الشرق
أعلنت مصر والسودان، أنَّ أحدث جولة للمفاوضات مع إثيوبيا بشأن سد النهضة، التي عُقدت في كينشاسا برعاية الاتحاد الإفريقي، يومي 4و5 أبريل الحالي انتهت دون تحقيق تقدُّم.
قال وزير الخارجية المصري، سامح شكري، إنَّ كلَّ ما تمَّ تداوله من أطروحات مختلفة بشأن أزمة سد النهضة، كانت دائماً تجد رفضاً من الجانب الإثيوبي، وصل إلى درجة التنصل للإجراءات التي نشأت على أساسها المفاوضات منذ البداية.
وأكَّد الوزير، في تصريحات إعلامية مساء أمس الثلاثاء، أنَّ مصر ستتخذ ما تراه ملائماً فى الفترة المقبلة لحماية الأمن القومي المائي، ولمنع وقوع ضرر على حصة مصر في المياه، مشدداً: "سنتحرَّك سياسياً في كلِّ المسارات فى إطار علاقتنا مع شركائنا الدوليين، وكل هذه المراحل بتنسيق وثيق مع أشقائنا في السودان بسبب وحدة الهدف والمصير".
وأضاف شكري، أنَّ مصر لم تحاط علماً، "ولم يطرح رئيس الاتحاد الأفريقي خلال الاجتماع الثلاثاء أي مواعيد لاستئناف المفاوضات".
غياب الإرادة السياسية
من جانبها، أكَّدت وزيرة الخارحية السودانية مريم الصادق المهدي، أنَّ السودان حريص على العلاقات والمصالح المشتركة، وفي الوقت ذاته لن يسمح بتهديد أمنه القومي.
وأضافت الوزيرة في سلسلة تغريدات على حسابها في "تويتر"، أنَّ "مواصلة التفاوض بنفس المنهجية القديمة لن يقود إلى اتفاق"، مشيرة إلى أنَّ الرباعية التي طرحها السودان، "تُمثِّل المدخل الصحيح للاتفاق حول سد النهضة".
وبيَّنت أنَّ الجانب الإثيوبي "رفض بإصرار شديد كل الصياغات والحلول البديلة التي قدَّمها السودان ومصر، وهو ما يؤكِّد "غياب الإرادة السياسية"، مشددةً على أنَّ "التعنُّت الإثيوبي وإصراره على الملء الثاني من دون اتفاق ملزم، سيجعلنا نفكِّر في الخيارات التي تحفظ مصالحنا، وتحمي شعبنا".
"الملء الثاني" وفق الموعد
من جهتها، أعلنت إثيوبيا أمس، أنَّ الملء الثاني لسد النهضة سيتمُّ وفقاً لما هو مقرر في إعلان المبادئ، مبديةً استعدادها لتسهيل تبادل البيانات، والمعلومات حول عملية الملء.
وأشارت وزارة الخارجية الإثيوبية في بيان إلى أنَّ أديس أبابا "لا يمكنها أن تدخل في اتفاق يعوق حقوقها المشروعة الحالية والمستقبلية في ما يتعلَّق بالاستفادة من النيل"، على حدِّ تعبيرها.
ووفقاً للبيان، سلَّط وزير الخارجية الإثيوبي ديميكي ميكونين في ملاحظاته الافتتاحية الضوء على حقوق جميع الدول الواقعة على ضفاف النهر لاستخدام نهر النيل والحاجة إلى التعاون، مشيراً إلى "أهمية مراجعة احتكار استخدام مياه النيل من جانب دول المصب"، بحسب تعبيره.
واتهمت إثيوبيا مصر والسودان بـ"اتباع نهج يسعى إلى تقويض العملية التي يقودها الاتحاد الإفريقي"، وأخذ مسألة "سد النهضة" بعيداً عن المنصة الإفريقية.
وقالت الخارجية الإثيوبية، إنَّ "مصر والسودان عرقلتا استئناف التفاوض من خلال رفض مسوَّدة البيان الختامي التي اقترحها رئيس الاتحاد الإفريقي"، وهي المسوَّدة التي قالت الخارجية، إنَّ أديس أبابا قبلت بها "مع بعض التعديلات الطفيفة".
تطوير العملية التفاوضية
وقال السفير أحمد حافظ المتحدِّث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، إنَّ جولة المفاوضات التي عقدت في كينشاسا حول سد النهضة الإثيوبي خلال يومي 4 و 5 إبريل 2021 لم تحقق تقدُّماً، ولم تفضِ الى اتفاق حول إعادة إطلاق المفاوضات.
وأوضح في بيان على الصفحة الرسمية لوزارة الخارجية المصرية على "فيسبوك"، أنَّ الجانب الإثيوبي رفض المقترح الذي قدَّمه السودان، وأيَّدته مصر بتشكيل رباعية دولية تقودها جمهورية الكونجو الديمقراطية التي ترأس الاتحاد الإفريقي للتوسط بين الدول الثلاث، كما رفضت إثيوبيا خلال الاجتماع كل المقترحات والبدائل الأخرى التي طرحتها مصر، وأيَّدتها السودان من أجل تطوير العملية التفاوضية لتمكين الدول، والأطراف المشاركة في المفاوضات كمراقبين من الانخراط بنشاط في المباحثات والمشاركة في تسيير المفاوضات، وطرح حلول للقضايا الفنية، والقانونية الخلافية.
وأشار حافظ إلى رفض إثيوبيا مقترحاً مصرياً تمَّ تقديمه خلال الجلسة الختامية للاجتماع الوزاري، ودعمته السودان بهدف استئناف المفاوضات بقيادة الرئيس الكونجولي، وبمشاركة المراقبين وفق الآلية التفاوضية القائمة، إلا أنَّ إثيوبيا رفضت هذا الطرح؛ مما أدَّى إلى فشل الاجتماع في التوصُّل لتوافق حول إعادة إطلاق المفاوضات.
وذكر المتحدِّث الرسمي باسم وزارة الخارجية أنَّ هذا الموقف يكشف مجدداً عن غياب الإرادة السياسية لدى إثيوبيا للتفاوض بحسن نية وسعيها للمماطلة والتسويف من خلال الاكتفاء بآلية تفاوضية شكلية وغير مجدية، وهو نهج مؤسف يعيه المفاوض المصري جيداً، ولا ينطلي عليه.
من جانبها قالت وزارة الخارجية السودانية في بيان، إنَّ محادثات العاصمة الكنغولية كينشاسا بشأن سد النهضة الاثيوبي قد انتهت دون إحراز أي تقدُّم بسبب التعنُّت الإثيوبي.
وأشارت إلى أنَّ إثيوبيا رفضت بإصرار كل الخيارات البديلة، والحلول الوسطى التي تقدَّم بها السودان لمنح دور للشركاء الدوليين ممثَّلين في الأمم المتحدة، والاتحاد الإفريقي، والاتحاد الأوربي، والولايات المتحدة الأمريكية في تسهيل التفاوض، والتوسُّط بين الأطراف الثلاثة.
وذكرت الخارجية السودانية أنَّ الجانب الإثيوبي أصرَّ على مواصلة التفاوض بالنهج القديم نفسه الذي تمَّ تجريبه منذ يونيو 2020 دون جدوى، وألا يتابع المفاوضات إلا عن طريق مراقبين يكتفون بالاستماع، ولا يحق لهم التقدُّم بأيِّ فكرة أو مقترح لمساعدة المتفاوضين.
وأكَّد السودان أنَّ تجربة الملء الأول للسد التي جرت في يوليو الماضي ألحقت أضراراً فادحة بالسودان، تمثَّلت في شحِّ مياه الري والشرب حتى في العاصمة الخرطوم، عندما احتجزت إثيوبيا 3.5 مليار متر مكعب من المياه خلال أسبوع واحد فقط دون إخطار السودان مسبقاً، في حين من المتوقَّع تخزين 13.5 مليار هذا العام حسب الخطط المعلنة من الجانب الإثيوبي.
وشدَّد السودان على أنَّ هذا يمثِّل تهديداً حقيقياً لا يمكن قبوله، كما أنَّ هذا التعنُّت الإثيوبي يحتِّم على السودان التفكير في كلِّ الخيارات الممكنة لحماية أمنه ومواطنيه بما يكفله له القانون الدولي.