بلومبرغ
تحظى الصين بخيارات وفيرة عندما يتعلق الأمر بالمعادن الحيوية التي يمكن أن تستخدمها ضمن أدوات الضغط في الحرب التجارية مع الولايات المتحدة الأميركية.
أعلنت بكين يوم الثلاثاء عن حظر يشمل مبيعات الغاليوم والجرمانيوم والأنتيمون والمواد فائقة الصلابة للولايات المتحدة الأميركية، إضافة إلى فرض قيود أكثر صرامة على تصدير الغرافيت. ويُرجح أن يكون هذا الإجراء مجرد بداية لسلسلة من القيود التصديرية التي قد تمتد لتشمل عشرات المواد ذات الاستخدامات المتخصصة إذا تصاعدت الحرب التجارية الأميركية الصينية.
بينت شركة "سيتيك سيكيوريتيز" (Citic Securities) في مذكرة للعملاء أن "هذا ربما يكون مجرد بداية لحماية الأمن القومي والدور الاستراتيجي للبلاد في الموارد المعدنية".
معادن مهمة للتكنولوجيا المتطورة
أشارت شركة الوساطة المدعومة من الدولة إلى قائمة تضم 10 سلع أساسية، بما فيها 17 عنصراً من العناصر الأرضية النادرة، إذ تتمتع الصين بدور بارز بوصفها منتجاً أو معالجاً رئيسياً لها. وتُعد هذه المعادن أساسية لتصنيع التكنولوجيا فائقة التطور، بما في ذلك الاستخدامات المزدوجة المرتبطة بالتطبيقات العسكرية.
جاءت القيود الجديدة التي فرضتها بكين بعد أن أعلن البيت الأبيض أمس الأول عن قيود إضافية على مبيعات الرقائق فائقة التطور إلى الصين، التي تصنعها شركات أميركية وأجنبية. وتسعى إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى إبطاء تطوير الصين لأنظمة أشباه الموصلات المتقدمة وتكنولوجيات الذكاء الاصطناعي التي ربما تعزز قدراتها العسكرية.
من جهته، هدد الرئيس المنتخب دونالد ترمب بفرض رسوم جمركية تصل إلى 60% على جميع البضائع الصينية، في خطوة ربما تدفع بكين إلى رد فعل قوي.
قالت "بلومبرغ إيكونوميكس" إن الصين تُذكر واشنطن، بما في ذلك إدارة ترمب المقبلة، بأنها تملك أدوات جديدة للرد. ومن المتوقع اندلاع جولة ثانية للحرب التجارية بين الولايات المتحدة الأميركية والصين خلال ولاية ترمب الثانية، لكن ربما يكون الفارق هذه المرة هو تصعيد بكين باستخدام قيود التصدير رداً على الرسوم الجمركية الأميركية.
هيمنة صينية على المعادن الحيوية
تشمل قائمة "سيتيك" إلى جانب العناصر الأرضية النادرة، معادن مثل التنغستن والموليبدينوم والتيتانيوم والقصدير والإنديوم والكروم والتانتالوم والنيوبيوم والسيزيوم باعتبارهم مرشحين لفرض قيود تصديرية عليهم. وتتمتع الصين أيضاً بالهيمنة في سلع أساسية أخرى مثل الزرنيخ، الذي يُستخدم في مجموعة واسعة من التطبيقات بداية من مبيدات الأعشاب وصولاً إلى مجال الاتصالات. وفي السنوات الأخيرة، اعتمدت الولايات المتحدة على الصين لتوفير 60% من احتياجاتها من هذا المعدن، وفق هيئة المسح الجيولوجي الأميركية.
في الوقت نفسه، كانت العناصر الأرضية النادرة جزءاً من النزاعات التجارية السابقة للصين، وفي العام الماضي، أوقفت الحكومة تصدير مجموعة من التكنولوجيات المرتبطة بمعالجة هذه العناصر، ما جعل من الصعب على الولايات المتحدة الأميركية وحلفائها تدعيم إمدادات المواد الخام الاستراتيجية.
في أعقاب حظر بكين، هرع المستثمرون إلى الشركات التي تستخرج وتكرر المعادن الحيوية. وفي الصين، قفزت أسهم شركة "يونان لينكانغ شينيوان جرمانيوم إنداستريال" (Yunnan Lincang Xinyuan Germanium Industrial) بنسبة 10%، وهو الحد اليومي الأقصى المسموح به، بينما ارتفعت شركة "يونان تشيهونغ زنك آند جرمانيوم" بما يصل إلى 7.8%.
وفي سيدني، ارتفعت أسهم شركة "لاينا سرير إيرث" (Lynas Rare Earths) بما يصل إلى 5.6%. كانت الشركة افتتحت في الشهر الماضي أكبر منشأة لمعالجة هذه العناصر خارج الصين.
تضرر الصين من القيود
تتمثل المشكلة بالنسبة لبكين في أن المزيد من القيود على المعادن الاستراتيجية سيعجل فقط من جهود الولايات المتحدة الأميركية وحلفائها لمواجهة هيمنة الصين، ما يقلل من تأثير تلك القيود.
على سبيل المثال، عندما شددت الصين لأول مرة من قيود التصدير على الجرمانيوم والغاليوم في 2023، كان ذلك بمثابة إشارة للمشترين بضرورة تنويع مصادر الإمداد. نتيجة لذلك، أظهرت بيانات الجمارك الصينية أنها لم تُصدر تلك المعادن إلى الولايات المتحدة الاميركية خلال هذا العام، ما يشير إلى أن الشركات كانت تلجأ بدلاً من ذلك إلى السحب من المخزون أو تحصل على المعدن من مصادر أخرى.