بلومبرغ
يمكن أن تضغط وزيرة الخزانة البريطانية راشيل ريفز من أجل فرض زيادات ضريبية تزيد عن 20 مليار جنيه إسترليني (26 مليار دولار) في الميزانية المقبلة دون الإخلال بأي تعهدات انتخابية، وذلك من خلال التركيز على ضرائب المواريث والأرباح الرأسمالية، وفقاً لتقرير من مؤسسة "ريزولوشن فاونديشن" (Resolution Foundation).
تواجه ريفز ضغوطاً لسد عجز مالي يُقدر بـ22 مليار جنيه إسترليني تزعم أن حكومة حزب المحافظين السابقة تسببت فيه. لكن خياراتها محدودة بسبب تعهدات حزب العمال الانتخابية بعدم رفع بعض الضرائب الرئيسية التي تدر إيرادات كبيرة، مثل ضريبة الدخل وضريبة القيمة المضافة.
الأكثر ثراء
في تقرير نُشر اليوم الثلاثاء، حددت مؤسسة "ريزولوشن فاونديشن" مجموعة من الزيادات الضريبية، يستهدف الكثير منها الثروة، والتي يمكن لحزب العمال ليس فقط تنفيذها، ولكن أيضاً الوفاء بمبدئه بأن تقع التكاليف على كاهل "الأكثر ثراءً".
يأتي ذلك مع تحليل منفصل لشركة "بوسطن كونسلتنغ غروب" (Boston Consulting Group) كشف عن أنه يمكن توفير 19.5 مليار جنيه إسترليني من خلال تقليص عدد حالات الإصابة بالأمراض المزمنة، وحذرت لجنة الشؤون الاقتصادية في مجلس اللوردات من حالة "عدم الاستدامة" للمالية العامة.
تكشف التقارير الثلاثة عن الصعوبات التي تواجه ريفز لدى وضعها أول ميزانية لها في 30 أكتوبر المقبل، إذ تحاول إعادة مستوى الاقتراض إلى المسار الصحيح وتخفيف غضب النواب من حزب العمال بشأن تخفيضات الإنفاق.
تبلغ الضغوط ذروتها اليوم عندما يصوت مجلس العموم على خطط لإلغاء الدعم الشتوي للوقود لكافة المتقاعدين باستثناء الأكثر فقراً منهم. يأمل رئيس الوزراء كير ستارمر في أن زيادة المعاشات التقاعدية بنسبة تفوق التضخم، والتي من المقرر اعتمادها بوقت مبكر اليوم، أن تحول دون اندلاع احتجاجات شعبية محتملة.
ذكر آدم كورليت، كبير خبراء الاقتصاد في مؤسسة "ريـزوليوشن فاونديشن": "اشتمل برنامج حزب العمال على زيادات ضريبية بقيمة 10 مليارات جنيه إسترليني، لكن توجد حاجة لإقرار زيادات جديدة لكي تتمكن ريفز من تمويل الخدمات العامة والاستثمار بصورة كافية مع الالتزام بقواعدها المالية".
أشارت المؤسسة البحثية إلى أن إصلاحات ضريبة المواريث التي تلغي إعفاءات الشركات والزراعة، وتُخضع صناديق المعاشات للضريبة يمكن أن تجمع ملياري جنيه إسترليني. كما أن مواءمة ضريبة الأرباح الرأسمالية المفروضة على الأسهم مع معدلات ضريبة الأرباح، وفرض ضريبة على أرباح العقارات مشابهة للأجور، مع ربط تقييمها بالتضخم، يمكن أن يجمع ما يصل إلى 12 مليار جنيه إسترليني. يمكن توفير 9 مليارات جنيه إسترليني أخرى من خلال إنهاء إعفاء أرباب الأعمال من التأمين الوطني الذين يقدمون مساهمات للموظفين في المعاشات التقاعدية.
الميزانية الأولى
قالت المؤسسة البحثية إن الحكومات الجديدة جمعت في المتوسط 21 مليار جنيه إسترليني من الضرائب في ميزانياتها الأولى بعد انتخابها. تحتاج الحكومة إلى حوالي 19 مليار جنيه إسترليني سنوياً من الإنفاق الإضافي لتجنب تخفيضات حقيقية لنصيب الفرد من الإنفاق في الوزارات غير المحمية مثل العدالة والنقل.
وجد تحليل "بوسطن كونسلتنغ غروب" أن الحكومة يمكن أن توفر 20 مليار جنيه إسترليني سنوياً مع حلول 2029 من خلال تقديم فرص عمل جديدة لـ450 ألف شخص خرجوا من القوى العاملة بسبب إصابتهم بمرض مزمن. سيساعد ذلك في توليد إيرادات ضريبية أعلى وتقليص تكاليف المزايا المتنامية. أضاف أن زيادة مشاركة العمال بين هذه المجموعة يمكن أن تعزز أيضاً من الناتج المحلي الإجمالي للمملكة المتحدة بما يصل إلى 177 مليار جنيه إسترليني، أو 3%، مع حلول 2029.
زاد عدد العاملين المصابين بمرض مزمن في بريطانيا الذين غادروا سوق العمل بنحو 700 ألف شخص منذ تفشي وباء كورونا، ما فاقم نقص العمالة وكبح النمو الاقتصادي. قالت وزيرة العمل والمعاشات التقاعدية ليز كيندال، اليوم إن الزيادة في عدد العمال دون وظيفة "أكبر تحدٍ للتوظيف خلال جيل"، حيث دشنت لجنة جديدة تضم مجموعة خبراء لتقديم المشورة للحكومة حيال هذه الأزمة.
أوضح راؤول روباريل، مدير مركز "بوسطن كونسلتنغ" للنمو: "عندما تفكر في العوامل المؤثرة على مكتب مسؤولية الميزانية وتوقعاته، فإن هذا هو أحد الأمور المهمة. إذا تمكنت من إقناعهم بأنك تستطيع إعادة هؤلاء الأشخاص إلى القوى العاملة، فسيحدث ذلك فارقاً كبيراً في التوقعات المالية".
ديون غير مستدامة
قالت لجنة الشؤون الاقتصادية في مجلس اللوردات إن ديون بريطانيا الهائلة عرضة لخطر أن تصبح "غير مستدامة" ما لم تتخذ ريفز إجراءات تصحيحية خلال الأعوام المقبلة.
حثت اللجنة ريفز على رفع المستوى المستهدف المتعلق بخفض الديون، الذي يتطلب تقليص نسبتها إلى الناتج المحلي الإجمالي خلال 5 سنوات، وسلطت الضوء على الضغوط المتفاقمة جراء أسعار الفائدة والإنفاق العسكري وشيخوخة السكان وعملية التحول المناخي. حذرت أيضاً الوزراء من أن مستويات الهجرة المرتفعة لا يمكن أن تساعد على تخفيف أزمة الديون التي تتعرض لها البلاد.
قال جورج بريدجز، رئيس اللجنة في مجلس اللوردات: "عدم اتخاذ قرارات صعبة في هذا البرلمان تنذر بوجود خطر- وأؤكد على هذا الخطر- أن يصبح الدين البريطاني غير مستدام".
اختتم: "يساورنا القلق من مسار الأمور والافتقار إلى احتياطي مالي يساعدنا على تحمل الأزمات الاقتصادية. إذا أردنا أن نواصل تقديم الخدمات التي نريدها بالكفاءة والجودة المطلوبتين، فستكون هناك حاجة لرفع الضرائب، وإلا ستقلص الدولة مستوى ما تقدمه".