الشرق
توقَّعت وكالة "فيتش" للتصنيفات الائتمانية تباطؤ معدَّل نمو الناتج الإجمالي في مصر خلال العام المالي الجاري 2020 / 2021 إلى 3% مقابل 5.6% في العام المالي الماضي، وذلك نتيجة للتداعيات السلبية لفيروس كورونا على النشاط الاقتصادي، وخاصة القطاعات الرئيسية، مثل: السياحة، والتجارة، وكذلك النقل، وقناة السويس.
وقالت الوكالة في تقرير صادر اليوم الأربعاء، إنَّ تلك البيئة الاقتصادية ستؤثِّر على أداء القطاع المصرفي الذي يقع تحت ضغط السياسة النقدية للبنك المركزي المصري، الذي خفَّض معدَّل الفائدة بنحو 400 نقطة أساس تراكمياً خلال عام 2020، وهو ما يمثِّل عنصر ضغط على عائدات السندات الحكومية التي تقوم البنوك المصرية بشرائها ضمن مخصَّصات الاستثمار في أدوات الدَّين السيادية.
وبرغم تلك الضغوط، ترى "فيتش" أنَّ القيود على النشاط الاقتصادي ضمن مكافحة جائحة كورونا هي أقل بكثير من معظم دول العالم، وهو ما يدعم الإنفاق الاستهلاكي، وكذلك الدعم الذي يتلقَّاه الاقتصاد من مشاريع البنية التحتية سيدعم استمرار النمو الاقتصادي في المنطقة الإيجابية، ولكن بصورة أبطأ من العام المالي الماضي.
وألقى تقرير فيتش الضوء على تداعيات جائحة كورونا على القطاع المصرفي المصري حيث توقعت الوكالة أن تزداد وتيرة تراكم المخصصات في ظل توقع ازدياد معدلات التعثر بعد انتهاء أثر إجراءات البنك المركزي الداعمة، وخاصة تأجيل سداد أقساط القروض وما سوف يتبعه من تأثير سلبي على مستويات الربحية والرسملة.
جودة الأصول
توقعت فيتش تراجع معدل جودة الأصول لدى القطاع المصرفي في مصر ليزداد معدل القروض المتعثرة إلى إجمالي القروض إلى 4% بنهاية العام الجاري مقارنة باستقراره عند 3.4% بنهاية الربع الثالث من العام 2020 بفضل قرارات البنك المركزي المصري، وفي مقدمتها تمديد سداد أقساط القروض لمدة ستة أشهر، بالإضافة إلى العديد من الإجراءات الأخرى والتي ساهمت في الحد من وتيرة تدهور جودة الأصول والتي ستبدأ في التسارع بمجرد انتهاء أثر تلك الإجراءات، الأمر الذي سيزيد من الضغوط على المؤشرات الرئيسية لجودة الأصول وسط ازدياد معدل التعثر وتصنيف قروضٍ جيدة كقروض ذات احتمال أكبر على التعثر.
زيادة المخصصات
تعتمد ربحية البنوك المصرية بشكل كبير على عوائد الاستثمار في أذون وسندات الخزانة الحكومية والتي بدأت في التراجع منذ العام 2019.
وتتوقع وكالة فيتش استمرار الضغوط على الأرباح التشغيلية للبنوك نتيجة لانخفاض أسعار الفائدة والزيادة المتوقعة في مخصصات خسائر الائتمان بالتزامن مع ازدياد معدل التعثر بعد انتهاء أثر إجراءات الدعم. وعلى الرغم من تلك الضغوط ترى الوكالة أن مستويات الأرباح سوف تبقى في مستويات جيدة.
الرسملة نقطة ضعف
وأشار التقرير إلى أن معدلات رسملة البنوك المصرية تمثل نقطة ضعف في تصنيفها الائتماني نتيجة التعرض الكبير لمقترض واحد وهو الحكومة، وخاصة مع احتساب المخاطر المرجحة للديون السيادية بالعملة المحلية عند 0% بحسب التعليمات الرقابية من البنك المركزي المصري.
وفي المقابل سيساهم قرار المركزي المصري بمنع البنوك من توزيع أرباح على مساهميها عن النتائج المالية للعام 2020 في تعويض انخفاض قدرة البنوك على توليد رأس المال وتخفيف الضغوط على مستويات الرسملة.
تحسن السيولة بالعملات الأجنبية
شهدت سيولة البنوك بالعملات الأجنبية تحسناً في ظل عودة إقبال المستثمرين الأجانب على تداول أذون وسندات الخزانة الحكومية ذات العائد الحقيقي المرتفع والذي يتزامن مع استقرار سعر صرف الجنيه المصري، وذلك بعد موجة تخارجات شهدتها الاستثمارات الأجنبية خلال شهري مارس وأبريل من العام الماضي.
ولكن تبقى هناك تهديدات لتلك السيولة في ظل اعتمادها على معدل إقبال المستثمرين الأجانب على الاستثمار في ديون الأسواق الناشئة ومخاطر تقلبات أسعار الصرف ولذلك تحتاج البنوك إلى عودة إيرادات مصر المستقرة من العملات الأجنبية لضمان استمرار تحسن تلك المعدلات في المستقبل.
دعم حكومي لـ "الأهلي" و"مصر"
صنفت الوكالة ثلاثة بنوك مصرية، من بينها بنكان حكوميان هما البنك الأهلي وبنك مصر عند مستوى +B ونظرة مستقبلية مستقرة لكليهما، وأرجعت فيتش التصنيف إلى زيادة احتمال تلقي البنكين لدعم حكومي إذا تطلب الأمر، واستشهدت بتقديم الحكومة قروضا بدون فائدة لثلاثة بنوك حكومية في العام 2017 من بينها بنكي الأهلي ومصر من أجل تدعيم مستويات الرسملة الخاصة بها على أثر قرار تعويم العملة وقتها.
وحصل البنك الثالث وهو التجاري الدولي على نفس التصنيف الائتماني عند +B ولكن مع نظرة مستقبلية "سلبية" والتي أرجعتها الوكالة إلى تأثر مؤشرات القوة المالية للبنك بتدهور البيئة التشغيلية والمتوقع أن تستمر في المدى المتوسط.