تسريح العمالة الملاذ الأخير أمام الشركات الأميركية

عدد الأميركيين العاملين بدوام جزئي لأسباب اقتصادية ارتفع إلى أعلى مستوى له في ثلاثة أعوام

time reading iconدقائق القراءة - 6
أشخاص يسيرون في شارع مزدحم باتجاه إشارة مرور تُظهر رمز \"لا تمشي\" (اليد المرفوعة) - المصدر: بلومبرغ
أشخاص يسيرون في شارع مزدحم باتجاه إشارة مرور تُظهر رمز "لا تمشي" (اليد المرفوعة) - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

تعتمد قدرة بنك الاحتياطي الفيدرالي على تجنب الانكماش الاقتصادي جزئياً على مدى استمرار العقبات التي تلت الجائحة، لاسيما المتعلقة باحتفاظ أصحاب العمل بالعمالة.

تجنبت الشركات المتضررة من نقص العمالة في فترة الجائحة إلى حد كبير تسريح الموظفين، حتى مع ارتفاع أسعار الفائدة إلى أعلى مستوى لها منذ أكثر من عقدين وظهور إشارات تباطؤ الاقتصاد. لكنها اتجهت بدلاً من ذلك إلى تقليص عمليات التوظيف وأعداد الوظائف الشاغرة وخفض ساعات العمل.

لكن البيانات الأخيرة تثير مخاوف من اقتراب انتهاء صبر أرباب العمل، وتسريعهم لوتيرة تسريح العمالة.

عن ذلك، قال سكاندا أمارناث، المدير التنفيذي لمنظمة "إمبلوي أميركا" (Employ America)، إن "تباطؤ سوق العمل  يعتبر جزءاً طبيعياً من عملية عودة الاقتصاد إلى وضعه الطبيعي قبل الوباء. وإذا استمر هذا الوضع كما هو عليه الآن، فربما تظهر مشاكل أكبر".

مخاوف الفيدرالي من البطالة

لم يغب وضع سوق العمل الدقيق عن أذهان مسؤولي بنك الاحتياطي الفيدرالي، الذين ركزوا بشكل أكبر على تجنب ارتفاع معدلات البطالة. وبالرغم من رغبتهم طويلة الأمد في تهدئة سوق العمل المحمومة، يخشى المسؤولون تباطؤها أكثر من اللازم، خاصة مع اقتراب التضخم الآن من هدفهم البالغ 2%.

يقول صُناع السياسات إن سوق العمل لا يزال قوياً، لكن رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول أوضح الأسبوع الماضي أن المخاطر السلبية التي تهدد التوظيف "حقيقية الآن".

تفاقمت هذه المخاوف بسبب أحدث تقرير للوظائف، الذي أظهر تباطؤاً ملحوظاً في التوظيف وارتفاعاً غير متوقع في البطالة، إذ ارتفع معدل البطالة للشهر الرابع على التوالي ليصل إلى أعلى مستوى له في ثلاثة أعوام تقريباً عند 4.3%، مما أثار مؤشر ركود يُراقب عن كثب.

توظيف متعثر وتسريح محدود

تخبئ التفاصيل الكثير. ارتفع عدد الأميركيين العاملين بدوام جزئي لأسباب اقتصادية، مثل ظروف العمل غير المواتية، إلى أعلى مستوى له في ثلاثة أعوام. وتباطأ نمو الأجور وانخفض متوسط ​​ساعات العمل الأسبوعية لتصل إلى أدنى مستوى منذ بداية الجائحة.

قال ريتشارد مودي، كبير الاقتصاديين في مؤسسة "ريجونز فاينانشيال" (Regions Financial)، إن "أرباب العمل لديهم وسيلة بديلة بإمكانهم استخدامها وهي ساعات العمل"، مضيفاً أن العديد من الشركات لا تزال مترددة في تسريح العمالة حالياً. وتابع: "إذا شعرت الشركات بأن الأمور تتباطأ وستظل على هذا النحو، فإنهم سيتجهون نحو تسريح العمال عند مرحلة ما".

يتوقع الكثيرون خفض تكاليف الاقتراض في اجتماع الاحتياطي الفيدرالي المقرر في سبتمبر، لكن البعض يزعم أن صُناع السياسات كان ينبغي لهم التدخل بالفعل لدعم سوق العمل. ويرى المستثمرون وبعض الاقتصاديين الآن أن البنك المركزي سيبدأ خفض الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية بعد صدور أرقام التوظيف في يوليو.

حث بعض مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي المستثمرين على عدم الاعتماد كثيراً على التقارير المنفردة، خاصة إذا كانت متأثرة بسوء الأحوال الجوية وارتفاع حالات التسريح المؤقت. ومع ذلك، يشعر المستثمرون والاقتصاديون بالقلق إزاء مدى ضآلة الفجوة بين سوق العمل اليوم، حيث يعمل العديد من الأميركيين ويواصل المزيد منهم دخول سوق العمل، والتدهور الكبير في هذه السوق.

قال توماس باركين، رئيس الاحتياطي الفيدرالي في ريتشموند، عقب صدور تقرير الوظائف الجمعة الماضية، إن "أرباب العمل لا يوظفون أحداً، لكنهم لا يسرحون أيضاً، وهذا ليس طبيعياً. والسؤال الذي ينبغي طرحه هو: إلى متى تستمر بيئة العمل ذات معدلات التوظيف والتسريح المنخفضة".

تأثير الجائحة

عندما خرج الاقتصاد من جائحة كوفيد-19، واجه أرباب العمل في الولايات المتحدة صعوبة في توظيف عدد كافِ من العمال لمواكبة المستهلكين المتحمسين لاستئناف الإنفاق بعد عمليات الإغلاق. ففي مارس 2022، كانت هناك وظيفتان شاغرتان لكل عاطل عن العمل. كما قدم أرباب العمل زيادات كبيرة في الأجور وحوافز أخرى لجذب العمال، مما أدى إلى زيادة الأسعار.

لكن عندما رفع الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة بشكل كبير في عامي 2022 و2023 لكبح نمو الأسعار، مما أدى إلى تباطؤ الاقتصاد، لم يستجب أرباب العمل كما هو متوقع. فقد تراجعت الوظائف الشاغرة ببطء، لكن البطالة ظلت منخفضة مع قلة التسريحات. والآن، مع وجود وظيفة شاغرة لكل عاطل عن العمل، بما يتماشى مع مستويات 2019، حذر المسؤولون من أن ضعف الطلب قد يرفع البطالة.

تعليقاً على الأمر، قال كريستوفر والر، عضو مجلس الاحتياطي الفيدرالي، في مايو، إن "العلاقات الاقتصادية القديمة الطبيعية ربما تبدأ في الظهور. ولا يمكننا الاستمرار في الاعتماد على الوظائف الشاغرة لاستيعاب أي انخفاضات أخرى خاصة أننا نستعد للعودة إلى الأنماط الاقتصادية التقليدية".

ضغوط سوق العمل

في الوقت نفسه، ارتفعت طلبات الاستمرار في تلقي إعانات البطالة. وأعلنت بعض الشركات، مثل "إنتل"، عن خفض أعداد الوظائف. ومع ذلك، انخفضت الطلبات الأولية للحصول على إعانات، وهو مؤشر على تسريح العمالة، الأسبوع الماضي بأكبر قدر منذ ما يقرب من عام.

وقالت ماري دالي، رئيسة الاحتياطي الفيدرالي في سان فرانسيسكو، يوم الاثنين، إن "الشركات إما تحافظ على استقرار قوتها العاملة أو تتركها تتباطأ بالتناقص الطبيعي. والخطوة التالية هي قول إننا بحاجة إلى تقليص أجورنا، لكننا لم نرِ ذلك على نطاق واسع حتى الآن".

تصنيفات

قصص قد تهمك