الشرق
تضاعفت الخسائر المباشرة التي يتكبدها اقتصاد لبنان جرّاء الحرب الإسرائيلية خلال الأسابيع الأخيرة لتصل حالياً إلى نحو 20 مليار دولار، وفق وزير الاقتصاد أمين سلام، منبهاً إلى أن هذه الأرقام تقديرات أولية.
سلام الذي كان قدّر قبل أسابيع حجم الخسائر بنحو 10 مليارات دولار، اعتبر في حديث لـ"الشرق" أجرته الإعلامية نور عماشة، على هامش أعمال الاجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي في واشنطن، أن البلاد "وقعت في المحظور"، مشيراً إلى أن "هناك قطاعات أساسية مثل الزراعة والسياحة ضربت بشكل كامل".
تفوق قيمة الخسائر المقدرة للحرب عند 20 مليار دولار قيمة الناتج المحلي الإجمالي، والتي قدرها البنك الدولي في 2023 عند نحو 17.9 مليار دولار.
الوزير عزا انسداد أفق الحلول الاقتصادية إلى الجمود السياسي الذي يضرب البلاد منذ أشهر في ظل شغور موقع رئاسة الجمهورية والانقسامات السياسية الحادّة، مضافاً إليها مؤخراً الحرب الإسرائيلية على البلاد. ورأى أن مدخل الحل الأساسي يتخذ طابعاً سياسياً عبر إخراج لبنان من عزلته لضمان تدفق المساعدات، لاسيما العربية، وتسريع جهود إعادة الإعمار خلال فترة ما بعد الحرب.
ولفت سلام إلى أوجه الاختلاف بين الحرب الحالية وحرب يوليو 2006، واصفاً حجم الأزمة الحالية بـ"غير المسبوق"، وأوضح أنه "في 2006، تلقى لبنان مليارات الدولارات لإعادة الإعمار ودعم الحركة الاقتصادية وهو ما أنقذه، لكن الجو العام اليوم مختلف بسبب العزلة التي تعيشها البلاد".
بلغت قيمة الأضرار المباشرة الناجمة عن حرب يوليو 2006 نحو 2.8 مليار دولار، وخسائر الاقتصاد 2.2 مليار دولار (تمثل 9.8% من الناتج المحلي في ذلك الوقت)، وبلغت التكلفة المباشرة التي تكبدتها الحكومة 1.8 مليار دولار، وفق تقديرات رسمية لبنانية.
كلفة النزوح
ارتفعت معدلات البطالة من 50% بعد حرب غزة مباشرةً، إلى أكثر من 70% الآن، بحسب سلام، الذي أوضح أن عدد النازحين وصل إلى 1.2 مليون، ما يمثل تقريباً 35% من القوة العاملة للاقتصاد اللبناني.
تتزامن هذه الأزمة مع توقعات بارتفاع معدلات التضخم بحسب "بي إم آي" (BMI) التابعة لـ"فيتش سوليوشنز"، التي رجحت أن يرتفع التضخم في لبنان من 37.3% في الربع الثالث من العام الجاري إلى حوالي 47% في الربع الرابع منه، وقد ترتفع الضغوط التضخمية إذا أدى ارتفاع الطلب وانخفاض نشاط الشحن إلى نقص السلع الأساسية في السوق، أو إذا ظهر نقص في الدولار، مما يؤدي إلى زعزعة استقرار سعر الصرف الذي تم تثبيته منذ أغسطس 2023.
الحرب القائمة طالت نشاط قطاعات رئيسية، حيث أدى الضرر المادي الهائل والنزوح إلى تعطيل النشاط التجاري، مع اضطرار العديد من الشركات إلى إغلاق عملياتها. كما أشار وزير الاقتصاد إلى الأضرار البالغة التي ألحقتها الحرائق والغارات الجوية -خاصة مع استخدام الفسفور الأبيض- بالأراضي الزراعية في أنحاء البلاد. بموازاة تأثير الهجمات الإسرائيلية على البنية التحتية للاتصالات في بيروت والجنوب، وهذا من شأنه أن يؤثر أيضاً على العمل عن بعد، والذي أصبح جزءاً كبيراً من الاقتصاد منذ أزمة 2019.