بلومبرغ
هبط سعر صرف الجنيه المصري إلى أدنى مستوى له منذ خفض قيمته في مارس، وسط عمليات بيع واسعة النطاق في الأسواق الناشئة، وزيادة الطلب المحلي على الدولار.
يُتداول الجنيه حالياً عند 49.8 تقريباً مقابل الدولار، وهو أضعف مستوى له منذ أن سمحت مصر بهبوطه بنحو 40% في محاولة لجذب التمويل الأجنبي ووقف أزمة اقتصادية دامت عامين.
تزامن هبوط الجنيه مع استمرار مناقشات صندوق النقد الدولي والمسؤولين المصريين حول مدى التقدم الذي تحرزه الحكومة في تلبية أهداف الإصلاح المشمولة في حزمة قرض بقيمة 8 مليارات دولار. وخلال أمس الأربعاء، أشار الصندوق الواقع مقره في واشنطن إلى حدوث "تقدم كبير"، لكنه قال إن هناك حاجة لمزيد من المحادثات خلال الأيام المقبلة قبل أن يوافق على المراجعة (الرابعة)، والتي من شأنها أن تتيح لمصر الحصول على شريحة جديدة بقيمة 1.3 مليار دولار.
"مناقشات إيجابية" بين مصر والصندوق
قال رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، إن المناقشات التي جرت هذا الشهر في القاهرة "إيجابية" وينبغي أن تكتمل مراجعة صندوق النقد الدولي في اليومين المقبلين.
وأشار صندوق النقد الدولي في بيان أن البنك المركزي المصري أكد التزامه بسعر صرف مرن للعملة المحلية. وقبل خفض قيمة الجنيه في مارس، ظل سعر صرفه ثابتاً لمدة عام تقريباً، وأصبح في نظر المتعاملين العالميين مقوماً بأعلى من قيمته بشكل كبير، مما أثر سلباً على جذب الاستثمارات الأجنبية. ومنذ مايو الماضي، انخفض الجنيه المصري بنحو 5% مقابل الدولار، بما يتماشى تقريباً مع عملات الأسواق الناشئة الأخرى.
قال محمد أبو باشا، رئيس قسم الأبحاث لدى "المجموعة المالية هيرميس" ومقرها في القاهرة، في لقاء على تلفزيون "بلومبرغ" يوم الخميس: "تقييمنا هو أن الأمر مجرد مسألة وقت لحل بعض القضايا هنا وهناك، وبعد ذلك ستنتهي هذه المراجعة قريباً".
تسريع بيع الأصول الحكومية المصرية
حث صندوق النقد الدولي مصر على تسريع خطط بيع الأصول التي تسيطر عليها الحكومة و"تنشيط الإصلاحات لتحقيق التوازن في السوق، وتقليص دور الدولة في الاقتصاد". بالإضافة إلى ذلك، يريد الصندوق أن تقلص مصر بعض الإعفاءات الضريبية، خاصة فيما يتعلق بضريبة القيمة المضافة، لزيادة الإيرادات. وقال الصندوق إنه تم الاتفاق مع السلطات على ضرورة تعزيز شبكة الأمان الاجتماعي في مصر مع خفض الدعم على الوقود والطعام.
ساعد خفض قيمة الجنيه في مارس، ورفع أسعار الفائدة لإبطاء معدل التضخم البالغ نحو 36%، مصر على زيادة قيمة القرض الذي تحصل عليه من صندوق النقد الدولي. ويمثل تمويل الصندوق أحد بنود خطة إنقاذ عالمية ضخمة لمصر، والتي بدأت بإعلان الإمارات عن استثمار 35 مليار دولار في البلاد.
ومن المقرر أن تجتمع لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري يوم الخميس ويُرجح أن تبقي على سعر الفائدة الرئيسي عند 27.25%. كما يتوقع معظم خبراء الاقتصاد أن تؤجل اللجنة بدء خفض الفائدة حتى مارس 2025.
لماذ انخفض الجنيه المصري؟
قال فاروق سوسة، الخبير الاقتصادي لدى بنك "غولدمان ساكس" إن هبوط الجنيه المصري في الأسابيع الأخيرة يرجع جزئياً إلى "تخفيف القيود" التي كان البنك المركزي يفرضها على الشركات التي ترغب في شراء العملات الأجنبية.
وفي نهاية أكتوبر، تمكنت البنوك المصرية من توفير الدولارات بحرية أكبر للعملاء. وقبل ذلك، كان يتوجب على البنوك الحصول على موافقة البنك المركزي لبيع العملات الأجنبية إلى بعض قطاعات الاقتصاد، بما في ذلك الشركات التي تستورد السيارات والأثاث.
الطلب الخارجي على الجنيه انخفض أيضاً في الأيام الأخيرة بسبب عوامل اقتصادية أو سياسية عالمية تؤثر على السوق بشكل عام، وفق سوسة، الذي اختتم بقوله إن "ثقة المستثمرين في الأسواق الناشئة هشة في الوقت الحالي"، مشيراً إلى التصعيد في حرب روسيا على أوكرانيا وزيادة قوة الدولار منذ فوز دونالد ترمب في الانتخابات الرئاسية الأميركية.