سلسلة إصلاحات متزامنة تهز العالم الهادئ لصناديق الثروة الخليجية

جهاز أبوظبي يمر في خضم تحول استراتيجي والكويت تدرس تغييرات في قيادة الهيئة العامة للاستثمار وقطر عينت رئيساً جديداً للسيادي

time reading iconدقائق القراءة - 13
الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان - المصدر: بلومبرغ
الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

هزت سلسلة من التغييرات هذا الأسبوع عالم صناديق الثروة السيادية في الشرق الأوسط الهادئ عادة، إذ عينت قطر رئيساً تنفيذياً جديداً لصندوقها البالغ حجمه 510 مليارات دولار، وتدرس الكويت تغيير العضو المنتدب لصندوقها للاستثمار المدعوم من الحكومة والذي تبلغ قيمته تريليون دولار، بينما يمر جهاز أبوظبي للاستثمار في خضم تحول استراتيجي.

في المجمل، تدير تلك الكيانات الإقليمية أصولاً بقيمة تقارب 4 تريليونات دولار، ما يجعلها لاعباً رئيسياً في نشاط إبرام الصفقات العالمية. وهذا يعني أن بعض هذه التحركات، وأي تغييرات في استراتيجيات الاستثمار، قد تتردد أصداؤها عبر النظام المالي.

لإدراك تأثيرات حجمها تشكل الصناديق السيادية من أبوظبي والمملكة العربية السعودية وقطر 40% من قيمة جميع الصفقات التي أبرمها المستثمرون المدعومون من الدولة على مستوى العالم خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2024، وفقاً لبيانات من شركة "غلوبال إس دبليو إف" (Global SWF).

جهاز أبوظبي للاستثمار

يترأس الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان مجلس إدارة جهاز أبوظبي للاستثمار، الذي يتصدر قمة صناديق الثروة الخليجية. ويتبنى الكيان الذي يبلغ حجمه 993 مليار دولار نهجاً علمياً على نحو متزايد في الاستثمار، ويعتمد بشكل أكبر على فريق متخصص في التحليل الكمي لتسريع عملية اتخاذ القرارات بهدف تعزيز العوائد.

كجزء من التغييرات الواسعة النطاق التي أوردتها "بلومبرغ" حصراً هذا الأسبوع، فإن الجهاز أيضاً يضخ المزيد من الأموال بوتيرة أسرع في الائتمان الخاص، ومستمر في تعزيز مخصصات الملكية الخاصة للأسهم. بالإضافة إلى ذلك، يعمل الجهاز مع مجموعة أوسع من صناديق التحوط التي تقدم منتجات شاملة تتنوع من الرهان على صعود الأسعار فقط إلى أخرى تعتمد على القياس الكمي، على الرغم من أن انكشافه الإجمالي على هذا القطاع لن يزيد بالضرورة.

لطالما كان الجهاز مستثمراً واسع النشاط، وكان من الداعمين الرئيسيين لإطلاق صندوق التحوط الناشئ الذي أسسه رجل الأعمال بوبي جاين، وفقاً لتقرير سابق من "بلومبرغ". وخلال الثلاثة أرباع الأولى من العام، استثمر جهاز أبوظبي للاستثمار وصندوقان آخران رئيسيان تابعان لأبوظبي 36 مليار دولار على نطاق جغرافي واسع، وفقاً لبيانات "غلوبال إس دبليو إف".

ويُعد جهاز أبوظبي للاستثمار أحد صناديق الثروة الثلاثة التابعة للإمارة التي تدير معاً أصولاُ بقيمة تصل إلى 1.5 تريليون دولار. ومن بين تلك الصناديق، يشرف الشيخ طحنون أيضاً على "القابضة" (ADQ)، التي استحوذت على أصول بقيمة مليارات الدولارات في مصر وتعهدت باستثمارات للمساعدة في دعم الاقتصاد التركي. كما كانت في طليعة صفقات جرى ترتيبها مع التركيز على عنصر الأمن الغذائي، بما في ذلك اتفاقية لشراء حصة في شركة "لويس دريفوس" (Louis Dreyfus).

الهيئة العامة للاستثمار الكويتية

على غرار جهاز أبوظبي للاستثمار، لا تكشف هيئة الاستثمار الكويتية عن حجم أصولها، لكن بحسب تقديرات "غلوبال إس دبليو إف" تبلغ أصول الهيئة نحو 969 مليار دولار، مما يجعلها ثاني أكبر صندوق خليجي وخامس أكبر صندوق في العالم.

أفادت "بلومبرغ" يوم الخميس أن المسؤولين في البلاد يدرسون إجراء تعديلات في قيادة صندوق الثروة. وفي إطار التغييرات التي تجري مناقشتها، قد يترك غانم الغنيمان العضو المنتدب لهيئة الاستثمار الكويتية منصبه قبل نهاية ولايته التي تبلغ أربع سنوات. وبلغ المسؤول التنفيذي 65 عاماً في أبريل، وهو السن الإلزامي للتقاعد.

قال أشخاص مطلعون على المسألة إن عضو مجلس إدارة الهيئة العامة للاستثمار، الشيخ سعود سالم الصباح، قد يتولى قيادة الهيئة بدلاً من الغنيمان. ولا يُعرف الكثير عن الصباح، وهو ابن محافظ سابق للبنك المركزي. ويكشف موقع الهيئة الإلكتروني أن الشيخ سعود يتمتع بمسيرة مهنية تمتد 11 عاماً في قطاعات تشمل إدارة الاستثمار والأغذية والمشروبات وتكنولوجيا المعلومات. ويُظهر الموقع أنه عمل سابقاً كمساعد لوحدة منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا في شركة "بلاك روك".

بالنسبة للهيئة العامة للاستثمار في الكويت، ستأتي أي تغييرات محتملة في الوقت الذي يُنظر فيه إليها على أنها متأخرة عن الصناديق الأخرى في البلدان المجاورة الأكثر طموحاً وبروزاً من حيث استخدامات رأس المال. كما عانت الهيئة من تحديات في السنوات الأخيرة، تزامناً مع فترة من التغيرات السياسية في الكويت. ومع ذلك، أدى ارتفاع السوق على نطاق واسع في العام الماضي إلى تحقيق الهيئة لنسبة عوائد من رقمين.

لم يتضح على الفور ما إذا كانت إعادة ترتيب القيادة ستؤثر على استراتيجية الصندوق، الذي ركز هذا العام إلى حد كبير على الذكاء الاصطناعي والبنية التحتية الرقمية ومراكز البيانات وأشباه الموصلات. وتتركز أكثر من 50% من استثمارات الهيئة في الولايات المتحدة، يليها الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة وآسيا والأسواق الناشئة.

صندوق الاستثمارات العامة

يضطلع صندوق الاستثمارات العامة البالغ حجمه 925 مليار دولار ويرأسه ياسر الرميان، بدور رئيسي في قيادة استراتيجية "رؤية 2030" لولي العهد الأمير محمد بن سلمان الرامية إلى إعادة تشكيل الاقتصاد السعودي. ووفقاً لبيانات "غلوبال إس دبليو إف"، يحتل الصندوق المركز الثالث ضمن أكبر صناديق الثروة السيادية في الشرق الأوسط.

يقود الصندوق جهود تنويع الاقتصاد السعودي؛ بدءاً من مشروع مدينة المستقبل الضخمة "نيوم" إلى صفقات تحقق تحولات بالاقتصاد من خلال مجال الرياضة العالمية، مروراً باستثمارات في مجالات التعدين والألعاب والتكنولوجيا. ويترأس ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الصندوق، كما ساهم في صياغة استراتيجيته، بما في ذلك التوجه نحو قطاعات مثل الألعاب الإلكترونية. في غضون ذلك، كان للرميان، وهو في العقد الخامس من عمره وأحد هواة رياضة الغولف، دور كبير في صفقات مثل اندماج "دوري رابطة محترفي الغولف" (PGA) و"ليف غولف" (LIV Golf).

   

خلال السنوات القليلة الماضية، بدأ صندوق الاستثمارات العامة بضخ المزيد من الأموال في استثمارات محلية. وأسهم ذلك في سطوع نجم أحد التنفيذيين الذين أصبحوا محط أنظار الشركات العالمية الساعية إلى إبرام صفقات بالمملكة، وهو يزيد الحميد. يشغل الحميد منصب نائب المحافظ ويقود وحدة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في الصندوق.

كان الحميد هو المسؤول الذي اختير لتوجيه رسالة مباشرة إلى الشركات التي تسعى للاستثمار وجمع تمويل من الرياض. وصرح خلال قمة "مبادرة مستقبل الاستثمار" في العام الماضي أنه على الشركات الأجنبية التي تريد مواصلة جمع الأموال من الصندوق "ألا تكتفي بإقامة مكاتب تمثيلية، بل أيضاً نقل مقراتها إلى السعودية".

أما نائب المحافظ الآخر، تركي النويصر، فيشرف على الاستثمارات الدولية بالصندوق. ولا يزال ياسر الرميان الذي ساعد في تحويل الصندوق من شركة قابضة إلى قوة عالمية تدعم أكبر مديري الصناديق الخاصة في العالم، يتصدر الواجهة.

يُعد الرميان مستشاراً رئيسياً لولي العهد السعودي ورئيس مجلس إدارة "أرامكو" السعودية ونادي "نيوكاسل يونايتد" لكرة القدم في الدوري الإنجليزي الممتاز، كما يشغل أيضاً عضوية مجلس إدارة شركة موكيش أمباني- أغنى شخص في آسيا. وانتقل من إدارة بنك استثماري محلي إلى الإشراف على أحد أسرع صناديق الثروة نمواً، وأصبح أحد أكثر الأسماء تأثيراً في عالم المال.

جهاز قطر للاستثمار 

في وقت سابق من هذا الأسبوع، عُيّن محمد السويدي في منصب الرئيس التنفيذي في جهاز قطر للاستثمار البالغ حجمه 510 مليارات دولار، ويُتوقع أن يصبح الصندوق أكثر قوة مالية في السنوات المقبلة. انضم السويدي إلى الصندوق في عام 2010 وشغل مؤخراً منصب رئيس قسم الاستثمار في منطقة الأميركتين، وساهم في إنشاء مكتب للصندوق في الولايات المتحدة.   

حلّ السويدي محل منصور آل محمود الذي كان يقود الصندوق منذ عام 2018. وسيكون نهج السويدي محل متابعة مكثفة، حيث من المحتمل أن يضيف إنتاج قطر من الغاز أكثر من 30 مليار دولار إلى إيرادات الدولة، مما قد يمنحه صلاحيات أوسع. ويمكن أن تُعتبر خبرته في الولايات المتحدة ميزة في وقت يستعد فيه العالم لتولي دونالد ترمب قيادة الولايات المتحدة.

خلال السنوات الخمس الماضية، سعى جهاز قطر للاستثمار إلى زيادة استثماراته في الولايات المتحدة، جزئياً لإعادة توازن محفظته بعيداً عن أوروبا. وضخ أموالاً في قطاعات مثل التكنولوجيا والرعاية الصحية، ويخطط للتوسع في آسيا والولايات المتحدة، وكذلك في قطاعات تشمل التحول الرقمي والبنية التحتية.

اشتهر الجهاز سابقاً باهتمامه بالأصول البارزة مثل متجر "هارودز" الشهير في منطقة نايتسبريدج الراقية بلندن، ولعب دوراً مهماً أيضاً في دعم البنوك خلال الأزمة المالية 2008، من خلال دعم مصارف مثل "باركليز" و"كريدي سويس".

شركة مبادلة للاستثمار

تُعد "مبادلة" واحدة من الصناديق الأكثر نفوذاً في المنطقة. ويقود الشركة منذ نحو عقدين خلدون المبارك، وهو أحد أبرز الرؤساء التنفيذيين الإماراتيين. فيما يترأس مجلس إدارتها الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، وهو شقيق كل من الشيخ طحنون ورئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد.

تنشط الشركة في عددٍ من المجالات، من الاستثمارات في الرعاية الصحية إلى التمويل، حيث تلعب دوراً طليعياً في الجهود المبذولة لتنويع اقتصاد أبوظبي بعيداً عن النفط. ويبلغ حجم أصول الصندوق السيادي 302 مليار دولار، وهو أقل حجماً من صناديق مثل أصول جهاز أبوظبي للاستثمار، لكنها أصبحت مؤثرة بشكل متزايد في مجالات التمويل والترفيه والتكنولوجيا العالمية.

تمكنت الشركة تحت قيادة المبارك من عقد صفقات بارزة، حيث ضخت 24.2 مليار دولار في العام الماضي في مجموعة من القطاعات، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي، وهو مجال تسعى أبوظبي إلى التوسع فيه. إلى جانب شركة الذكاء الاصطناعي "G42"، وكانت "مبادلة" أحد الشركاء المؤسسين لشركة الاستثمار في التكنولوجيا المعروفة باسم "إم جي إكس" (MGX) في الإمارات.

شأنها شأن شركات استثمار في المنطقة، اتخذت الشركة خطوات مهمة في تعزيز أعمال الإقراض الخاص من خلال مشروع مشترك مع "أبولو غلوبال مانجمنت" لضخ حوالي 2.5 مليار دولار، ومشروع آخر مع "أريس مانجمنت" لاستثمار حوالي مليار دولار. ودعمت "مبادلة" أيضاً شركة "سيلفر ليك"  (Silver Lake) للاستحواذ على شركة "إنديفر" (Endeavor) للترفيه وتحويلها إلى شركة خاصة.

يُعد المبارك أيضاً رئيساً لمجلس إدارة نادي "مانشستر سيتي" الإنجليزي لكرة القدم، ما يمنحه حضوراً بارزاً في عالم الرياضة.

تصنيفات

قصص قد تهمك