الشرق
فاز عبد الفتاح السيسي بولاية رئاسية جديدة لمدة 6 سنوات حتى 2030، وسط أصعب أزمة اقتصادية تمر بها مصر منذ عقود، بضغط ارتفاع التضخم، وشح الدولار، وتزايد الديون، بالتزامن مع الحرب في غزة.
السيسي حصد 89.6% من الأصوات، وبلغت نسبة المشاركة 66.8% من إجمالي الناخبين المسجلين في البلاد البالغ عددهم 67.3 مليون، بحسب ما أعلنته الهيئة الوطنية للانتخابات اليوم.
لم تشهد الانتخابات الرئاسية منافسة قوية تذكر، رغم مشاركة ثلاثة مرشحين من أحزاب معارضة، هم حازم عمر، مؤسس ورئيس حزب الشعب الجمهوري، وفريد زهران، رئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، وعبد السند يمامة، رئيس حزب الوفد الجديد.
تحركات السيسي بعد الانتخابات حاسمة لانتشال اقتصاد مصر
تزداد الأوضاع الاقتصادية تعقيداً في مصر، بالتزامن مع الحرب في غزة والتهديدات بتوسع رقعة الصراع إقليمياً، وسط ترقب المصريين إقدام الحكومة على خفض جديد ومؤلم لقيمة الجنيه المصري، رغم ما يحظى به الاقتصاد المصري المتعثر من دعم بعشرات المليارات من الدولارات من صندوق النقد الدولي ودول في مجلس التعاون الخليجي.
واصل التضخم في مدن مصر تباطؤه خلال شهر نوفمبر، إذ سجلت أسعار المستهلكين 34.6% على أساس سنوي، مع استمرار الضغوط التضخمية من أسعار المأكولات والمشروبات.
مصر.. تأثير محدود لتوترات البحر الأحمر على قناة السويس
فجوة تمويلية
قدّر معهد التمويل الدولي حجم الفجوة التمويلية التي ستواجه مصر في العام المالي الحالي بنحو 7 مليارات دولار، مشيراً إلى أن تمويل هذه الفجوة سيكون بشكل أساسي من خلال الاستثمار الأجنبي المباشر والتدفقات المالية الرسمية.
تشير سندات مصر الخارجية إلى مواجهتها ضائقة مالية خلال معظم العام الماضي، ومن المرجح أن تكون هناك حاجة لمزيد من التخفيضات في قيمة الجنيه لإطلاق المزيد من حزم الإنقاذ. وتثور أسئلة كذلك نظراً لأهمية مصر الاستراتيجية مع احتدام الحرب في قطاع غزة، بحسب تقرير نشرته "بلومبرغ" أمس.
تراجع مستوى الثقة لدى شركات القطاع الخاص غير المنتج للنفط في مصر إلى أدنى مستوى في 11 عاماً ونصف العام بسبب ارتفاع معدل التضخم والانخفاض المستمر في الإنتاج والطلبات الجديدة، بحسب مؤشر مديري المشتريات في مصر لشهر نوفمبر الصادر عن "إس أند بي غلوبال".
بلومبرغ: هل تحصل مصر على تمويلات جديدة بعد تعزيز حرب غزة لنفوذها؟
مشروعات السيسي الكبرى
في جميع أنحاء مصر، نشأت المشروعات الكبرى ذات الميزانيات الضخمة التي تميز بها حكم الرئيس السيسي المستمر منذ عقد في الحكم، بما فيها الطرق السريعة والموانئ والعاصمة الإدارية الجديدة، وسط الضغوط المتزايدة على مالية مصر العامة والمصاعب التي يواجهها مواطنو أكبر بلد عربي من حيث عدد السكان.
يدرس صندوق النقد الدولي زيادة حزمة مساعداته لمصر، مما قد يرفع برنامجه إلى أكثر من 5 مليارات دولار مقارنة بـ3 مليارات مقررة حالياً. ومصر بالفعل ثاني أكبر مقترض من الصندوق بعد الأرجنتين التي تخلفت عن السداد أكثر من مرة. كما يَعدُ الاتحاد الأوروبي بتسريع خطة استثمارية تبلغ نحو 10 مليارات دولار.
تتزايد التكهنات أيضاً بأن مصر ستحصل على المزيد من الأموال من الحلفاء العرب في مجلس التعاون الخليجي، بل والغرب، كونها المنفذ الحاسم لوصول المساعدات إلى غزة وسط حرب إسرائيل مع حركة "حماس". ولكن الشرط الأهم لصرف جزء من رأس المال هذا يتوقف على تخفيف الضوابط المفروضة على سوق الصرف الأجنبي؛ إن لم يكن التحرير الكامل.
خفض قيمة الجنيه المصري
رغم أن الجنيه المصري فقد نحو نصف قيمته مقابل الدولار منذ مارس 2022، يراهن المتعاملون في سوق المشتقات المالية على أن مصر ستضطر إلى السماح بانخفاض سعر الجنيه 40% أخرى خلال العام المقبل. وهذا من شأنه أن يهوي بالعملة إلى ما يقل قليلاً عن 50 جنيهاً مقابل الدولار الواحد، مقارنة بـ30.85 حالياً.
تحاول مصر إعادة اقتصادها إلى المسار الصحيح وجذب المستثمرين مرة أخرى. لكن وكالتي "فيتش" و"موديز إنفستورز سيرفيس" خفضتا تصنيف مصر الائتماني في الأشهر القليلة الماضية، وأشارتا إلى النقص المستمر في العملات الأجنبية والديون المكلفة على الاقتصاد.
يشير الاتساع الكبير بين السعر الفوري للعملة المحلية وسعر السوق الموازية (السوداء) إلى ضغوط متزايدة، ما يؤكد الحاجة إلى تخفيضات إضافية لقيمة الجنيه، حسبما كتب الخبراء الاستراتيجيون في "دويتشه بنك"، في مذكرة بتاريخ 6 ديسمبر. وقالوا: "من المرجح القيام بجولة جديدة من تخفيض قيمة العملة بعد الانتخابات الرئاسية وقبيل الانتهاء من مراجعات صندوق النقد الدولي في أوائل 2024".