الصين تتحرك لدعم الأسواق بعد بيانات تظهر تباطؤ نمو الاقتصاد

الناتج المحلي ينمو بأدنى وتيرة في 6 فصول و"بنك الشعب" يكشف تفاصيل إجراءات دعم الأسواق

time reading iconدقائق القراءة - 8
حارسان يقفان خارج أسوار مبنى بنك الشعب الصيني في العاصمة بكين، الصين - المصدر: بلومبرغ
حارسان يقفان خارج أسوار مبنى بنك الشعب الصيني في العاصمة بكين، الصين - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

تحرك البنك المركزي في الصين لدعم الأسواق في وقت أظهرت البيانات نمو الاقتصاد بأقل معدل في 6 فصول، وذلك في إشارة إلى عزم الحكومة على مواصلة جهود التحفيز لوضع حد للتباطؤ.

كشف بنك الشعب الصيني مزيداً من التفاصيل عن تدابيره لدعم أسواق رأس المال بعد دقائق من إصدار السلطات للبيانات التي تظهر تفاقم تباطؤ الاقتصاد خلال الربع الثالث. وفي مؤتمر منفصل عُقد في بكين، أشار محافظ بنك الشعب الصيني، بان غونغشنغ، إلى أن سوقي العقارات والأسهم تشكلان تحديين رئيسيين في الاقتصاد، وأنهما يحتاجان إلى دعم حكومي موجه.

وسواء كانت تحركات بنك الشعب الصيني ومحافظه منسقة أم لا، يبدو أنها عززت الأمل في أن تفعل بكين كل ما يلزم لضمان تحقيق هدف النمو البالغ حوالي 5% لعام 2024. وعلى الرغم من تباطؤ النمو عمَّا كان عليه في الفصول السابقة، فقد انطوت بيانات سبتمبر التي تجاوزت التوقعات على إشارات أولية على أن الاقتصاد بلغ القاع.

ترى جاكلين رونغ، كبيرة محللي اقتصاد الصين في "بي إن بي باريبا"، أن احتمال تحقيق الصين النمو المستهدف "يبدو مرتفعاً جداً حالياً. يكفي انتعاش طفيف خلال الربع الرابع لتحقيق المهمة".

تعافى مؤشر "سي إس آي 100" (CSI 100) الرئيسي لأسهم الشركات المحلية في الصين من خسائره المبكرة ليغلق مرتفعاً 3.6%، بعدما أطلق البنك المركزي برنامج إعادة إقراض للشركات المدرجة وكبار المساهمين لتمويل إعادة شراء الأسهم. وتلقت الأسهم دفعة أيضاً من دعوة الرئيس شي جين بينغ لجهود لتحقيق الأهداف الاقتصادية للعام الجاري والدعم المالي للتكنولوجيا، حيث ارتفع سعر سهم شركة صناعة الرقائق "إس إم آي سي" بنسبة 20%. 

رأي "بلومبرغ إيكونوميكس":

بالنظر إلى قوة ونطاق رد فعل الحكومة خلال الأسابيع الماضية، فالأرجح أن الاقتصاد وصل إلى مرحلة القاع، ستركز الحكومة في الأغلب على التنفيذ، مع تركيز خاص على ضمان تحقيق المسؤولين المحليين حجم الإنفاق المالي المحدد في موازنة العام.

 

تشانغ شو وإريك تشو

تسارع نمو مبيعات التجزئة الصينية في الربع الثالث

رسمت البيانات التي صدرت اليوم الجمعة صورة متباينة للاقتصاد خلال الربع الماضي. إذ أظهرت البيانات الصادرة عن المكتب الوطني للإحصاء أن الناتج المحلي الإجمالي زاد 4.6% بين يوليو وسبتمبر، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، ليصل معدل النمو خلال الشهور التسعة الأولى من العام إلى 4.8%، وهو الحد الأدنى للنمو السنوي المستهدف في الصين.

يبدو أن الأوضاع أخذت منحى إيجابياً في الجزء الأخير من الفترة، حيث تسارعت مبيعات التجزئة لتنمو 3.2% في سبتمبر ارتفاعاً من 2.1% في أغسطس. 

ومن المرجح أن يكون مؤشر الاستهلاك الذي تجاوزت بياناته التوقعات قد تلقى دفعة من الدعم الحكومي المقدم لتحديث السلع الاستهلاكية، فصعدت مبيعات الأجهزة المنزلية 21% على أساس سنوي مقارنة مع زيادة 3% في الشهر السابق. كما أتت زيادة الدعم لتمويل شراء السيارات بثمارها، حيث أنهت مبيعات السيارات موجة هبوط استمرت 6 شهور.

 

أشار لاري هو، مدير قسم اقتصاد الصين في "ماكواري غروب" (Macquarie Group) إلى أن "أداء الاقتصاد سيتحسن في الربع الرابع بفضل تدابير التحفيز الجديدة".

يعد استبدال الأجهزة والسلع الجديدة بالقديمة جزءاً من تدابير التحفيز الذي تتخذها الصين، والتي تشمل خفض أسعار الفائدة، وسط تعزيز المكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي، الذي يتزعمه الرئيس شي، الجهود عبر التعهد بتحقيق الاستقرار في قطاع العقارات المتعثر.

استمرار تراجع الأسعار

أدت مجموعة الإجراءات إلى انتعاش تاريخي في الأسهم، ودفعت بنوكاً، مثل "غولدمان ساكس"، إلى رفع توقعاتها لنمو اقتصاد الصين. غير أن الشكوك زادت حول مدى استعداد السلطات لتوفير مزيد من الأموال لتحسين أوضاع الاقتصاد والأسواق.

يتوقع المستثمرون الآن أن يقر المشرعون الصينيون موازنة إضافية أو بيع سندات لتمويل الإنفاق العام خلال اجتماع سيُعقد في وقت قريب ربما يكون الشهر الجاري، وذلك بعد تعهد السلطات بتقديم دعم مالي.

 

في منتدى أقيم في بكين، أكد بان مجددا أن البنك المركزي سيجعل تحقيق انتعاش معقول في الأسعار أحد الاعتبارات الرئيسية في سياساته. وواصل مؤشر واسع النطاق للأسعار انخفاضه للشهر السادس على التوالي، بحسب البيانات التي صدرت الجمعة، لتستمر أطول سلسلة انكماش للأسعار منذ 1999.

وبعيدا عن مبيعات التجزئة، ارتفع الإنتاج الصناعي والاستثمار في الأصول الثابتة أيضاً خلال سبتمبر، فيما تراجع معدل البطالة إلى 5.1%، ما يعد أدنى مستوى منذ يونيو الماضي.

استمرار أزمة قطاع العقارات في الصين

انخفضت أسعار المنازل الجديدة للشهر السادس عشر على التوالي، بنفس المعدل الذي سجلته في أغسطس تقريباً.

وقالت شياوجيا تشي، كبيرة محللي اقتصاد الصين في "كريدي أجريكول"، إنه "لا تزال هناك حالة من عدم الاستقرار في سوق العقارات، ما يشير بالفعل إلى ضرورة استمرار خفض أسعار الفائدة".

من جهته، قال المكتب الوطني للإحصاء إن هناك ما يدعو لتوخي الحذر رغم تحسن المؤشرات الأساسية تزامناً مع إجراءات التحفيز، مشيراً إلى بيئة خارجية "معقدة وقاتمة بشكل متزايد"، وضرورة تقوية أسس الاقتصاد.

 

هذه التحديات أبرزتها بيانات صدرت في وقت سابق، حيث تباطأت الصادرات في سبتمبر بوتيرة حادة، لتحد من انتعاشة تجارية كانت تشكل نقطة مضيئة في الاقتصاد. وأخذت ضغوط انكماش الأسعار في التزايد، مع استمرار ضعف أسعار المستهلكين، وانخفاض مؤشر أسعار المنتجين للشهر الرابع والعشرين على التوالي.

مساعٍ لتقليص مخاطر الديون المحلية

يحث خبراء الاقتصاد بكين على دعم الإنفاق الاستهلاكي تجنباً للدخول في دوامة انخفاض الأسعار، ما قد يعرض البلاد لخطر الدخول في دائرة مفرغة من تراجع الإنفاق، وتقلص إيرادات الشركات، وفقدان الوظائف. لكن السلطات لا تتعجل فيما يبدو زيادة الاستهلاك عبر أي تحفيز مباشر أو توزيع إعانات على نطاق واسع، الأمر الذي طالما عارضه شي خشية ما يسميه "النظام الرفاهي" (Welfarism).

 

يبدو حتى الآن أن الصين تركز في سياستها المالية على السيطرة على مخاطر الديون المحلية، حيث تعهد وزير المالية، لان فوه آن، بتنفيذ ما وصفه بأكبر مسعى منذ سنوات لإدراج الديون الخفية في ميزانيات الحكومات المحلية.

تهدف الاستراتيجية إلى تخفيف عبء خدمة الديون على السلطات من خلال خفض تكاليف الفائدة، وتأجيل سداد القروض. وهذا سيتيح السيولة ويعطي الحكومات المحلية مساحة أكبر لدفع عجلة نمو الاقتصاد.

وقال لويس كوجيس، كبير محللي اقتصاد منطقة آسيا والمحيط الهادئ في "إس آند بي غلوبال ريتنغز" إن "تحسن زخم النمو للمؤشرات الشهرية الرئيسية قد يوفر قدراً من الطمأنينة لصانعي السياسات. لكنني لا أتوقع أنه لتحسن طفيف في البيانات في شهر واحد يمكن أن يبرر ذلك خفض دعم السياسات للنمو، خصوصاً في فترة تتزايد فيها مخاطر انكماش الأسعار".

تصنيفات

قصص قد تهمك