بريق أول كازينو في الإمارات يجذب المستثمرين إلى رأس الخيمة

"جزر المرجان" الاصطناعية بقيت فارغة طيلة عقد من الزمن... الآن تشهد إقبالاً على شراء الأراضي وسط انتشار رافعات البناء في المشاريع

time reading iconدقائق القراءة - 23
نموذج للمشروع الذي يتوقع المطورون أن يصبح وجهة سياحية رئيسية - المصدر: بلومبرغ
نموذج للمشروع الذي يتوقع المطورون أن يصبح وجهة سياحية رئيسية - المصدر: بلومبرغ
المصدر:بلومبرغ

بعد مرور عام تقريباً على إعلان شركة "وين ريزورتس" (Wynn Resorts)، المشغلة للكازينوهات في لاس فيغاس، عن خطط لبناء منتجع بقيمة 4 مليارات دولار في إمارة رأس الخيمة، بات موقع المشروع والأراضي المحيطة به يعج بعمال البناء الذين يشيدون منتجعات فاخرة، ومحلات تجارية، وفيلات بقيمة 7 ملايين دولار لكل منها، في منطقة يعتقد المطورون أنها ستتحول إلى مركز سياحي رئيسي في الإمارات.

قبل تلك الصفقة، كانت "جزر المرجان" الاصطناعية قبالة شاطئ رأس الخيمة بمثابة فرصة ضائعة طيلة العقد الماضي، وأرضاً مساحتها 2.7 كيلومتر مربع (ميل مربع واحد) غير مستغلة، وبكلفة صيانة مرتفعة بعد إلغاء صفقة لبناء منتجعٍ لكرة قدم وأكاديمية لنادي ريال مدريد بقيمة مليار دولار.

في هذه الأيام، يتم بيع كل قطعة أرض، ورافعات البناء تصعد بوتيرة تضاهي حرارة الصحراء صباحاً. مواقع البناء تعج باللافتات التي تعلن عن المنازل قيد الإنجاز، ونحو 20 مطوراً لديهم مشاريع في مراحل مختلفة من التصميم والبناء على الجزر، بحسب عبد الله العبدولي، الرئيس التنفيذي للجهة الحكومية التي طورت هذه الجزر. متوقعاً اكتمال معظم المشاريع خلال ست سنوات فقط.

كما لفت إلى أن أعمال البناء الجديدة ستكلف مليارات الدولارات. لكنه لا يقدر على تحديد إجمالي التكلفة بالضبط.

الاستعداد لاستقبال مليوني زائر

استعداداً لتدفق الزوار الجدد، يخطط مطار رأس الخيمة الدولي الصغير لبناء صالة جديدة لزيادة القدرة الاستيعابية إلى مليوني مسافر سنوياً بحلول عام 2027، أي نحو ثلاثة أضعاف عدد المسافرين المتوقع هذا العام. ويعيش حوالي ثلث سكان العالم على بعد أربع ساعات طيران من هذا المطار.

الإمارة لديها شاطئ يبلغ طوله 40 ميلاً على الخليج العربي، وكانت حتى الآن تلبي احتياجات السائحين الروس الذين يبحثون عن بديل أرخص لدبي. واكتملت البنية الأساسية لمشروع جزر المرجان، البالغ حجمها تقريباً نصف حجم جزيرة نخلة جميرا الشهيرة في دبي، في عام 2013.

في الجزيرة التي تبني عليها "وين" منتجعها والكازينو المخطط له، تسير الأعمال الإنشائية على قدم وساق. تحوم 12 رافعة فوق ما سيكون أحد أكبر فنادق الشركة الأميركية، إذ يضم 1500 غرفة. ويقتصر حالياً الوصول إلى الجزيرة على العمال، حتى يفتح الموقع للجمهور في عام 2027.

إطار قانوني للألعاب

يرى خالد بن كلبان، الرئيس التنفيذي لشركة دبي للاستثمار، التي تبني فندقاً ومجمّعاً سكنياً في جزر المرجان، أن "كازينو ومنتجع وين كان بمثابة تغيير جذري بالنسبة إلى جزر المرجان". مضيفاً: "الجميع يتوقع أن تزدهر السياحة في رأس الخيمة بسرعة مع الكازينو. الأمر يتعلق بالألعاب والعروض والفنادق. أنت فعلياً تجلب نسخة مصغرة من لاس فيغاس إلى رأس الخيمة".

يعتبر إدخال الكازينوهات تغييراً جذرياً بالنسبة للإمارات، حيث المقامرة محظورة قانوناً، ويصل الحكم على المخالفين إلى السجن لمدة عامين أو تسديد غرامة مالية، أو العقوبتين معاً. ولا توجد كازينوهات في دول مجلس التعاون الخليجي الست، رغم وجودها في لبنان ومصر. وأنشأت الإمارات سلطةً لتوفير إطار قانوني للألعاب، لكن لم يتم حتى الآن تمرير أي قوانين تشرعها.

استغرق الأمر عقوداً من الزمن لجعل لاس فيغاس ما هي عليه اليوم، لكن المسؤولين هنا يفكرون بشكلٍ أكثر طموحاً.

آلاف الغرف الفندقية

تتطلع شركة مرجان، مالكة الجزر، إلى بناء حوالي 9000 غرفة فندقية وعدد مماثل من المنازل لإضافتها إلى العقارات الموجودة. إذ تستضيف الجزر حالياً 6 فنادق تضم 3052 غرفة، بالإضافة إلى حوالي 3000 شقة، والعديد منها مفروشة، بما في ذلك فنادق "جي دبليو ماريوت" (JW Marriott) و"ريكسوس" (Rixos).

تشتمل فنادق لاس فيغاس على إجمالي 155 ألف غرفة فندقية، وسيتوفر حوالي 10% من هذا العدد في جزر المرجان بغضون 20 إلى 30 سنة.

لكن بالنسبة لإمارة رأس الخيمة، التي استقبلت 1.2 مليون زائر العام الماضي، فإن العرض الحالي يتخلف بشكل حاد عن الطلب، بحسب العبدولي، الرئيس التنفيذي لشركة مرجان. مشيراً إلى أنه "مع وجود حوالي 8000 وحدة فندقية، فإن الفرصة متاحة للمطورين لتنمية السوق وجذب زوار جدد".

ونوّه العبدولي بأن "جزر المرجان تختلف عن الزحام والضجيج اليومي الذي يميز وسط مدينة دبي أو أبوظبي.. إنها ملاذ. حيث يأتي العديد من الزوار من إمارات أُخرى للإقامة والاستجمام. وتوجد مناطق جبلية للمشي لمسافات طويلة، وركوب الدراجات، وشواطئ.. لكن منتجع وين سيكون محفزاً سياحياً لا مثيل له".

ارتفاع أسعار العقارات

ارتفعت الأسعار في جزر المرجان بشكل كبير. وبالنسبة للقلة المحظوظة التي اشترت في وقت مبكر كانت العوائد مذهلة. وأوضح بن كلبان أن سعر القدم المربعة كان منذ وقت ليس ببعيد 300 درهم (82 دولاراً)، لكن الآن لا يمكنك العثور على أي قدم بأقل من 800 درهم.

في الوقت الحالي، يوجد بإمارة رأس الخيمة 12 فندقاً في مرحلة التخطيط، إلى جانب سبعة فنادق قيد الإنشاء، وفقاً لشركة "كو ستار" (CoStar)، وهي شركة مقرها لندن تقدم البيانات والتحليلات العقارية.

تتمتع رأس الخيمة بأجواء عربية قديمة، تتمثل بشكل رئيسي في مساحة واسعة من الكثبان الرملية الحمراء ذات النباتات المتناثرة. إنها بعيدة كل البعد عن ناطحات السحاب والزحام المروري في دبي التي تبعد عنها حوالي 70 ميلاً.

جذب شرائح مختلفة من السياح

في سباق تطوير الوجهات السياحية، تتمتع رأس الخيمة بميزة على الوجهات السعودية. فالمشروبات الكحولية قانونية، ويزور الإمارة بالفعل العشرات من السياح الروس والصينيين، رغم العدد المحدود من الفنادق. وسيساعد الكازينو في جذب اللاعبين، لكنه سيجذب أيضاً العائلات التي تبحث عن قطعة من لاس فيغاس في الصحراء، بدون رحلة عبر المحيط الأطلسي.

مع ذلك، لكي تصبح رأس الخيمة وجهة مستدامة، هناك حاجة لمزيد من الاستثمار في البنية التحتية للمنطقة، إلى جانب المطاعم ومتاجر التجزئة، لدعم التدفق المستمر للزوار.

يلفت فيليب بارنز، الرئيس التنفيذي لشركة "روتانا" للفنادق والمنتجعات ومقرها أبوظبي، إلى أن "هناك عدداً كبيراً من الأشياء المطلوبة.. وعلينا أن ننظر إلى الصورة الكبيرة؛ أي فنادق تريد؟ وأين البنية التحتية السياحية؟ فمن الرائع أن تصل كشركة إدارة فنادق إلى وجهة قيد التطوير لأنها تتيح لك الحصول على موطئ قدم، لكن عليك أن تأخذ في الاعتبار المرافق والبنية التحتية الداعمة".

لا توجد وسائل نقل عام لزيارة جزر المرجان من دبي مثلاً حتى الآن.

سباق عقاري

يَعتبر بارنز أن "لاس فيغاس، على عكس ما يعتقده معظم الناس، لا تتعلق بالمقامرة، بل تتعلق بالفعاليات. (ذا سفير)، ساحة الحفلات الموسيقية الجديدة التي افتتحوها، تجذب الناس لأنها تجلب أسماء كبيرة لها تأثير واضح على اقتصاد المدينة. الأمر لا يتعلق فقط بالأشخاص الذين يأتون لحضور الحفل، بل يتعلق بالفنادق والمطاعم وتجارة التجزئة. عندما تنظر إلى السياحة ككل، عليك أن تفهم الصورة بأكملها".

حتى بدون ذلك، يتسابق المطورون في جزر المرجان لاستكمال العقارات في أسرع وقت ممكن. وتبلغ تكلفة الفيلا النموذجية المكونة من أربع غرف نوم في الجزر 6 ملايين درهم (1.6 مليون دولار)، في حين يمكن أن يصل سعر المنزل الفاخر إلى 40 مليوناً.

تقوم شركة "إعمار" العقارية، الشركة المطورة لأطول برج في العالم في دبي، ببناء شقق ومنازل فاخرة، مع تسويقها اعتماداً على ميزة موقعها القريب من الكازينو القادم. وسيتضمن مشروع "العنوان جزيرة المرجان"، الذي تبدأ أسعار الوحدات فيه من 1.8 مليون درهم، شققاً تتراوح مساحتها من غرفة نوم واحدة إلى أربع غرف نوم، وسيشمل المجمّع صالات رياضية وحمامات سباحة ومطاعم على الشواطئ الرملية البيضاء بالجزيرة.

ازدهار "غير مسبوق"

في جزر المرجان أيضاً، تعاونت أكبر شركة تطوير في أبوظبي مع نادي الشواطئ الدولي الفاخر "نيكي بيتش"، لتطوير 3 مباني سكنية ذات علامات تجارية، وتم بيع الدفعة الأولى المكونة من 570 منزلاً في غضون ساعات وسط طلب قوي من الخارج كما من المقيمين. وهناك مشروع آخر، وهو "روسو باي ريزيدنسز"، تم بيعه أيضاً في إمارةٍ تحاول جذب الأثرياء.

بدأت شركة "أبوظبي الوطنية للفنادق" العام الماضي في بناء منتجع فاخر يضم 1000 غرفة على مساحة مليون قدم مربعة من الأرض، ومن المقرر أن يكتمل في العام المقبل. كما قامت شركة "واو بروبرتيز" (WOW Properties)، وهي شركة تطوير عقاري خاصة مقرها الولايات المتحدة، بوضع حجر الأساس لـ474 منزلاً ستديرها شركة "جي دبليو ماريوت"، بالإضافة إلى فندق يضم 264 غرفة بتكلفة إجمالية قدرها 4.8 مليار درهم. ودخلت شركة "أستون مارتن" البريطانية في شراكة مع شركة التطوير السعودية "دار غلوبال" لتصميم الديكورات الداخلية لمنازل فاخرة تمثل جزءاً من مجمّع سكني على شاطئ البحر بقيمة 250 مليون دولار سيتم الانتهاء منه بحلول عام 2028.

برأي بوبندر باتيل، الرئيس التنفيذي المشارك لشركة "واو ريزورتس" (WOW Resorts)، في مقابلة، فإن زخم أعمال البناء التي ينفذها العديد من المطورين في وقت واحد "سيخلق المزيد والمزيد من أوجه التكامل. السوق بأكملها على وشك الازدهار بطريقة لم نشهدها من قبل في هذا الجزء من العالم".

تصنيفات

قصص قد تهمك