بلومبرغ
يطمح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أن يعيد اقتصاد بلاده للنمو مجدداً بعد الوباء من خلال زيادة الإنفاق. وتعمل الحكومة الروسية بجدية لتوفير السيولة المالية لتحريك نمو الاقتصاد.
وسيظل ما يدور في ذهن زعيم الكرملين سراً حتى موعد خطابه السنوي للأمة في 21 أبريل. لكن المسؤولين الروس بقيادة رئيس الوزراء ميخائيل ميشوستين، يدرسون بالفعل عدة طرق ممكنة لتوفير الأموال الضرورية لتمويل النمو، وفقاً لمصادر مطلعة على المداولات.
وقال مصدر، إن خيارات توفير التمويل، تشمل الاستفادة من صندوق اليوم العصيب "Rainy-day fund"الوطني البالغ قيمته 182 مليار دولار، وتخفيف قيود الإنفاق بموجب قاعدة مالية مفروضة ذاتياً، وتحويل الأموال من مشاريع أخرى، وزيادة الضرائب.
والصندوق الوطني هذا ليس احتياطيات روسيا الدولية، بل هو صندوق سيادي تستخدمه موسكو لمراكمة الأموال فيه، في زمن ازدهار أسعار النفط، لتستخدمها فيما بعد خلال الأزمات الاقتصادية، بهدف تخفيف الضغط على الميزانية ودعم الإنفاق المالي.
تسريع الانتعاش
وتتسم الجهود بالسرية، إذ يجري الكثير من العمل في غرفة حرب تتمتع بمستوى عال من التكنولوجيا تقع على نهر بموسكو، من مقر حكومة البيت الأبيض في روسيا والمعروف على سبيل السخرية أو المزحة بين المطلعين باسم "القبو" أو "المخبأ".
وقالت المصادر، إن المقر الذي يتطلب التعرف الرقمي على الوجه للدخول، يتيح لـ "ميشوستين" وفريقه جمع كميات هائلة من البيانات من الهيئات الحكومية وتفكيك إجراءات البيروقراطية لتسريع عملية اتخاذ القرار. وعلى الرغم من أن الاقتصاد الروسي لم يتقلص مثل كثير من الاقتصادات الأخرى خلال الوباء في 2020، إلا أن الكرملين حريص على تسريع الانتعاش، خاصة مع إجراء الانتخابات البرلمانية المقررة في فصل الخريف وتراجع مستوى الدعم للحزب الحاكم (حزب روسيا الموحدة) وسط تدهور الدخول.
ولم يرد متحدث باسم الحكومة على طلب للتعليق بشأن خطط الإنفاق.
وقال مسؤولون إن البرنامج الجديد من المرجح أن يشمل حزمة إنفاق على البنية التحتية لتعزيز الاستثمار والرفاهية ومزايا أخرى للمساعدة في تعويض التراجع في الدخل.
ووجه بوتين الحكومة بالفعل باختيار مشاريع تشمل السكك الحديدية عالية السرعة والجسور والموانئ للحصول على نحو تريليون روبل(13 مليار دولار) من صندوق "اليوم العصيب" الوطني، بداية من العام الجاري.
وما زال مقدار الأموال التي يعتزم الكرملين تخصيصها للإنفاق، يخضع لنقاش ساخن، وفقاً لمصادر قريبة من المناقشات. ويريد الكرملين الاحتفاظ باحتياطيات ضخمة لحماية نفسه في حالة فرض عقوبات غربية جديدة. وتستعد الولايات المتحدة لتطبيق تدابير جديدة من المتوقع الإعلان عنها في أقرب وقت خلال الأسابيع القليلة المقبلة.
وزاد تعزيز روسيا لقواتها على الحدود مع أوكرانيا في الأسابيع الأخيرة من التوترات، مما دفع الروبل إلى أدنى مستوياته منذ نوفمبر 2020.
مواقف أكثر صعوبة
ويقول سكوت جونسون المحلل الاقتصادي في "بلومبرغ إيكونوميكس": "تمتع الحكومة الروسية بمساحة مالية كبيرة، لكن المخاطر الجيوسياسية ستقيد الإنفاق الإضافي. من المحتمل أن نرى وزارة المالية تظل متحفظة في توقعاتها الرئيسية مع تخصيص المزيد من الاحتياطيات نحو استثمار عام انتقائي للغاية".
وقالت ناتاليا أورلوفا، كبيرة الاقتصاديين في "ألفا بنك" بموسكو: "في ظل التحديات طويلة الأجل التي يواجهها النفط، بدأت روسيا تواجه مواقف أكثر صعوبة، ومن غير المرجح أن تخفف الحكومة سياسة الميزانية كثيراً"، في إشارة إلى زيادة الإنفاق. وحذر البنك المركزي الروسي بالفعل من أن الإنفاق الجديد المفرط قد يجبره على تسريع زيادات أسعار الفائدة مع ارتفاع التضخم فوق المستهدف.
وتدعو خطة الموازنة الحالية إلى خفض الإنفاق خلال العامين الجاري والمقبل لتقليل العجز الذي تزايد وسط جهود التحفيز لمواجهة تداعيات وباء كورونا في 2020.
وبالنسبة إلى ميشوستين، الذي تولى منصب رئيس الوزراء قبل أشهر قليلة من انتشار الوباء، فإن المحاولة الأخيرة تمثل فرصة للعودة إلى التركيز على التنمية الاقتصادية التي كان يأمل في أن تكون أولوية عمل حكومته.
ويشتهر ميشوستين، باستخدام التكنولوجيا لإصلاح البيروقراطية في وظيفته السابقة رئيساً لمصلحة الضرائب، وهو يدفع أيضاً لإدخال تحسينات عالية التقنية حالياً.