الشرق
رأى رئيس مجلس الإدارة السابق لـ "ستاندرد تشارترد" لبنان، دان قزي، أنَّ لبنان مقبلٌّ على كارثة حقيقية مع الاستنزاف المستمر لاحتياطي مصرف لبنان، ووجد أنَّ الحلَّ يكمن في التوزيع العادل للخسائر، وتشكيل حكومة توافقية متخصصة تضمُّ ستة وزراء كأقصى حدٍّ، يتمتَّعون بصلاحية تمرير القرارات الأساسية في المجلس النيابي اللبناني.
واستبعد أن يمنح المجتمع الدولي مساعدات مالية للدولة اللبنانية على غرار
ما حصل في السنوات العشرين الماضية، فحجم الخسائر الحالية فادح، ولن توافق الجهات الدولية على تغطيته بسهولة.
وشبَّه قزي، في مقابلة عبر قناة "الشرق للأخبار" مع الإعلامية صبا عودة، عمق الأزمة الاقتصادية الحالية في لبنان بما جرى خلال الحرب اللبنانية في ثمانينيات القرن الماضي، عندما انهار سعر صرف الليرة اللبنانية، وكانت حينها الأزمة واقعية، وأسفرت عن دمار شامل للبلاد، أما اليوم فالبلاد تدخل مرحلة جديدة، فلأوَّل مرة ينهار القطاع المصرفي اللبناني، ويتخلَّف لبنان عن سداد ديونه في تاريخ تعاملاته المالية.
وداعاً للدعم الدولي
وأشار إلى أنَّ الحرب اللبنانية تبعتها مرحلة تعافٍ إيجابية تمثَّلت وقتها بجذب الاستثمارات لإعادة إعمار لبنان، في حين أنَّ أزمة البلاد الحالية هي "ورقية"، أو نظرية، وبالتالي، حلّها تقني، لكنَّ السلوك الحالي للسلطة الحاكمة يقوم بتأجيل الحل والأزمة معاً، مثلما حصل على صعيد قانون الـ Capital Control الذي لم يتم إقراره باعتبار أنَّه يسمح للمودعين الكبار أصحاب "الواسطة" بتهريب أموالهم إلى الخارج، وهو ما يجري حالياً.
وعلى صعيد الدعم الدولي للبنان، رأى قزي أنَّ المعضلة الأساسية هي اعتياد الدولة اللبنانية في خلال السنوات العشرين الماضية على حصولها على مساعدات خارجية، مثل مؤتمر "باريس" 1 و2 و3 التي كانت تغطي الأزمة ولا تحلّها، إنما بخسائر تُقدَّر بنحو 100 مليار دولار، كما لا يُمكن إقناع المجتمع الدولي بمساعدة لبنان، وقد يكون طموحاته أن يحصل من البنك الدولي على مساعدة بقيمة 246 مليون دولار لدعم الفقراء، ومن صندوق النقد الدولي بعد استيفاء الشروط على مبلغ يتراوح من مليار إلى ملياري دولار سنوياً كحدٍّ أقصى، مما قد يكفي تقريباً لسدِّ عجز شهرين في ميزان المدفوعات، مستبعداً أن تمنح هذه الجهات كامل المبلغ للدولة اللبنانية.
التوزيع العادل للخسائر
وقال قزي، إنَّ ديون لبنان جميعها داخلية، ولفت إلى أنَّ هناك عدم مساواة بين الطبقات الاجتماعية في لبنان، فالطبقة الغنيَّة منها تمثِّل 3% من المجتمع، وتمتلك أكثر من نصف الثروة في لبنان، مما اعتبره قزي أمراً سيئاً، وهو وضع لن يخدم الطبقة الفقيرة التي تشكِّل غالبية الشعب اللبناني، إلا إذا تمَّ توزيع الخسارة على الأغنياء، وعددهم نحو 6 آلاف شخص.
كذلك، رأى قزي أنَّ الحلَّ هو بالتوزيع العادل للخسائر، والضرائب الهادفة، بالإضافة إلى تشكيل حكومة توافقية مؤلَّفة من 6 وزراء اختصاصيين، أو لديهم مساعدين متخصصين، على أن تتحلى هذه الحكومة بصلاحيات تخوِّلها تطبيق خطط إنقاذ لبنان من خلال تمرير القرارات المهمة في مجلس النواب، وتحظى في الوقت ذاته بدعم من المعارضة، ومن الأحزاب التقليدية.
وقال قزي: "نحن أمام مفترق طريق لحلِّ أزمة لبنان، فإمَّا سلوك خيار الإنقاذ، أو الانهيار"، مشيراً إلى أنَّ الاستمرار باستنزاف احتياطي مصرف لبنان من الذهب، والبالغ 33 مليار دولار بمقدار مليار دولار شهرياً سيصل بلبنان إلى الكارثة.