الشرق
يبدو أن استعادة الصين لعلاقتها مع أستراليا تمضي على المسار الصحيح، في ضوء إصرار الشريكين التجاريين على تجاوز نزاع اقتصادي بينهما امتد لسنوات. فهل يأتي هذا التقارب كرد على تصاعد الحرب التجارية بين بكين والاتحاد الأوروبي؟ برنامج "تقرير آسيا" على قناة "الشرق" تناول هذا الملف.
إينار تانغين، زميل أول في معهد "تايهي" ورئيس مجلس إدارة "آسيا ناراتيفز" (Asia Narratives)، يرى أن تقارب العلاقات مفيد لكلا البلدين، فأستراليا تُعدُّ مصدراً رئيسياً للموارد الطبيعية بالنسبة للصين. وفي المقابل، فإن حجم التبادل التجاري الضخم مع الصين، يجعل أستراليا حريصة على الحفاظ عليه "خشية انزلاق اقتصادها في ركود مماثل لجارتها نيوزيلندا".
مطلع هذا الأسبوع، قام رئيس مجلس الدولة الصيني لي تشيانغ بزيارة إلى أستراليا هي الأولى من نوعها منذ 2017. وتُوّجت بتوقيع 5 اتفاقيات في مجالات التعليم والتبادل الثقافي والتجاري، كما أعلن خلالها المسؤول الصيني عن عزم بلاده إدراج أستراليا في برنامج الإعفاء من تأشيرة الدخول، لتعزيز السياحة بين البلدين. وختم جولته بزيارة مصنع صيني لمعالجة الليثيوم جنوب البلاد، ما يؤكد اهتمام الصين بالاستثمار في المعادن الثمينة.
تدهور العلاقات بين بكين وكانبرا
بدأت العلاقة بين أستراليا والصين التدهور عام 2018، عندما استبعدت كانبرا مجموعة "هواوي" العملاقة، من شبكة الجيل الخامس لخدمة الإنترنت فائقة السرعة لمبررات أمنية.
وفي 2020، دعت أستراليا إلى تحقيق دولي في منشأ فيروس كورونا، في خطوة اعتبرتها الصين "مدفوعة سياسياً". ورداً على ذلك، فرضت بكين قيوداً تجارية على مجموعة من الصادرات الأسترالية، وأوقفت وارداتها من الفحم.
لكن العلاقات الاقتصادية تحسنت بين البلدين منذ أن تولت حكومة أنتوني ألبانيز السلطة قبل عامين، حيث اعتمدت نهجاً دبلوماسياً أكثر ليونة تجاه بكين.
ورغم أن القيود الصينية ما زالت قائمة على بعض الصادرات الأسترالية، إلا أن بكين تعتبر أكبر شريك تجاري لكانبرا حيث بلغ حجم التبادل التجاري بينهما نحو 213 مليار دولار العام الماضي.
بخصوص تزامن هذا التقارب مع تصاعد الحرب التجارية بين الصين والاتحاد الأوروبي، اعتبر تانغين أن لا علاقة بين الأمرين، فأستراليا مهمة للصين كونها مصدراً رئيسياً للموارد الطبيعية، لكنها سوقاً صغيرة للمنتجات الصينية. على العكس، فالسوق الأوروبي تمثل أهمية كبرى للمنتجات الصينية، لكن القارة العجوز لا تتمتع بموارد طبيعية وفيرة. مضيفاً: "الصين حريصة على إصلاح العلاقات مع الجميع".
تأثير فوز اليمين في أوروبا
ردّاً على سؤال لـ"الشرق" حول تأثير فوز اليمين في انتخابات البرلمان الأوروبي الأخيرة على العلاقات مع بكين، رأى تانغين أن أولوية البرلمان الجديد تتمحور حول القضايا الداخلية للدول الأعضاء أكثر من السياسية الخارجية؛ "خاصةً أن المواطن الأوروبي يعاني من أوضاع اقتصادية صعبة.. سننتظر ونرى كيف سيتصرفون".
تصاعدت التوترات بين أوروبا والصين مؤخراً، حيث هدد قادة أوروبا بفرض رسوم جمركية جديدة على السيارات الكهربائية المستوردة من بكين، متهمينها بتقديم دعم مالي غير قانوني لهذه الصناعة. وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين في مايو الماضي إن الكتلة مستعدة لاستخدام كافة الأدوات المتاحة للدفاع عن اقتصاداتها، عقب اجتماعها مع الرئيس الصيني شي جين بينغ في باريس.
من جانبها، رفضت الصين هذه المزاعم معتبرة أن صناعتها تتمتع بتنافسية بسبب الابتكار، وليس بسبب الدعم الحكومي، محذرةً من أن فرض أي رسوم جمركية على صادراتها من قبل الاتحاد الأوروبي سيواجه بردود فعل سريعة من جانبها.