الولايات المتحدة ليست في ركود اقتصادي على الرغم من أن المؤشر الذي يحمل اسمي يؤكد عكس ذلك.
"قاعدة سهم"، التي استدعاها تقرير للوظائف صدر يوم الجمعة وكان أضعف من المتوقع، تنضم إلى قائمة طويلة من الأدوات الاقتصادية التي اختل أداؤها بسبب الاضطرابات غير العادية التي شهدتها أربعة أعوام ونصف العام الماضية.
مع ذلك، ما تزال "قاعدة سهم" قابلة للتطبيق، وأنا أقول هذا بمزيج من التواضع والقلق. فقد ارتفعت مخاطر الركود الاقتصادي، مما يدعم الرأي القائل بضرورة تخفيض الاحتياطي الفيدرالي الأميركي أسعار الفائدة.
يعرّف المكتب الوطني للبحوث الاقتصادية حالة الركود بأنها "انخفاض كبير في النشاط الاقتصادي ينتشر عبر الاقتصاد، ويستمر لأكثر من بضعة أشهر". ويتخذ المكتب قراره الرسمي بعد عدة أشهر من تقييم مجموعة من البيانات الاقتصادية.
في الوقت الراهن، تبدو معظم البيانات التي يبحثها المكتب قوية. فعلى سبيل المثال، ارتفع الإنفاق الاستهلاكي الحقيقي بنسبة 2.6% على أساس سنوي في الربع الثاني، وبلغ متوسط الزيادة في عدد المدرجين على قوائم الأجور شهرياً 170 ألف موظف في الأشهر الثلاثة الماضية. وكان الاستثناء الملحوظ هو التوظيف كما تم قياسه من خلال المسح السكاني للأسر، والذي لم يتغير بشكل أساسي هذا العام.
ومع ذلك، فالاقتصاد ما زال ينمو ولو بسرعة أقل. فلا يوجد ركود، على الأقل حتى الآن.
لكن الظروف يمكن أن تتغير بسرعة، وبحلول الوقت الذي يرصد فيه المكتب الوطني للبحوث الاقتصادية رسمياً حالة الركود، يكون قد فات الأوان لتوجيه صناع السياسة.
"قاعدة سهم" إنذار مبكر بالركود
الغرض من "قاعدة سهم" هو أن تلعب دورها كشكل من أشكال التشخيص المبكر. وقد قمتُ بابتكارها في أوائل عام 2019 لتوفير وقت الانتظار على المكتب الوطني للبحوث الاقتصادية، وحتى تعمل كمحفز تلقائي للسياسة المالية في حالة حدوث الأزمة، مثل أموال تحفيز الاقتصاد.
هذه القاعدة، التي سُميت في ما بعد باسمي، بسيطة ودقيقة للغاية (تاريخياً) من حيث التصميم. فعندما يرتفع متوسط معدل البطالة في الولايات المتحدة لثلاثة أشهر بمقدار نصف نقطة مئوية أو أكثر عن أدنى مستوى للبطالة في الأشهر الاثني عشر السابقة، يصبح اقتصاد البلاد فعلاً في ركود.
منذ عام 1970، تشير القاعدة بشكل صحيح إلى كل ركود وقع، ولا نجدها خارج فترات الركود (على الرغم من أن عام 1976 تجنب ركود الاقتصاد بصعوبة بالغة). وفي عامي 1959 و1969، ظهرت "قاعدة سهم" خارج فترة الركود، ولكن تبع ظهورها ذلك ركود الاقتصاد في غضون ستة أشهر.
مع ذلك، وكما ستخبرك أي نشرة استثمارية: الأداء السابق ليس مؤشراً على النتائج المستقبلية.
تعتمد "قاعدة سهم" على حلقة قوية تغذي نفسها ذاتياً، فقد تتحول الزيادات المحدودة نسبياً في معدل البطالة إلى زيادات كبيرة. ويؤثر العمال الذين لا يتقاضون راتباً على طلب المستهلكين، مما يؤدي إلى زيادة عدد العمال الذين لا يتقاضون أي رواتب. كما يؤثر ارتفاع معدل البطالة على قطاعات أوسع من مجرد العاطلين عن العمل، لأنه عادة يتزامن مع انخفاض الزيادة في الأجور وفرص العمل، فضلاً عن زيادة حالة الغموض وعدم الثقة بشكل عام.
معدل البطالة الحالي و"قاعدة سهم"
في حالات الركود التي شهدتها الولايات المتحدة في الفترة من 1947 إلى 2007-2009، ارتفع معدل البطالة تدريجياً في الأشهر الأولى، ثم ارتفع بشكل كبير.
وفي المتوسط، تجاوز معدل البطالة عند نقطة الذروة مستوى ما قبل الركود بنحو 3 نقاط مئوية. وتدخل الزيادة في معدل البطالة خلال العام الماضي، في نطاق حالات الركود السابقة.
مستوى البطالة ليس حاسماً، بل إن معدل التغير هو الأهم. فعلى سبيل المثال، دخلت الولايات المتحدة في فترة الركود في عامي 1969-1970 بمعدل بطالة يبلغ حوالي 3.5%، ودخلت ركود 1981-1982 بمعدل بطالة يزيد عن 7%.
على مدى فترات أطول، يؤثر تغير التركيبة السكانية على معدل البطالة العام. ويقدر مكتب الميزانية في الكونغرس أن المعدل الطبيعي للبطالة بلغ ذروته عند أكثر من 6% في أواخر سبعينيات القرن الماضي، وانخفض ببطء إلى 4% في العام الماضي، مما يعكس جزئياً شيخوخة القوى العاملة الأكثر خبرة.
التركيز على التغيرات التي تحدث على فترات أقصر، مثل عام واحد، يجعل فترات الركود أكثر قابلية للمقارنة. وهو ما يعيدنا إلى تقرير الوظائف الذي صدر يوم الجمعة الماضية. أدى ارتفاع معدل البطالة في يوليو إلى 4.3% لصعود مؤشر "قاعدة سهم" إلى مستوى 0.53 نقطة مئوية– أي أعلى بقليل من مستوى تفعيلها. ومع ذلك، هناك سبب وجيه للنظر إلى الارتفاع الحالي في معدل البطالة على أنه يبالغ في إظهار ديناميات الركود.
في الخريف الماضي، عندما بدأ معدل البطالة في الارتفاع، ومرة أخرى هذا الربيع، حيث ارتفع بشكل ملحوظ في العديد من الولايات، أوضحت أن الأمور قد تكون مختلفة هذه المرة، بمعنى أن ظهور "قاعدة سهم" قد لا يكون مؤشراً على أن الولايات المتحدة في حالة ركود. فمن شأن الزيادة في حجم القوى العاملة، وخاصة زيادة معدلات الهجرة، أن تساهم بشكل كبير في ارتفاع معدل البطالة.
لماذا يختلف الوضع هذه المرة؟
يكتسب الارتفاع في معدل البطالة نتيجة ضعف الطلب على العمال قوة دافعة في فترات الركود، وهذا هو السبب في أن مؤشر "قاعدة سهم" نجح تاريخياً. لكن ارتفاع معدل البطالة نتيجة زيادة المعروض من العمال أمر مختلف.
سينخفض المعدل بمجرد أن "تواكب" الوظائف المعروضة عدد الباحثين الجدد عن عمل، وتسمح زيادة أعداد العمال بزيادة معدل نمو الاقتصاد. لا تفرق "قاعدة سهم" بين هاتين الديناميتين، وقد تبدو نذير شؤم بدرجة أكبر عندما تنمو قوة العمل بوتيرة سريعة.
هناك دلائل على أن زيادة المعروض من الأيدي العاملة، وليس فقط ضعف الطلب عليها، ساعد في دفع مؤشر "قاعدة سهم" ليتجاوز عتبة 0.5 نقطة مئوية.
تسبب العاطلون الذين انضموا إلى القوى العاملة (الجدد منهم أو العائدون) في حوالي نصف هذه الزيادة، وهي نسبة أعلى بشكل ملحوظ مما كانت عليه في فترات الركود الأخيرة، عندما جاءت معظم الزيادة من العاطلين عن العمل الذين جرى تسريحهم من أعمالهم تسريحاً مؤقتاً أو دائماً. لذلك فإن القراءة الحالية لـ"قاعدة سهم" على الأرجح تبالغ في تقدير مدى ضعف الطلب على العمال، وأنها لم تبلغ المستوى الركودي.
ومع ذلك، هناك مخاطر. فقد حدثت حالات الركود أثناء نمو حجم القوى العاملة، كما في سبعينات القرن الماضي، وبالتالي فإن المشهد الحالي لن يكون شذوذاً تاريخياً بالنسبة للمراحل الأولى من الركود. وقد انخفض معدل التوظيف الآن إلى مستوياته في عام 2014، عندما بلغ معدل البطالة 6%.
إن جانباً من تأثير المنضمين إلى قوة العمل على مؤشر "قاعدة سهم" ربما يرجع أيضاً إلى انخفاض الطلب على العمال. فغالباً ما يرتفع معدل تسريح العمال من وظائفهم في وقت متأخر في فترات الركود.
قال جيروم باول، رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، الأسبوع الماضي إن البيانات تُظهر "عودة تدريجية مستمرة لأوضاع سوق العمل إلى طبيعتها".
ومع ذلك، فإن الارتفاع في معدل البطالة على مدى العام الماضي، والذي تعكسه قاعدتي، يبدو الآن وكأننا تجاوزنا الأوضاع الطبيعية واقتربنا بشكل غير مريح من الركود. لقد حان الوقت لكي يستخدم الاحتياطي الفيدرالي أدواته الخاصة ويخفض أسعار الفائدة.