بلومبرغ
يُتوقع أن يشهد اقتصاد الصين تباطؤاً خلال نوفمبر، الأمر الذي يعزز التوقعات بأن تكثف بكين التحفيز المالي في العام الجديد.
من المتوقع أن تُظهر البيانات المقرر صدورها يوم الجمعة تراجع الإنتاج الصناعي مقارنة بأكتوبر، وتفاقم انكماش الاستثمار العقاري، وسط عدم ترسخ الجهود المبذولة لدعم النمو بعد. ولا تزال ضغوط الانكماش تشكل مصدر قلق، ملقية بظلالها على أي تحسن في نمو مبيعات التجزئة على أساس سنوي.
كتب اقتصاديون في شركة "نومورا هولدينغز"، بمن فيهم لو تينغ، في مذكرة يوم الاثنين: "لا يزال من السابق لأوانه القول بأننا وصلنا إلى القاع".
يمكن أن تكون أرقام الشهر الماضي مضللة إذا تمت مقارنتها بعام 2022، حينما تسببت الجائحة في ركود اقتصاد البلاد. وهذا قد يدفع الاقتصاديين إلى التركيز على معدلات النمو السنوية المركبة أو المقارنات القائمة على أساس شهري.
يمكن أن تتزايد الدعوات لتقديم حوافز أكثر وسط ضعف البيانات الاقتصادية، خاصة إذا كان الرئيس شي جين بينغ يستهدف هدفاً طموحاً للنمو يقدر بحوالي 5% لعام 2024. أظهرت الاجتماعات الأخيرة لكبار القادة أن المساعدات ستأتي على الأرجح في شكل حوافز مالية، مع لعب التيسير النقدي دوراً داعماً.
من المتوقع أن يُصدر المكتب الوطني للإحصاء البيانات الاقتصادية الخاصة بشهر نوفمبر يوم الجمعة عند الساعة 10 صباحاً بالتوقيت المحلي. إليك ما يجب متابعته:
الإنتاج الصناعي في الصين
يشير متوسط توقعات الاقتصاديين الذين استطلعت "بلومبرغ" آراءهم إلى ارتفاع الإنتاج الصناعي بنسبة 5.7% في نوفمبر مقارنة بالعام السابق.
بالرغم من أن ذلك سيكون أقوى من زيادة قدرها 4.6% على أساس سنوي في أكتوبر، إلا أن النمو قد يبدو أضعف عند مقارنته بمستويات 2019، أي قبل تفشي الوباء. وكتب اقتصاديو "نومورا" في مذكرة بحثية خلال نوفمبر أنه من المتوقع أن يصل معدل النمو السنوي المركب مقارنة بذلك الوقت إلى 4.6% في نوفمبر، متراجعاً قليلاً عن الـ5% المسجلة في أكتوبر.
أشار مؤشر مديري المشتريات لقطاع التصنيع إلى ضعف أكبر في نشاط المصانع خلال نوفمبر، وهذا يشكل انكماشاً للشهر الثاني على التوالي. فيما انخفض المؤشر الفرعي للإنتاج إلى أدنى مستوى له في أربعة أشهر مع استمرار انكماش الطلبات الجديدة.
أظهرت البيانات شديدة التواتر أيضاً تباطؤ النشاط الصناعي. وبلغت معدلات تشغيل مصانع الأسمنت والمرافق الأسفلتية، وهي قطاعات حيوية للبناء، 43% و37% على التوالي خلال نوفمبر. وكان كلاهما أقل من المستويات المسجلة العام السابق، وفقاً لتقرير حديث صادر عن الاقتصاديين في مجموعة "يو بي إس غروب"، بمن فيهم وانغ تاو.
ظل إنتاج الصلب قوياً، حيث واصلت المصانع إنتاج مواد البناء الرئيسية وسط توقعات بأن الدعم الحكومي لقطاع العقارات سيسهم في تعزيز الطلب حتى 2024.
بيانات الاستهلاك في الصين
ربما تنمو مبيعات التجزئة بنسبة 12.5% الشهر الماضي مقارنة بالعام السابق، وفقاً لمسح "بلومبرغ". وهذا سيشكل تسارعاً كبيراً عن الارتفاع المسجل في أكتوبر البالغ 7.6%، بالرغم من مقارنة كلا الشهرين بالبيانات الضعيفة لعام 2022.
كانت البيانات الأكثر تفصيلاً حول شراء المستهلكين مختلطة. فقد قفزت مبيعات سيارات الركاب بنسبة 26% الشهر الماضي بعد ركود الشراء الناجم عن الإغلاق الوبائي خلال العام السابق. وهذا يشير إلى أن المنافسة الشرسة في الأسعار بين شركات صناعة السيارات وسياسات الحكومة المحلية لتشجيع الشراء ذات تأثير.
ربما يكون الإنفاق على السلع الأخرى أيضاً أقل قوة. وكتب اقتصاديو "سيتي غروب" بقيادة شيانغ رونغ يو الشهر الماضي أن إجمالي المبيعات الإلكترونية المسجلة عبر منصات التجارة الإلكترونية على مستوى البلاد خلال مهرجان التسوق السنوي في "يوم العزاب" خلال نوفمبر ارتفع بنسبة 2.1% فقط مقارنة بالعام الماضي. واستشهدوا بحسابات أجرتها شركة تحليل بيانات محلية.
ساهم الطلب المتواضع من الأسر في انخفاض أكبر من المتوقع في مؤشر أسعار المستهلك الصيني، وكان الانخفاض بنسبة 0.5% في نوفمبر هو الأكبر منذ 2020. كما تفاقم مستوى انخفاض تكاليف الإنتاج.
الاستثمار في الأصول الثابتة الصينية
يُتوقع أن يرتفع الاستثمار في الأصول الثابتة بنسبة 3% خلال الأشهر الـ11 الأولى من العام مقارنة بالفترة نفسها من عام 2022. وهذا سيكون أسرع قليلاً من الزيادة بنسبة 2.9% في الفترة من يناير إلى أكتوبر.
ربما كان النمو في الاستثمار الصناعي مرناً بسبب استمرار دعم السياسات وتحسين الأرباح الصناعية، وفقاً لـ"يو بي إس".
في أواخر أكتوبر، كشفت الحكومة عن خطة لبيع سندات سيادية إضافية بقيمة تريليون يوان (139 مليار دولار) للاستثمار في البنية التحتية، وهو اقتراح يهدف إلى دعم النشاط الاقتصادي. تم بيع أكثر من ثلثي هذه السندات بحلول أواخر نوفمبر، وفقاً لتقديرات صدرت آنذاك من محللي شركة "فوندر سكيوريتيز" (Founder Securities)، بمن فيهم تشانغ وي. ويُتوقع أن تسد هذه الأموال الفجوة الاستثمارية التي خلفها تضاؤل إصدار سندات الحكومة المحلية الخاصة، حيث استنفدت المقاطعات حصة هذا العام.
من المرجح أن يستمر تراجع العقارات في التأثير على أرقام الاستثمار، ما يعوض معظم القوة في قطاع التصنيع والبنية التحتية. كما يُتوقع أن ينخفض الاستثمار في التطوير العقاري بنسبة 9.5% خلال الفترة المنتهية في نوفمبر مع تفاقم انكماش مبيعات المنازل الجديدة.
اتجاه السياسة النقدية في الصين
يُتوقع على نطاق واسع أن يحتفظ بنك الشعب الصيني بسعر فائدة على قروضه لأجل عام واحد، والتي تُعرف باسم تسهيل الإقراض متوسط الأجل، عند 2.5% يوم الجمعة قبل إصدار البيانات.
خفض البنك المركزي الصيني أسعار الفائدة مرتين هذا العام لدعم الاقتصاد. لكنه لم يستطع تقديم تخفيضات إضافية بسبب ضعف اليوان وتضاؤل هوامش أرباح البنوك.
يدل مزيج الضغوط الانكماشية والطريقة الحذرة التي يتبعها بنك الشعب الصيني في تيسير السياسة النقدية على ارتفاع أسعار الفائدة الحقيقية بشكل أكبر، مما يثبط الشركات والأسر عن الاقتراض.
تعهد كبار القادة في مؤتمر اقتصادي سنوي عُقد هذا الأسبوع بالحفاظ على نمو الائتمان بشكل يتناسب مع أهداف الناتج المحلي الإجمالي والتضخم. وهذا يعزز التوقعات بخفض أسعار الفائدة وتقليص نسبة الاحتياطي الإلزامي، وهو المبلغ النقدي الذي يجب على البنوك الاحتفاظ به في الاحتياطي، خلال العام المقبل.
مع ذلك، لا يرجح أن يكون هناك تيسير نقدي قوي. فقد أسقط اجتماع عقد الأسبوع الماضي لـ24 من القادة الكبار في الحزب الشيوعي الصيني كلمة "قوي" من وصفهم للسياسة النقدية.
وبشكل عام، يرى الاقتصاديون أن الدعم المالي سيلعب دوراً أكبر العام المقبل، نظراً لتعهدات بكين بتعزيز هذه السياسات بشكل مناسب. واعتبر العديد من المحللين ذلك دليلاً على أن عجز الموازنة الرسمية قد يتجاوز 3% من الناتج المحلي الإجمالي مجدداً في 2024، بعدما ارتفعت نسبته هذا العام إلى 3.8% في أكتوبر.