بلومبرغ
استعادت صادرات كوريا الجنوبية نموها بفضل الطلب المستمر على أشباه الموصلات، في إشارة إيجابية لصناع القرار الذين يسعون إلى دعم الاقتصاد المعتمد على التجارة في مواجهة أي تحديات محتملة جراء خطط التعرفة الجمركية التي أعلنها دونالد ترمب.
أظهرت بيانات وزارة التجارة يوم الأحد أن الصادرات المعدلة وفقاً لاختلافات أيام العمل ارتفعت بنسبة 3.6% في نوفمبر مقارنة بالعام السابق، متعافية من انخفاض في الشهر السابق. كما ارتفعت الصادرات الإجمالية بنسبة 1.4%، بينما انخفضت الواردات بنسبة 2.4%، مما أدى إلى فائض تجاري قدره 5.6 مليار دولار.
شهدت صادرات أشباه الموصلات زيادة بنسبة 30.8% على أساس سنوي في نوفمبر، لتصل إلى 12.5 مليار دولار، وفقاً للوزارة، ولكنها كانت أبطأ وتيرة نمو منذ أواخر عام 2023.
كوريا الجنوبية تُعد من أكثر الدول اعتماداً على الصادرات في العالم، مما يجعلها عرضة للتداعيات الناتجة عن السياسات الحمائية، وهو ما أثار قلق صناع القرار وقادة الأعمال في سيول بعد تعهد الرئيس الأميركي المنتخب ترمب بزيادة التعرفة الجمركية على الشركاء التجاريين.
كيف ستؤثر رسوم ترمب على صادرات كوريا الجنوبية؟
ورغم أن كوريا الجنوبية قد تواجه تعريفات شاملة بنسبة 10% فقط، فإنها قد تتعرض لتداعيات غير مباشرة نتيجة فرض رسوم أكبر على بعض شركائها التجاريين الرئيسيين. ترمب تعهّد بفرض رسوم تصل إلى 60% على الصين، التي تُعد الشريك التجاري الأكبر لكوريا الجنوبية.
في خطوة مفاجئة، خفض بنك كوريا المركزي سعر الفائدة الرئيسي يوم الخميس للمرة الثانية على التوالي، لدعم الاقتصاد في مواجهة أي تداعيات محتملة جراء عودة ترمب إلى البيت الأبيض في يناير المقبل. وأعرب البنك المركزي عن مخاوفه إزاء تباطؤ نمو صادرات المنتجات التكنولوجية.
تتمتع كوريا الجنوبية بمكانة بارزة كونها موطناً لأكبر شركتين في العالم لصناعة رقائق الذاكرة، مع انتشار واسع لأعمالها ضمن سلاسل التوريد التقنية العالمية.
ظلت الولايات المتحدة مصدراً ثابتاً للطلب على أشباه الموصلات الكورية الجنوبية، حيث كثف مطورو الذكاء الاصطناعي مشترياتهم من الأجهزة المتقدمة. وفي الوقت نفسه، شددت واشنطن قيودها على صادرات الرقائق إلى الصين، بهدف منع بكين من الوصول إلى تقنيات يمكن أن تهدد الهيمنة الأميركية.
أدت هذه الديناميكيات إلى تعقيد المعادلة التجارية لشركات تصنيع الرقائق الكورية الجنوبية مثل "سامسونغ إلكترونيكس" التي تمتلك مصانع في الصين. ولا يزال الطلب المستمر على رقائق الذاكرة محركاً أساسياً لزخم الاقتصاد الوطني، وتسعى الحكومة لدعم هذا النمو من خلال تخصيص مليارات الدولارات كمساعدات مالية العام المقبل.
صعوبات تواجه تحقيق مستهدف النمو خلال العامين المقبلين
ورغم ذلك، قد يواجه الاقتصاد الكوري صعوبة في تحقيق نمو يتجاوز 2% خلال عامي 2025 و2026، وفقاً لأحدث توقعات بنك كوريا المركزي، ويرجع ذلك جزئياً إلى تجاوز صناعة رقائق الذاكرة ذروة دورة ازدهارها الأخيرة. كما يظل الاستهلاك الخاص ضعيفاً، حيث يعاني الأفراد والشركات من تأثير ارتفاع أسعار الفائدة لفترة ممتدة.
قد يؤدي الركود الاقتصادي المطول إلى زيادة الدعوات لتحفيز حكومي وتيسير نقدي أسرع من قبل البنك المركزي. ومع ذلك، قد يؤدي خفض أسعار الفائدة إلى زيادة الضغط على العملة المحلية، "الوون"، التي تعاني بالفعل من ما يُسمى بـ"تداولات ترمب".
قال ديف تشيا، الاقتصادي المساعد في "موديز أناليتيكس"، في مذكرة: "تشير عودة ترمب إلى البيت الأبيض إلى فترة مضطربة مقبلة، مع تعريفات أميركية أعلى واحتكاكات تجارية جديدة بين الولايات المتحدة والصين، مما قد يعرقل تدفق السلع وسلاسة عمل سلاسل التوريد". وأضاف: "باعتبارها شريكاً تجارياً رئيسياً للولايات المتحدة والصين، قد تجد كوريا الجنوبية نفسها عالقة في الوسط".
تراجعت الطلبات من كل من الصين والولايات المتحدة في نوفمبر. إذ انخفضت الشحنات إلى الصين بنسبة 0.6% مقارنة بالعام الماضي، بينما تراجعت الصادرات إلى الولايات المتحدة بنسبة 5.1%، وفقاً لوزارة التجارة الكورية. كما انخفضت صادرات السيارات بنسبة 13.6%، وتراجعت مبيعات المنتجات النفطية بنسبة 18.7%، في حين ارتفعت صادرات السفن بنسبة 70.8%، والصلب بنسبة 1.3%.