*بقلم: سفير جمهورية الصين الشعبية لدى المملكة العربية السعودية تشانغ هوا
أجازت الدورة الكاملة الثالثة للجنة المركزية العشرين للحزب الشيوعي الصيني، في 18 يوليو 2024، قراراً بشأن تعزيز تعميق الإصلاح على نحو شامل لدفع التحديث الصيني النمط، حيث تم فيه ذكر كلمة "الانفتاح" 35 مرة. وأشارت الدورة بأن الانفتاح علامة بارزة للتحديث الصيني النمط.
ويلزم التمسك بالسياسة الوطنية الأساسية المتمثلة في الانفتاح على الخارج، والمثابرة على تعزيز الإصلاح من خلال الانفتاح، ورفع قدرة الانفتاح في عملية توسيع التعاون الدولي اعتماداً على تفوق بلادنا (الصين) من حيث السوق البالغة الضخامة، من أجل بناء نظام اقتصادي جديد منفتح على مستوى أعلى. حيث اتخذت الدورة الترتيبات الشاملة لتحسين النظام والآلية للانفتاح الرفيع المستوى على الخارج:
توسيع الانفتاح المؤسسي بخطوات راسخة
تدعو المبادرة إلى التوافق مع القواعد الاقتصادية والتجارية الدولية الرفيعة المستوى، وتحقيق الترابط والتكامل بين القواعد والأنظمة وأساليب الإدارة والمعايير في مجالات حماية حقوق الملكية، والإعانات الصناعية، ومعيار البيئة، والحماية العمالية، والمشتريات الحكومية، والتجارة الإلكترونية، والموارد المالية، وتشكيل بيئة نظامية شفافة ومستقرة وقابلة للتوقع.
كما سنوسع الانفتاح الذاتي، ونعزز بشكل منتظم انفتاح بلادنا على الخارج من حيث أسواق البضائع والخدمات ورأس المال والعمالة، ونزيد الانفتاح الأحادي الجانب إزاء الدول الأقل نمواً. ويتعين الدفاع عن نظام التجارة المتعددة الأطراف ومركزها منظمة التجارة العالمية، والمشاركة بنشاط في إصلاح منظومة الحوكمة الاقتصادية العالمية، وتوفير المزيد من المنافع العامة العالمية. ومن اللازم توسيع شبكة مناطق التجارة الحرة ذات المعايير العالية والموجهة للعالم، وبناء آلية الامتثال التي ترتبط بالقواعد المعمول بها دولياً، وتحسين بيئة الانفتاح والتعاون.
تعميق إصلاح نظام التجارة الخارجية
يجب تعزيز التنسيق بين السياسة التجارية والسياسات المالية والضريبية والمصرفية والصناعية، وتشكيل منظومة سند مؤسسي ودعم سياساتي لبناء دولة قوية تجارياً، وتسريع الإصلاح في مجال تكامل التجارة المحلية والخارجية، والتعامل بنشاط مع الجوانب الرقمية والتنمية الخضراء في مجال التجارة. ومن الضروري دفع ابتكار الرقابة والإدارة في مجالات التخليص الجمركي والضرائب والنقد الأجنبي، وتهيئة بيئة نظامية صالحة لتنمية أشكال وأنماط الأعمال الجديدة.
كذلك من اللازم تحقيق التنمية الابتكارية للتجارة الرقمية، والمضي قدماً في بناء المناطق التجريبية المتكاملة للتجارة الإلكترونية العابرة للحدود. وينبغي بناء مراكز لتجارة السلع الأساسية ومراكز عالمية لتجميع البضائع وتفريغها وتوزيعها، ودعم الكيانات المتنوعة للتخطيط المنتظم لمرافق التداول في الخارج، ودعم المناطق المؤهلة لبناء مراكز للخدمات اللوجستية الدولية ومحاور لتوزيع الموارد ذات الصلة بالسلع الأساسية.
ويتعين الارتقاء بمستوى تجارة الخدمات بشكل مبتكر، وتطبيق القائمة السلبية لتجارة الخدمات عبر الحدود على نحو شامل، ودفع بناء مناطق نموذجية تجريبية شاملة لتوسيع نطاق انفتاح قطاع الخدمات، وتشجيع أجهزة الخدمات المتخصصة على رفع قدرتها لتوفير الخدمات المطابقة للمعايير الدولية. ويجب تسريع وتيرة تنمية التجارة في الخارج، وتطوير أشكال جديدة من شؤون التجارة الدولية في الخارج. وسنبني ونكمل نظام الخدمات المالية عبر الحدود، ونقدم منتجات وخدمات مالية متنوعة.
تعميق إصلاح نظام إدارة الاستثمار الأجنبي والاستثمار في الخارج
من الضروري تهيئة بيئة تجارية من الدرجة الأولى تقوم على مبادئ السوق وتخضع لحكم القانون وتتماشى مع المعايير الدولية، وحماية حقوق المستثمرين الأجانب ومصالحهم وفقاً للقانون. ومن اللازم توسيع قائمة الصناعات المشجَّعة للاستثمار الأجنبي فيها، وتقليص القائمة السلبية لوصول الاستثمارات الأجنبية إلى الأسواق الصينية بشكل معقول، وتنفيذ العمل المعني بإلغاء الإجراءات التي تقيد وصول الاستثمارات الأجنبية إلى قطاع التصنيع على نحو شامل، ودفع توسيع الانفتاح بانتظام في مجالات الاتصالات، وشبكة الإنترنت، والتربية، والتعليم، والثقافة، والطب وغيرها.
وينبغي تعميق إصلاح نظم وآليات تعزيز الاستثمار الأجنبي، وضمان المعاملة الوطنية لشركات التمويل الأجنبية في جوانب مثل الحصول على عناصر الإنتاج الأساسية ومنح التصاريح الأهلية وتحديد المعايير والمشتريات الحكومية، ودعم مشاركة هذه الشركات في التنسيق والتعاون في الطرفين الأولي والنهائي للسلسلة الصناعية.
ومن الضروري تحسين نظم تسهيل حياة الأفراد من خارج البر الرئيسي مثل الإقامة والرعاية الصحية والدفع داخله. ويتعين تحسين نظم وآليات تعزيز وضمان الاستثمار في الخارج، وإكمال منظومة خدمات إدارة الاستثمار في الخارج، ودفع التعاون الدولي في سلسلتي الصناعة والتوريد.
تحسين آلية دفع البناء المشترك لـ"الحزام والطريق" بجودة عالية
سنواصل تنفيذ خطة العمل للابتكار العلمي والتكنولوجي في إطار مبادرة "الحزام والطريق"، ونعزز بناء منصات التعاون المتعدد الأطراف في مجالات مثل التنمية الخضراء، والاقتصاد الرقمي، والذكاء الاصطناعي والطاقة، والضرائب والتمويل، وتقليل الخسائر الناجمة عن الكوارث. ويجب تحسين التخطيط المتكامل برياً وبحرياً وجوياً وسيبرانياً، وتشكيل شبكة الترابط والتواصل الثلاثية الأبعاد في إطار مبادرة "الحزام والطريق". ويلزم المضي قدماً بشكل منسق في تنفيذ المشاريع العلمية الكبيرة والمشاريع "الصغيرة ولكن النافعة" ذات الصلة بمعيشة الشعب.
العلاقة الصينية السعودية
تتمتع الصين والمملكة العربية السعودية باستراتيجيات متطابقة ومفاهيم متشابهة ومزايا متكاملة في التنمية، مما يجعلهما شريكين طبيعيين. في الوقت الراهن، تُعدُّ الصين أكبر شريك تجاري للمملكة، وكذلك المملكة هي أكبر شريك تجاري للصين في غرب آسيا وشمال أفريقيا. حيث تجاوز حجم التجارة الثنائية بين البلدين 100 مليار دولار أميركي لمدة عامين متتاليين، وهو ما يمثل أكثر من 35% من إجمالي حجم التجارة بين الصين ودول مجلس التعاون الخليجي خلال نفس الفترة.
وتُعتبر المملكة العربية السعودية من أوائل الدول التي استجابت ودعمت وشاركت في البناء المشترك لمبادرة "الحزام والطريق". في السنوات الأخيرة، تعمل الصين والمملكة على مواصلة المواءمة الاستراتيجية بين "رؤية السعودية 2030" و"مبادرة الحزام والطريق" الصينية، وشاركت العديد من الشركات الصينية بنشاط في بناء البنية التحتية لمشاريع "رؤية 2030" الكبرى، بما في ذلك مدينة المستقبل (نيوم)، و"ذا لاين"، ومشروع البحر الأحمر.
وفي العام الماضي، وقّع البنكان المركزيان على اتفاقية ثنائية لتبادل العملات المحلية بقيمة 50 مليار يوان/26 مليار ريال سعودي، مما سيعزز تسهيل التجارة والاستثمار بين الطرفين. ومؤخراً، تمّ إدراج أول صناديق الاستثمار المتداولة السعودية (ETF) في الصين رسمياً، وحقق الحد الأقصى للارتفاع في اليوم الأول.
الإصلاح والإنفتاح
الانفتاح يجلب التقدم، والتعاون يحقق الفوز المشترك. الإصلاح والانفتاح هو رحلة ثنائية بين الصين والعالم، وتطور الصين هو أيضاً فرصة للعالم. إن نقطة الانطلاق والهدف النهائي للتحديث الصيني النمط هو تحسين حياة 1.4 مليار مواطن صيني. وللعالم، هذا يعني سوقاً أوسع وفرصاً تنموية غير مسبوقة، مما يضخ قوة دافعة قوية في التحديث العالمي. إن باب الانفتاح الصيني لن يغلق أبداً، بل سيُفتح على نحو أوسع. الصين مستعدة للتعاون مع جميع الدول، بما فيها المملكة، لتحقيق التنمية المشتركة وخلق المزيد من الرفاهية لشعوب البلدين والعالم كله.