الشرق
بدأ ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، اليوم الثلاثاء، زيارةً رسمية إلى القاهرة، حيث كان في استقباله الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. وتهدف الزيارة "لبحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية الأخوية، والقضايا ذات الاهتمام المشترك"، بحسب وكالة الأنباء السعودية، وذلك وسط توترات غير مسبوقة تشهدها المنطقة.
تعيش المنطقة منذ 7 أكتوبر 2023 تطورات سياسية وعسكرية متسارعة، تفاقمت من معركة بين الجيش الإسرئيلي وحماس، إلى تدمير شامل لقطاع غزة، امتداداً إلى غارات إسرائيلية على لبنان بما في ذلك العاصمة بيروت، وإطلاق صواريخ من لبنان على مدن إسرائيلية، وصولاً إلى إطلاق إيران صواريخ على إسرائيل، وترقب ردّ الأخيرة الذي قد يطال منشآت نووية ونفطية في إيران.
وبحسب بيان صادر عن رئاسة الجمهورية المصرية، توافق السيسي وبن سلمان، خلال لقائهما في قصر الاتحادية، على خطورة الوضع الإقليمي وضرورة البدء بخطوات للتهدئة تشمل وقف إطلاق النار في قطاع غزة ولبنان. مع التشديد على أن إقامة الدولة الفلسطينية هي السبيل الوحيد لتحقيق السلام والأمن بالمنطقة. بالإضافة إلى التأكيد على أهمية أمن منطقة البحر الأحمر.
اتفاقية حماية الاستثمارات
اقتصادياً، شهدت الزيارة في يومها الأول توقيع اتفاقية تشجيع وحماية الاستثمارات المتبادلة بين البلدين. كما تمّ إعلان تشكيل مجلس التنسيق الأعلى المصري السعودي برئاسة السيسي وبن سلمان، وفقاً لبيان صادر عن رئاسة الجمهورية المصرية. أشار إلى أنه تمّ استعراض الجهود الجارية لتطوير الشراكة الاقتصادية المصرية السعودية، لا سيما في مجال تبادل الاستثمارات، والتبادل التجاري بين البلدين، والتكامل الاقتصادي في مجالات الطاقة والنقل والسياحة.
ارتفعت سندات مصر الدولارية لأعلى مستوياتها في عامين، اليوم الثلاثاء، مع توقع المستثمرين أن تترجم زيارة ولي العهد السعودي إلى استثمارات جديدة تضخ في الدولة العربية الأكبر من حيث عدد السكان، بحسب بلومبرغ.
السندات طويلة الأجل ارتفعت أسعارها بأكثر من 1.5 سنت للدولار، كما كانت السندات المستحقة في 2061 و2059 و2051 من بين أفضل السندات أداءً في الأسواق الناشئة.
كان رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي كشف منتصف الشهر الماضي -في لقاء بالعاصمة السعودية الرياض مع أعضاء مجلس اتحاد الغرف التجارية ومجلس الأعمال المصري السعودي- عن الانتهاء من صياغة اتفاقية حماية وتشجيع الاستثمارات السعودية، وأنها حالياً قيد اللمسات الأخيرة تمهيداً لبدء الإجراءات التشريعية لإصدارها رسمياً في مصر. وتوقع أن تدخل الاتفاقية حيز التنفيذ الفعلي في أقل من ثلاثة أشهر.
ودائع واستثمارات
أودعت السعودية 5 مليارات دولار في البنك المركزي المصري في مارس 2022، ما رفع حجم الودائع السعودية إلى 10.3 مليار دولار، في وقت كانت مصر تعاني من آثار خروج أموال مستثمرين أجانب إثر اندلاع الحرب في أوكرانيا. وساهمت الودائع السعودية في الحفاظ على استقرار الاحتياطي النقدي للبلاد.
أمّا حجم استثمارات القطاع الخاص السعودي في مصر فيُقدّر بنحو 35 مليار دولار. وفي أغسطس الماضي استضافت مدينة العلمين المصرية على شاطئ البحر المتوسط اجتماعات موسعة لبحث تعزيز الاستثمارات السعودية في البلاد، صرح بعدها وزير الاستثمار السعودي خالد الفالح بأن هناك رغبة مشتركة في دفع العلاقات الثنائية بين الدولتين "ولدينا توجيهات من القيادة السعودية بأننا شريك لمصر بما يحقق مصالح الشعبين".
وبلغ حجم استثمار الشركات التابعة للصندوق السيادي السعودي في مصر نحو 3 مليارات دولار؛ "وهناك تعاون قائم مع صندوق مصر السيادي من خلال برنامج طروحات الشركات الحكومية"، بحسب تصريح سابق لممثل الصندوق في مصر متعب الشثري.
في المقابل، شهدت السعودية خلال الأشهر الأخيرة تدفقاً للاستثمارات المصرية خاصة في القطاع العقاري، حيث تجذب السوق السعودية كبرى الشركات المصرية في القطاع مثل "مجموعة طلعت مصطفى"، و"مجموعة حسن علام القابضة"، و"سامكريت"، و"كونكريت بلس"، و"الشركة الهندسية للإنشاء والتعمير"، ومجموعة "ماونتن فيو" .
كانت تعمل في السعودية 500 شركة مصرية والآن وصل عدد هذه الشركات إلى 4 آلاف. وبعد أن "كانت استثمارات الشركات المصرية تمثل 5 مليارات ريال سعودي فقط، قفزت إلى 50 ملياراً"، وفق تصريح لرئيس مجلس الأعمال السعودي المصري بندر العامري قبل شهرين. وتكشف بيانات وزارة الاستثمار السعودية أن 30% من تصاريح الاستثمار في المملكة الصادرة خلال الربع الأول من العام الحالي حصلت عليها شركات مصرية.
ومن المشاريع الكبرى المشتركة بين البلدين مشروع الربط الكهربائي البالغة قدرته 3000 ميغاواط، ومن المقرر أن يبدأ تشغيل مرحلته الأولى قبل منتصف 2025.
التبادل التجاري
بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين خلال النصف الأول من العام الحالي 2.6 مليار دولار، منها 1.59 مليار دولار صادرات مصرية للمملكة، وهو المستوى الأعلى منذ 5 سنوات، أما الصادرات السعودية لمصر فبلغت 1.05 مليار دولار.
وتمثلت أبرز الصادرات المصرية إلى المملكة في: الأدوية والسجاد والخضراوات والموالح والنحاس والأسلاك، بينما تصدرت الواردات المصرية من السعودية: الزيوت المعدنية وصفائح الألمنيوم وعلب الكرتون والألواح والأفلام والرقائق والشرائط ومواد تلوين معدنية.
وبحث البلدان، العام الماضي، إمكانية استخدام العملات المحلية في التجارة بينهما، بناء على اقتراح سعودي تقدمت به الرياض في خضم أزمة نقص الموارد الدولارية التي عانت منها مصر طوال سنة 2023.