بلومبرغ
انكمش نشاط التصنيع في الصين بشكل مفاجئ لأول مرة منذ تسعة أشهر في يوليو الماضي، وفق مسح خاص، مما يشير إلى احتمالية تباطؤ قطاع التصدير في البلاد، كما قد يلقي هذا بظلاله على آفاق الاقتصاد.
انخفض مؤشر "كايشين" لمديري المشتريات التصنيعي إلى 49.8 نقطة في يوليو مقارنة بـ51.8 نقطة في يونيو، وفقاً لبيان صدر يوم الخميس عن "كايشين" و"إس آند بي غلوبال". وجاء المؤشر أقل من أوسط التوقعات البالغ 51.5 نقطة، لتكن هذه هي المرة الأولى منذ أكتوبر التي ينخفض فيها المؤشر إلى ما دون 50 نقطة، التي تعتبر الخط الفاصل بين التوسع والانكماش.
ربما يعكس هذا المؤشر الخاص ضعف الزخم في الشحنات الخارجية، خاصة أنه يركز على الشركات الصغيرة والموجهة للتصدير. وتعد القراءة الضعيفة علامة تحذير أخرى لنقطة مضيئة نادرة في ثاني أكبر اقتصاد في العالم بعدما أظهر مقياس رسمي انكماش النشاط التصنيعي للشهر الثالث على التوالي في يوليو.
قالت ميشيل لام، الاقتصادية في منطقة الصين الكبرى لدى "سوسيتيه جنرال": "شهدنا أداءً أقوى من قبل في قراءة مؤشر كايشين، ربما بفضل تحسن أداء المصدرين الأصغر حجماً. لكن التراجع الحالي يشير إلى وجود مخاطر من ضعف زخم الصادرات".
انخفض مؤشر الأسهم الصينية المحلية بنحو 0.4% بعد صدور البيانات التي خيبت التوقعات، ليخسر المكاسب التي سجلها أمس الأربعاء بدعم من آمال التحفيز المتزايدة. كما انخفض مؤشر هانغ سنغ للشركات الصينية بمقدار 0.7% قبل تقليص بعض خسائره.
نمو اقتصاد الصين
نما اقتصاد الصين هذا العام بفضل الصادرات القوية والإنتاج الصناعي، حيث ظل الاستهلاك ضعيفاً وسط الركود المستمر في قطاع الإسكان. وأدى تباين الانتعاش إلى ظهور دعوات لاتخاذ تدابير لتحفيز الإنفاق اللازم للحفاظ على النمو.
وتهاوى إجمالي الطلبات الجديدة لأول مرة منذ يوليو من العام الماضي وتباطأ نمو مؤشر طلبات التصدير، وفقاً لمسح "كايشين".
قال وانغ تشي، كبير الاقتصاديين في مجموعة "كايشين إنسايت غروب" (Caixin Insight Group) في بيان مصاحب للبيانات، إن "أبرز المشكلات التي لا يزال يواجهها الاقتصاد هي هشاشة الطلب الداخلي وضعف تفاؤل السوق".
ويتناقض هذا التراجع مع أجزاء أخرى من آسيا، بما فيها تايوان وكوريا الجنوبية وفيتنام، التي توسعت أنشطتها التصنيعية في يوليو، وفقاً لمسوحات المصانع.
إنفاق المستهلكين محور التركيز
تعهد كبار صناع السياسات في الصين بجعل تعزيز الإنفاق الاستهلاكي محور تركيز أكبر في اجتماع المكتب السياسي في يوليو، متعهدين بإطلاق تدابير جديدة لدعم الاقتصاد دون إيضاح أي تفاصيل. وأثر تباطؤ الطلب الاستهلاكي بالفعل على العلامات التجارية العالمية مثل سلسلة المقاهي الأميركية "ستاربكس" وعملاقة التجميل الفرنسية "لوريال" (L’Oréal) وشركة "فاست ريتايلينغ" (Fast Retailing) اليابانية، مما أدى إلى انخفاض المبيعات والتأثير على تقييمات الأسهم.
أصدرت الحكومة الصينية أيضاً خطة خمسية هذا الأسبوع لتعزيز معدل التحضر إلى 70%، مما قد يساعد في زيادة الإنتاجية والاستهلاك. وهذه النسبة كانت تقدر بحوالي 66% في نهاية 2023، وفقاً لمكتب الإحصاءات.
مخاطر التعريفات الجمركية الجديدة
تواجه المصانع الصينية حالة من انعدام اليقين الخارجي المتزايد، وسط مضي مناطق مثل الاتحاد الأوروبي قدماً في فرض التعريفات الجمركية على البضائع القادمة من الصين مثل السيارات الكهربائية. ودفعت تهديدات الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب بفرض تعريفات تصل إلى 50% أو أكثر على الواردات الصينية في حال عودته إلى البيت الأبيض العديد من المصانع المحلية إلى تسريع عمليات الشحن، مما عزز مؤشرات النشاط في الأشهر السابقة.
وكانت نتائج "كايشين" أقوى من المسح الرسمي في كل شهر منذ أكتوبر الماضي، حيث ظلت الصادرات قوية. ويغطي الاستطلاعان (الرسمي والخاص) عادة عينات ومواقع وأنواع أعمال مختلفة.