الشرق
خفّض صندوق النقد الدولي توقعاته لنمو أكبر اقتصاد في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وطال ذلك أيضاً اقتصاد أكبر بلد في المنطقة من حيث عدد السكان، رغم مضي 3 شهور ونصف فقط على آخر تقديراته، والتي شهدت حينها خفضاً مماثلاً لسابقتها.
بحسب تقرير آفاق الاقتصاد العالمي، الصادر اليوم الثلاثاء، يتوقع الصندوق تسجيل اقتصاد المملكة العربية السعودية هذا العام نمواً بمعدل 2.7%، مقابل 4% في تقديرات أكتوبر، أي بخفض ملحوظ قدره 1.3 نقطة مئوية.
هذا التعديل الدراماتيكي، الذي يعود في جزء كبير منه إلى "تراجع إنتاج وتصدير النفط"، أدى أيضاً إلى تحول تقديرات النمو المحدود لاقتصاد المملكة بواقع 0.8 نقطة العام الماضي، في أكتوبر، إلى انكماش بنسبة 1.1%، وفق التقرير الحديث.
الاقتصاد العربي الآخر الذي طاله خفض التوقعات، وإن اختلفت الأسباب، هو الاقتصاد المصري، حيث يتوقع صندوق النقد الدولي أن تحقق مصر نمواً بمعدل 3% للسنة المالية 2023-2024 التي تنتهي في 30 يونيو المقبل، بما يمثل انخفاضاً قدره 0.6 نقطة مئوية عن تقرير أكتوبر.
تجري مصر محادثات مع صندوق النقد الدولي لمضاعفة برنامج الإنقاذ البالغة قيمته 3 مليارات دولار إلى 6 مليارات على الأقل، رغم أن البلاد لم تحصل من القرض الأساسي سوى على الدفعة الأولى وقدرها 347 مليون دولار عند الموافقة على برنامج الدعم في ديسمبر 2022، في حين تأخرت المراجعتان الأولى والثانية عن موعدهما المقرر بسبب الشروط المتعلقة بتحرير سعر صرف الجنيه وتسريع عملية خصخصة شركات الدولة بشكلٍ أساسي.
هذا التخفيض بالتوقعات للاقتصادين الأول والثالث في المنطقة، انعكس بشكلٍ أساسي على تقديرات الصندوق لنمو منطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى لعام 2024، حيث خفّضها التقرير بمقدار 0.5 نقطة مئوية إلى 2.9%. مشيراً إلى أن هذه "التعديلات في التوقعات ترجع بصفة أساسية إلى المملكة العربية السعودية، وتعكس الخفض المؤقت لإنتاج النفط في 2024، بما في ذلك التخفيضات الفردية وغيرها من التخفيضات المنصوص عليها في اتفاقية "أوبك+". بينما من المتوقع أن يظل النمو غير النفطي قوياً"، كما أورد التقرير.
شكّل القطاع غير النفطي "وسادة أمان" لاستمرار نمو الاقتصاد السعودي للعامين الحالي والمقبل، في ظل تراجع إنتاج النفط وعدم استقرار أسعار الخام. ويقدّر صندوق النقد الدولي نمو الاقتصاد غير النفطي في المملكة بنسبة 4.9% العام الماضي، ليحتل الصدارة بين الدول العربية المصدّرة للبترول. بينما تتوقع الميزانية السعودية نمو الأنشطة غير النفطية بمعدل 5.9% خلال العام الحالي.
وخفّض الصندوق توقعاته لمتوسط أسعار النفط في 2024 إلى 79 دولاراً للبرميل، مقابل التقديرات السابقة البالغة 79.9 دولار.
انتعاش أميركا والصين
على صعيد الاقتصاد العالمي، رفع صندوق النقد الدولي توقعات النمو للعام 2024 إلى 3.1%، من 2.9% كما في تقديرات أكتوبر، مدفوعاً برفع توقعاته لنمو الاقتصادين الأكبر، الولايات المتحدة الأميركية والصين.
كما نوّه التقرير بأن تراجع حدّة التضخم والنمو المطرد لمعظم الأسواق المتقدمة والصاعدة والناشئة يفتحان الطريق أمام "هبوط هادئ" للاقتصاد العالمي، كما يمكن أن يؤديا لمزيد من تيسير الأوضاع المالية من قِبل البنوك المركزية في أغلب المناطق.
أما على ضفة التطورات السلبية، فاعتبر الصندوق أن أمد تشديد الأوضاع النقدية قد يطول إذا ارتفعت أسعار السلع الأولية بشكل حاد نتيجة الصدمات الجيوسياسية، بما فيها استمرار الهجمات في البحر الأحمر، واضطرابات العرض، أو استمرار التضخم الأساسي لفترة أطول. كذلك يمكن أن يؤدي تعمُّق المحن بقطاع العقارات في الصين، أو زيادة الضرائب وتخفيض النفقات على نحو مربك في أي بلد آخر، إلى تحقيق نمو دون المستوى المأمول، كما أورد تقرير مستجدات آفاق الاقتصاد العالمي، والذي جاء في أيضاً:
- زيادة توقعات نمو الاقتصادات المتقدمة في 2024 ترجع إلى ارتفاع النمو في الولايات المتحدة الذي يوازنه جزئياً تراجع النمو في منطقة اليورو .
- رفع توقعات نمو الاقتصاد الأميركي للعام الحالي إلى 2.1% من 1.5% في تقديرات أكتوبر، على أن يتباطأ إلى 1.7% العام المقبل.
- خفض توقعات نمو اقتصاد منطقة اليورو في 2024 إلى 0.9% من 1.2% في تقديرات أكتوبر، على أن يتسارع في 2025 إلى 1.7%
- رفع تقديرات نمو اقتصاد الصين في العام الحالي إلى 4.6% من 4.2%.
- يُتوقع أن يظل نمو الاقتصاد الهندي قوياً عند 6.5% للعامين الحالي والمقبل.
- رفع صندوق النقد الدولي توقعاته لنمو اقتصاد روسيا في العام الحالي إلى 2.6%، بدلاً من 1.1% في تقرير أكتوبر الماضي.