قال فيصل الإبراهيم، وزير الاقتصاد والتخطيط، إن السعودية تعتزم مواصلة الإنفاق على قطاع الدفاع لأسباب استراتيجية، بما في ذلك تلبية احتياجات سلمية وتحقيق عوائد اقتصادية على المدى البعيد.
خصصت المملكة 272 مليار ريال للإنفاق على القطاع في ميزانية العام المقبل، ما يشكل 21% تقريباً من إجمالي النفقات، بينما تواصل استهداف رفع نسبة توطين الصناعات العسكرية إلى 20% في 2025 وصولاً إلى مستهدف 50% في 2030، بحسب بيان الميزانية لعام 2025.
"المحتوى المحلي (في الصناعات العسكرية) سيتم العمل عليه بالتركيز على التعقيد (التطوير العميق)، كل الدول الآن بدأت تستثمر من جديد في القطاعات العسكرية لاحتياجات استراتيجية.. الكثير من التقنيات التي نستخدمها اليوم أتت من إنفاق عسكري، والآن هناك إعادة بلورة لهذه التقنيات (لتصبح في خدمة الاقتصاد). ولدينا فرصة أن يكون لنا دور في ذلك"، وفقا لما قاله الإبراهيم في ملتقى ميزانية السعودية 2025 يوم الأربعاء.
الجهود في المملكة متصلة فيما يخص القطاع الدفاعي وخاصة الصناعات، إذ تخطط المملكة لتحديث استراتيجية قطاع الصناعات العسكرية في ظل التغييرات التي طرأت على المنظومة بحسب بيان ميزانية 2025.
ووفقاً للاستراتيجية الوطنية للصناعة التي أطلقها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في أكتوبر 2022، من المفترض أن تصل مساهمة الصناعات الدفاعية والعسكرية في الناتج المحلي إلى 95 مليار ريال عام 2030.
أولوية التنويع السعودية
من ناحية أخرى، قال الإبراهيم إن التنويع يمثل أولوية للاقتصاد حالياً، مشيراً إلى أن السياحة والقطاعات الفرعية التابعة لها، والصناعة والقطاعات التابعة لها، هما أبرز قطاعين يساهمان في تنويع الاقتصاد بعيداً عن النفط، موضحاً أن السياحة تحديداً تساهم في التنويع السريع وخلق الفرص الوظيفية السريعة الممكنة، وأيضاً خلق بنية تحتية ناعمة، تجذب الاستثمار والعقول والزوار على المدى البعيد.
يشهد قطاع السياحة في المملكة فورة نشاط، إذ تدفق على البلاد العام الماضي أكثر من 27 مليون سائح أجنبي، وحقق القطاع أرباحاً بلغت 40 مليار ريال، وفق تصريحات سابقة لوزير السياحة أحمد الخطيب. تستهدف السعودية زيادة مساهمة القطاع السياحي في الناتج المحلي الإجمالي من 3% في 2019 إلى 10% عام 2030، عبر استثمار حوالي 500 مليار دولار خلال 15 عاماً.
وزير الاقتصاد أوضح أنه، وبعد وصول مساهمة الأنشطة غير النفطية إلى 52% من الناتج المحلي الإجمالي، فإن الطموح بات يتجه إلى تحقيق نمو بجودة عالية يعتمد على أنشطة تدخل في القطاع غير النفطي، لكنها ليست عابرة ولا تعتمد على إنفاق محدد تتوقف بتوقفه، أو بمعنى آخر أنشطة مستدامة تدل على ديناميكية في القطاع الخاص ونمو الإنتاجية.
في الوقت ذاته، توقع الوزير السعودي نمو الأنشطة غير النفطية بين 4% و 6% بشكل منتظم خلال السنوات القادمة، وهو المعدل الذي يتماشى إلى حد كبير مع التقديرات الرسمية السابقة، والصادرة أيضاً عن جهات خارجية تقدم توقعاتها للقطاع أحدتها الصادر عن وكالة "موديز" للتصنيف الائتماني الأسبوع الماضي.
زخم "رؤية 2030" مستمر
"رؤية 2030" تتقدم بخطى ثابته بانتظام وزخم مرتفع وجرأة في عامها الثامن مثل السنة الأولى، وهذا يدل على جدية التحول الاقتصادي في المملكة، بحسب ما قاله الوزير الإبراهيم.
كان وزير المالية محمد الجدعان صرح في مؤتمر بعد إقرار ميزانية 2025 أن بلاده تترقب قطف ثمار إنفاق 271 مليار ريال خلال 8 سنوات لتنويع اقتصادها ضمن إطار "رؤية 2030".
استناداً إلى تقارير صادرة عن جهات رسمية وشركات استشارية وبيانات جمعتها "الشرق"، أطلقت المملكة مشاريع عقارية وبنية تحتية بقيمة 1.3 تريليون دولار خلال الأعوام الثمانية الماضية، كجزء من خطتها لتنويع الاقتصاد بعيداً عن النفط وجعل المملكة وجهة أكثر جذباً للعيش والعمل والسياحة.
السعودية "واجهت في السابق تحديين هما اعتماد الإنفاق الحكومي على إيرادات النفط واعتماد النمو الاقتصادي على الإنفاق الحكومي، لذلك وبحكم أن الإنفاق الحكومي هو المحرك سابقاً للحركة الاقتصادية وجب أن تتغير طريقة الإنفاق الحكومي، لذلك وضعت المملكة ميزانية تعتمد على إنفاق تحولي ضروري أن يستمر حتى ينمو دور القطاع الخاص والقطاع غير النفطي"، بحسب وزير الاقتصاد.
تسعى السعودية للحفاظ على نقطة القوة المتمثلة في بقاء اقتصادها معتمداً على التمويل العام، في الوقت الذي يرغب الكثير من المستثمرين رؤية دولة تتسم بالانضباط المالي، ما يدفع المملكة للإبقاء على احتياطيات كبيرة وفعالية كبيرة في الإنفاق الحكومي وحشد المال من القطاع الخاص، كما قال وزير المالية أواخر الشهر الماضي خلال "مبادرة مستقبل الاستثمار".