الغموض يكتنف سياسة ترمب الاقتصادية بعد انسحاب بايدن

المستثمرون يقيمون الحاجة لإعادة النظر في رهاناتهم على نتيجة الانتخابات ويترقبون استطلاعات الرأي الجديدة

time reading iconدقائق القراءة - 7
الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب - المصدر: بلومبرغ
الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

زاد المستثمرون رهاناتهم لأسابيع على عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، فقاموا بعدة أمور من بينها تقليص حيازاتهم من السندات الأميركية طويلة الأجل، وشراء عملة "بتكوين" المشفرة. إلا أنهم يدرسون حالياً ما إذا كان خروج جو بايدن من سباق الانتخابات سيعزز من فرص فوز الحزب الديمقراطي، ومدى حاجتهم لإعادة النظر في رهاناتهم.

يبدو أن هناك أمراً واحداً بات مؤكداً بعد تخلي بايدن عن محاولة إعادة انتخابه، وهو أنه على الرغم من أن هذا القرار كان متوقعاً بشكل كبير في ضوء الضغوط التي تعرض لها الرئيس البالغ من العمر 81 عاماً من قبل حلفائه، فهو يمثل عنصر مفاجأة في الحملة الانتخابية، يُرجح أن يؤدي إلى تقلب في الأسواق.

يرى جين مانستر، الشريك المؤسس والشريك الإداري بشركة "ديب ووتر أسيت مانجمنت" (Deepwater Asset Management) أن "هذا يعني زيادة حالة الضبابية. كانت هناك ثقة كبيرة في فوز ترمب، لكن الأسواق لن ترحب بهذا الغموض الجديد، إضافة إلى التغطية الإخبارية للمرشحين الجدد، ومن منهم سيبقى ومن سينسحب، وما يصاحب ذلك من عدم الوضوح".

انسحاب بايدن أحدث مفاجأة

يعد قرار بايدن الأحد التخلي عن سعيه للترشح لولاية رئاسية أخرى، ودعمه ترشيح نائبته كامالا هاريس أحدث مفاجأة ضمن عدة صدمات سياسية امتصتها الأسواق خلال الأسابيع الماضية.

في البداية، كان أداء بايدن كارثياً في المناظرة مع ترمب، ما دفع المستثمرين سريعاً إلى خفض فرص فوزه بالانتخابات، ثم وقعت محاولة اغتيال ترمب، والتي لم ينتج عنها إلا زيادة توقعات عدد كبير من المتعاملين في السوق بفوزه في الانتخابات التي ستقام في نوفمبر.

بينما يستوعب المستثمرون الأنباء الجديدة، ويركزون على القطاعات والاستراتيجيات التي يتوقعون أن تستفيد من دعم المرشح الجمهوري لتيسير أكبر في السياسة المالية، ورفع التعريفات الجمركية، وتخفيف القيود التنظيمية، يُرجح أن تواجه سياسة ترمب الاقتصادية رياحاً معاكسة.

يأتي هذا بينما يستعد المستثمرون أيضاً لاحتمال حدوث تقلبات مفاجئة في الأسواق نتيجة موجة الإعلان عن أرباح الربع الثاني من العام، التي بدأت للتو، وفيما يواصلون وضع توقعات للموعد الذي سيبدأ فيه بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي خفض أسعار الفائدة.

رد فعل المستثمرين

تراجع التداول نسبياً فور افتتاح السوق في آسيا اليوم الاثنين، ما يشير إلى اتباع المستثمرين نهج الترقب. وسجل الدولار الأميركي انخفاضاً طفيفاً مقابل بعض العملات الرئيسية، فيما اقترب سعر "بتكوين" من نطاق 68 ألف دولار، ولم يطرأ على العقود المستقبلية تغير يُذكر.

وفي سوق سندات الخزانة، ارتفعت عائدات العقود الآجلة لسندات الخزانة الأميركية الأطول أجلاً بمعدل أكبر من مثيلتها للسندات قصيرة الأجل، ما يشير إلى انعكاس طفيف في اتجاه ما يطلق عليه صفقة تداول المنحنى الحاد، المرتبط بفوز ترمب.

قال غلين كابيلو، العضو المنتدب بشركة "ميشلر فينانشال" (Mischler Financial) إن "محور عملية التفكير الرئيسي في سوق السندات يجب أن يكون ما سيترتب على حالة الضبابية الجديدة هذه. وصل الناس إلى مرحلة يستثمرون فيها بكثافة في الصفقات التي تدعم سياسة ترمب الاقتصادية، التي بدأت تتحول إلى سردية واقعية. ظننت أن أوان ذلك لم يحن بعد. يجب أن تتراجع صفقة المنحنى الحاد قليلاً".

ربما تشعر الأسواق بالقلق بينما يترقب المتداولون ما إذا كانت هاريس ستتمكن من الحصول على دعم حزبها للترشح، وحشد زخم كافٍ للتصدي لتقدم ترمب في استطلاعات الرأي. وبينما ينتظر المتداولون استطلاعات الرأي الجديدة التي تعكس انسحاب بايدن، ترى شركة "بريدكت إت" (PredictIt) للتوقعات أن هاريس هي الأوفر حظاً لأن تصبح مرشحة الحزب الديمقراطي، غير أن فرص ترمب أكبر في الفوز بالرئاسة.

تقلب في الأسواق

بدأت أسس التداول الداعمة لسياسة ترمب تظهر في شكل دعم لارتفاع عائدات السندات الأميركية، ومكاسب أسهم البنوك وشركات الرعاية الصحية والطاقة، فضلاً عن "بتكوين" وارتفاع الدولار، رغم إشارة ترمب إلى أنه يفضل تراجع سعر العملة الأميركية.

بدأ نشاط بعض القطاعات التي تشملها سياسة ترمب الاقتصادية في سوق السندات بالتراجع في الأسبوع الماضي، في ضوء عودة تركيز المستثمرين على البيانات الاقتصادية و"الاحتياطي الفيدرالي" مجدداً. وفي الوقت نفسه، اتسمت التحركات الحديثة في البورصات بالابتعاد عن أسهم شركات التكنولوجيا الكبرى، والاتجاه إلى أسهم الشركات الأصغر في قطاعات لم يواكب أداؤها الركب.

أشار ديف مازا، الرئيس التنفيذي لشركة "راوند هيل فاينانشال" (Roundhill Financial)، قبل إعلان بايدن انسحابه يوم الأحد: "يجب أن يتوقع المستثمرون زيادة التقلب. إذا كان بمقدور هاريس التحرك سريعاً لمنافسة ترمب بشكل جدي، علينا أن نتوقع استمرار التقلب. مع ذلك، إذا واصل ترمب التقدم في استطلاعات الرأي، واعتبر المستثمرون فوزه محسوماً، ستسود سياسة ترمب الاقتصادية، وسيتراجع التقلب".

رأي المحللين الاستراتيجيين في "بلومبرغ"

"ما لم يحدث تغير جوهري في فرص فوز ترمب، يُرجح أن يتهيأ المتداولون لتراجع قيمة الدولار، حيث يحتمل أن تتزايد الانتقادات الموجهة للعملات الأجنبية الأضعف خلال الفترة المؤدية إلى نوفمبر. في غضون ذلك، ستكون التوقعات بشأن سندات الخزانة الأميركية أكثر تعقيداً. يُرجح أن يستمر انحدار منحنى العائد في ضوء المخاوف إزاء زيادة عجز الموازنة، لكن في إطار انخفاض العائدات مع اقتراب الاحتياطي الفيدرالي من إجراء أول خفض لأسعار الفائدة في العام الجاري".

مارك كرانفيلد، محلل استراتيجي في "ماركتس لايف"

سياسة ترمب تضغط على آسيا

البيانات التاريخية التي يمكن استخدامها لتوقع رد فعل الأسواق شحيحة، فأحدث حالة مشابهة وقعت في عام 1968، عندما لم يترشح ليندون جونسون لولاية رئاسية ثانية.

غريس فان، المديرة الإدارية لبحوث السياسة العالمية بشركة "غلوبال داتا تي إس لومبارد" GlobalData. TS Lombard)، كتبت في مذكرة صدرت في 17 يوليو تقول فيها إن تقديم مرشح ديمقراطي جديد يعني "تذبذب أداء القطاعات التي تشملها سياسة ترمب الاقتصادية، فيما تعيد الأسواق تقييم الاحتمالات"، رغم ذلك، استبعدت أي تغيرات كبيرة في هذه التوقعات إذا أصبحت هاريس المرشحة النهائية.

قبل انسحاب بايدن، توقع بعض المستثمرين في آسيا أن رحيله سيفيد سياسة ترمب الاقتصادية، ما أدى إلى الضغط على كل شيء في المنطقة، من مؤشرات الأسهم الصينية واسعة النطاق إلى أسهم الشركات الكورية لصنع البطاريات. 

كان انتقاد ترمب التراجع الحالي في قيمة الين واليوان أحد العوامل التي تعقد وضع العملات، ما يحد من الضغط الواقع عليها، رغم توقع ارتفاع قيمة الدولار بشكل كبير في حالة فوزه بالانتخابات. فيما اعتبرت الأسهم اليابانية والهندية صاحبة أفضل أداء في المنطقة.

تصنيفات

قصص قد تهمك