الشرق
توجه أحمد حسين بصحبة زوجته إلى أحد البنوك الحكومية في مصر التي تتعامل معها منذ سنوات لكي تؤجر "خزنة حديدية" لحفظ مقتنياتها الثمينة لتفاجأ برد الموظف المختص بأن استئجار الخزنة يتطلب ألا يقل حسابها المصرفي عن مليوني جنيه، وبعد مرور 3 أشهر على فتح الحساب، حتى يوافق البنك على طلبها باستئجار خزنة.
الزوجة قالت إنها لم تكن الوحيدة في البنك التي تطلب تأجير "خزنة"، بل كان هناك العديد من الأشخاص، مشيرة إلى أن موظف البنك قال لها إن الطلب متزايد بشدة على تأجير الخزن بعد توجه الكثير من المصريين للتحوط من تراجع قيمة الجنيه المصري مقابل الدولار باكتناز الذهب.
سمحت السلطات المصرية في مارس الماضي لقيمة الجنيه بالانخفاض بنحو 40% في محاولة لوقف أزمة مستمرة منذ عامين، كادت تدفع اقتصاد أكبر دولة في الشرق الأوسط من حيث عدد السكان إلى حافة الهاوية، قبل أن تساعد خطة إنقاذ عالمية بقيمة 57 مليار دولار في تغيير مجرى الأحداث.
ووصل سعر الجنيه حينها إلى حوالي 50 جنيهاً أمام الدولار بالبنوك، قبل أن يتراجع بعض الشيء ليبلغ الآن نحو 48.75 جنيه للدولار، وسط اختفاء تام للسوق السوداء التي كانت نشيطة في العامين الماضيين.
جولة "الشرق"
مراسلة "الشرق" بالقاهرة أجرت جولة في أماكن متعددة بالقاهرة وزارت أكثر من 12 فرعاً لعدد 7 بنوك هم "بنك مصر"، و"البنك الأهلي المصري"، و"بنك القاهرة"، و"البنك التجاري الدولي مصر"، والبنك العربي"، و"إتش إس بي سي"، و"قطر الوطني مصر" لمعرفة مدى توافر خزن بالبنوك وما هي الشروط.
كانت نتيجة جولة مراسلة "الشرق" هي أن الخزن الحديدية التي يتم تأجيرها للعملاء لحفظ مقتناياتهم أوشكت على النفاد تحت ضغط زيادة طلبات العملاء لحفظ مدخراتهم ومقتنياتهم الثمينة من المشغولات الذهبية في خزائن حديدية بشكل آمن داخل البنوك.
بعض مسؤولي الفروع التي شملتها جولة مراسلة "الشرق" أكدوا أن ضغط الطلب على تأجير الخزائن الحديدية ببعض البنوك دفع الإدارات التنفيذية إلى تعديل سياساتها تجاه الخزن وربط تأجيرها بكبار العملاء نظراً لمحدودية عددها وارتفاع تكلفتها التأمينية، وكذلك حركة الحساب خلال آخر عام.
يبلغ عدد البنوك العاملة في مصر 38 بنكاً، تشمل 9 بنوك حكومية أكبرها البنك الأهلي المصري وبنك مصر وبنك القاهرة.
الخزائن نفدت
مدير خدمة العملاء في أحد البنوك الخاصة الكبرى قال لـ"الشرق" مشترطا عدم نشر اسمه، إن تأجير الخزائن الحديدية يقصرها البنك على كبار العملاء فقط الذين لا يقل الحد الأدنى لحسابتهم عن 1.5 مليون جنيه بسبب محدوديتها ونفادها تحت زيادة ضغط الطلب، كما يسدد العميل رسوم تأجير الخزينة بشكل سنوي بمبالغ تتراوح بين 650 جنيهاً إلى 3 آلاف جنيه أو أكثر حسب حجمها.
مسؤول خدمة عملاء في أحد البنوك الأجنبية العاملة في مصر قال لـ"الشرق" بشرط عدم نشر اسمه إن مصرفه "أوقف خدمة تأجير الخزائن الحديدية مؤخراً بسبب زيادة الطلب عليها".
فيما يشترط أحد البنوك الحكومية الكبرى إيداع مليوني جنيه كحد أدنى للحساب لمدة لا تقل عن 3 أشهر، للاستفادة من خدمة الخزائن، بحسب مدير خدمة العملاء الذي تحدث لـ"الشرق" بشرط عدم نشر اسمه.
ارتفاع تكلفة تأمين الخزائن مقارنة بالعائد عليها لم يشجع البنوك علي التوسع في هذه الخدمة، والتي قاربت على النفاد ولم يتبق سوى عدد محدود وتم قصره على كبار العملاء أصحاب أعلى الودائع بالبنك.
مسؤول مصرفي بأحد البنوك الحكومية قال: "إقبال العملاء علي إيجار الخزائن الحديدية لدى البنك ارتفع بشكل ملحوظ خلال آخر عامين، ما أرجعه إلى رغبة العميل في تأمين ما يمتلكه من مقتنيات ثمينة زادت قيمتها مع تراجع قيمة الجنيه، وأيضا للإقبال غير المسبوق على شراء الذهب كأحد الأسباب التي قد تكون وراء الضغط على إيجار الخزائن بالبنوك".
وفي النهاية، اضطر أحمد حسين وزوجته إلى شراء خزينة حديدية في منزله الواقع شرقي القاهرة وتسليم أمره إلى الله بعد أن فشل في تأجير خزينة بأحد البنوك الخليجية العاملة في مصر الذي يتعامل معها منذ عدة سنوات.