات للعمل بالغاز الطبيعي على أن تتحمل الوزارة 70% من التكلفة.
- سددنا ما بين 25 إلى 30% من إجمالي المستحقات المتأخرة لشركات البترول الأجنبية.
- نحتاج لخفض الأعباء على الشركات التي توسعت أخيراً إلى أسواق السعودية والإمارات.
- لدينا مشكلة يجب تحليلها مع تحسين بيئة الاستثمار بحيث تكون أكثر سهولة وتنافسية.