الشرق
التصعيد المتوقع في الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين من شأنه أن يضر بالنمو الاقتصادي في معظم الأسواق الناشئة خلال العامين المقبلين، حسبما رأت وكالة التصنيف الائتماني "إس آند بي غلوبال"، ما دفعها إلى خفض توقعاتها لنمو الاقتصادات الناشئة باستثناء الصين 10 نقاط أساس إلى 4.3% و4.4% في العامين على التوالي.
وقالت الوكالة في تقرير حديث إن حجم تأثير إجراءات الحماية التجارية المتوقعة سيعتمد على تفاصيل السياسات التي ستتخذها الدول وهو ما سيتضح خلال الشهور القليلة المقبلة.
عاصفة ترمب
كان الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب أعلن عبر منشورات على شبكته للتواصل الاجتماعي "تروث سوشال" أنه سيصدر في أول أيام رئاسته قراراً بفرض جمارك إضافية بنسبة 10% على جميع الواردات من الصين بالإضافة إلى رسوم بنسبة 25% على جميع الواردات القادمة من المكسيك وكندا.
تسبب إعلان ترمب في عاصفة بمختلف الأسواق العالمية حيث صعد الدولار بينما تراجعت أسعار النفط والمعادن النفيسة والأساسية، وسط مخاوف بشأن الطلب من الصين أكبر مستهلك للأخيرة في العالم. العاصفة طالت أسواق المال أيضاً إذ تراجعت مؤشرات الأسهم في اليابان وأستراليا وكوريا الجنوبية.
وفقاً للتقرير، لا تتوقع "إس آند بي" في الوقت الحالي سوى زيادة متواضعة في الرسوم الجمركية بين الولايات المتحدة والصين في 2025 مع عدم فرض رسوم جمركية في باقي أنحاء العالم، وهو سيناريو لن يؤثر بشكل كبير على معظم الأسواق الناشئة الرئيسية عدا الصين في حين ستكون الاقتصادات الناشئة في جنوب شرق آسيا الأكثر عرضة للتأثر بتراجع الطلب من الصين.
يفترض التقرير أن ترمب سيرفع الجمارك الفعلية على الواردات الصينية إلى 25% من حوالي 14% حالياً بدءاً من منتصف العام المقبل، وأن ترد الصين بزيادة الجمارك الفعلية على وارداتها أميركية المنشأ إلى 25%.
لكنه استبعد أن تفرض الولايات المتحدة رسوماً جمركية شاملة مثل الرسوم بنسبة 10% و20% التي طرحها ترمب خلال حملته الانتخابية، فضلاً عن إجراء أي تعديل على الاتفاقية التجارية بين الولايات المتحدة وكندا والمكسيك قبل موعد المراجعة المحدد في يوليو 2026 كما استبعد أن تؤدي تلك المراجعة لأي تعديل.
السعودية وتركيا
أكبر خفض في توقعات النمو للعام المقبل كان من نصيب السعودية بواقع 60 نقطة أساس، إذ تتوقع "إس آند بي" الآن نمواً حقيقياً للناتج المحلي الإجمالي للمملكة بنسبة 4.7% في 2025 بعد نمو متوقع 0.8% هذا العام، متأثراً بانخفاض إنتاج النفط ونمو أقل من المتوقع للأنشطة غير النفطية في الربع الثالث من العام الجاري.
لكن هذا التوقع للعام المقبل لا يزال أعلى قليلاً من تقديرات وزارة المالية السعودية البالغة 4.6%.
وتتوقع الوكالة الآن أن يبلغ إنتاج النفط السعودي 9.5 مليون برميل يومياً في 2025 انخفاضاً من توقع سابق عند 9.7 مليون برميل يومياً، بعدما أعلنت دول تحالف "أوبك+" إرجاء زيادة الإنتاج وتأثراً بتطورات أسواق النفط العالمية.
كانت 8 دول أعضاء في تحالف "أوبك+" هي السعودية وروسيا والعراق والإمارات والكويت وكازاخستان والجزائر وسلطنة عمان اتفقت مطلع نوفمبر الجاري على تمديد تخفيضاتها الطوعية الإضافية البالغة 2.2 مليون برميل يومياً حتى نهاية العام الجاري، بعدما كان من المقرر إنهاؤها تدريجياً اعتبارا من 1 ديسمبر المقبل.
وتترقب أسواق النفط اجتماع دول التحالف في أول ديسمبر التي أشار بعض المندوبين في تصريحات خاصة أنها قد تتجه للتأجيل مرة أخرى، وفق ما أوردته "بلومبرغ".
وفيما يخص تركيا، أبقت "إس آند بي" على توقعاتها للنمو الحقيقي للناتج المحلي الإجمالي عند 3.1% في 2024 و2.3% في 2025، مشيرة إلى وجود علامات على انكماش بسيط في الربع الثالث من العام الجاري وهو ما وافق توقعاتها.
وأضافت أن زيادة الحد الأدنى للأجور سيدفع النمو في الربع الأول من العام المقبل.
التضخم تحت السيطرة
معدلات التضخم في الأسواق الناشئة تظل تحت السيطرة وهو ما شجع بعض البنوك المركزية على بدء إجراءات التيسير النقدي، وفق التقرير الذي توقع أن يبلغ أوسط معدلات التضخم في الأسواق الناشئة عدا الصين 3.7% في 2025 بتغير طفيف عن 3.8% متوقعة للعام الجاري.
لكن التقرير أشار إلى أن أسعار السلع قد تواجه بعض الضغوط إذا تفاقمت المناوشات التجارية بين الولايات المتحدة والصين في ضوء الترجيحات بأن تتحول تدفقات السلع إلى منطقة آسيا.