بلومبرغ
قال نائب وزير مالية الصين لياو مين إن الطاقة التصنيعية لبلاده تساعد العالم على مكافحة تغير المناخ واحتواء التضخم، وذلك رداً على أحدث انتقادات لوزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين للفائض الصناعي في الصين.
لياو أضاف بمقابلة مع "بلومبرغ نيوز" في ريو دي جانيرو، حيث حضر اجتماع وزراء مالية ومحافظي البنوك المركزية لمجموعة العشرين الأسبوع الماضي: "الصين منذ عقود تُعدُّ عامل قوة لخفض التضخم العالمي من خلال توريدها للمنتجات المصنعة بأسعار جيدة".
وتابع: "الصين توفر الآن أيضاً سلعاً أكثر مراعاة للبيئة في وقت تحاول الدول تحقيق أهدافها في خفض الكربون بحلول 2030". مشيراً إلى أن الطلب العالمي على السيارات التي تعمل بالطاقة الجديدة سيتراوح بين 45 إلى 75 مليون مركبة بحلول نهاية العقد، وهو ما يتجاوز بكثير قدرة العرض الحالية على مستوى العالم، مستشهدا بتقديرات وكالة الطاقة الدولية.
تحدث لياو إلى "بلومبرغ نيوز" يوم الجمعة، بعد يوم من تعهد يلين "بالاستمرار في الضغط على الصين لمعالجة نموذجها الاقتصادي الكلي"، والذي قالت إنه يوجه "الكثير" من الدعم إلى التصنيع ويساهم في زيادة الطاقة الإنتاجية.
حواجز تجارية متزايدة
تواجه بكين حواجز تجارية متزايدةً من الاقتصادات المتقدمة مثل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، بفعل الاعتراض على الإنتاج الزائد لدى الصين وتأثيره على قطاعاتها الصناعية وشركاتها.
يمضي الاتحاد الأوروبي قدما في فرض رسوم جمركية على السيارات الكهربائية الصينية، في حين هدد دونالد ترمب بفرض رسوم جمركية بنسبة 50% أو أكثر على واردات السلع الصينية إذا فاز بالانتخابات الرئاسية في نوفمبر القادم. كما فرضت دول نامية، منها البرازيل وتركيا، رسوماً جمركيةً على المنتجات الصينية بما في ذلك الصلب والسيارات، رغم أنها كانت أقل صراحةً في انتقاد سياسة العملاق الآسيوي الصناعية.
ونوّه لياو بأنه في حين تولي الصين اهتماماً لمخاوف الاقتصادات الكبرى بشأن فائض الطاقة الإنتاجية، فإنها أيضاً تشعر بالقلق إزاء التهديدات التجارية مثل الرسوم الجمركية.
وأضاف: "يتعين علينا أن نعتمد الصراحة في تواصلنا بخصوص قواعد اقتصاد السوق"، مصرحاً أن الصين والولايات المتحدة "ستواصلان مناقشة القضية في اجتماعات مجموعة العمل الاقتصادي الصينية الأميركية".
كان لياو عضواً رئيسياً في فريق المفاوضين الصينيين في المحادثات المرتبطة بالحرب التجارية مع المسؤولين الأميركيين خلال فترة رئاسة ترمب. وتوجه إلى الولايات المتحدة كمساعد لنائب رئيس الوزراء آنذاك ليو هي والتقى ترمب في المكتب البيضاوي. كما استقبل مؤخراً يلين عندما زارت الصين في أبريل.
اختلاف الأساليب التي تتبناها الدول الغنية تجاه الصين مقارنة بدول الجنوب العالمي كانت واضحةً في اجتماعات مجموعة العشرين. فقد انتقدت يلين استراتيجية الصين الاقتصادية ووصفتها بأنها "تهديد لاستمرارية الشركات والعمال في جميع أنحاء العالم". فيما حث رئيس البنك المركزي الألماني يواكيم ناغل البرازيل للحفاظ على علاقاتها مع الدول الغربية بدلاً من الرهان حصراً على الصين لتعزيز نموها الاقتصادي.
الدعم ليس السبب
كبير المستشارين الاقتصاديين للحكومة الهندية فينكاترامان أنانثا ناجيسواران، قال إن موضوع التصنيع المفرط في الصين لم يُطرح خلال أي من المحادثات الثنائية لوفد بلاده، رغم إقراره بأنها "مشكلة" بالنسبة للهند.
وذكر وزير المالية البرازيلي فرناندو حداد أن موقف بعض البلدان من صادرات الصين هو "رد فعل مفهوم"، لكن فائض الإنتاج ليس مستداماً في الأمد البعيد.
وقال لياو في المقابلة إن إعانات الحكومة ليست السبب الرئيسي وراء اكتساب الصناعات الصينية، مثل قطاع الطاقة المتجددة، مزايا تنافسية على نظيراتها. وأضاف أن العوامل الأكثر أهمية هي الاستثمار المؤسسي في البحث والتطوير على مدى سنوات، وريادة الأعمال والابتكار التكنولوجي.
وتابع "تجربة الإصلاح والانفتاح في الصين على مدى أكثر من 40 عاماً الماضية تخبرنا بأنه لا يمكن لصناعة واحدة أن تصبح قطاعاً تنافسياً عالمياً لمجرد الاعتماد على الدعم الحكومي".
وزعم أن بعض البلدان تخلفت عن ركب تطوير المركبات الكهربائية لأنها تتمتع بمزايا في قطاع السيارات التقليدية وبالتالي لم تحوّل تركيزها نحو الصناعة الناشئة. وعلى النقيض من ذلك، كان على الصين أن تسعى إلى النمو في قطاعات جديدة مثل المركبات الكهربائية بسبب افتقارها إلى المزايا في سوق السيارات التقليدية.
كما ذكر لياو خلال مقابلته مع "بلومبرغ" أن اختلال التوازن بين العرض والطلب أمر طبيعي لأي من اقتصادات السوق لأسباب منها أن الشركات تتخذ قراراتها الاستثمارية الخاصة بها وتفعل ذلك على المدى الطويل على أمل تلبية الطلب المرتفع. وأضاف أن قوى السوق ستُظهر ما إذا كانت هذه الشركات قد اتخذت القرارات الصحيحة أم الخاطئة.
وأشار نائب وزير المالية الصيني إلى أن التدفقات الكبيرة لرؤوس الأموال إلى صناعات جديدة ليست نادرةً أيضاً، مستشهداً بهوس الاستثمار السابق في قطاعات مثل تكنولوجيا المعلومات والغاز الصخري والأدوية الحيوية التي أسفرت عن فائض "دوري" في البلدان المتقدمة.