الشرق
أنعشت الانتخابات الرئاسية الحالية في مصر قطاع الدعاية والإعلان، الذي استفاد من الأموال التي تُضخ للترويج للمرشحين وبرامجهم الانتخابية، حيث يُقدّر حجم إنفاق المرشحين على إعلانات الطرقات فقط بـ400 مليون جنيه (13 مليون دولار).
لكن 4 عوامل لعبت دوراً في محدودية استفادة شركات الإعلانات الخارجية، تمثلت بارتفاع التكاليف، وهبوط الجنيه، والاضطرار لتقديم خصومات كبيرة، والإعلام الرقمي.
رواج القطاع يلاحظه من يمر بشوارع مصر، خاصةً العاصمة القاهرة، التي لا تخلو لافتة إعلانية بها من صورة مرشح أو دعاية للانتخابات الرئاسية التي تُجرى هذا الأسبوع بين 10 و12 ديسمبر.
مبيعات الإعلانات الخارجية (Outdoor) زادت بنسبة 100% خلال هذه الفترة مقارنةً بالعام الماضي، بحسب أشرف خيري، رئيس شعبة الدعاية والإعلان باتحاد الصناعات المصرية. وقال لـ"الشرق": "لا توجد لافتة إعلانية فارغة في الشوارع والطرق الرئيسية في القاهرة الكبرى".
القطاع الذي يضم 43 ألف شركة، يعاني مثل أغلب قطاعات اقتصاد البلد العربي الأكبر من حيث عدد السكان، الذي تلقى عدة ضربات متتالية منذ أن اجتاحت جائحة كورونا العالم، حتى حرب غزة التي أكد صندوق النقد الدولي على تداعياتها السلبية على مصر، ولا سيما قطاعها السياحي.
كذلك، "أدت حملات المقاطعة بسبب حرب إسرائيل على غزة إلى عزوف عدد كبير من الشركات عن الإعلانات الخارجية"، بحسب خيري، الذي أشار إلى أنه رغم الطلب الكبير على الإعلانات الخارجية، إلا أنها أسعارها لم تتغير، دون أن يوضح سبباً لذلك.
استفادة محدودة للشركات
رغم أن حجم الإنفاق على الدعاية للانتخابات الرئاسية عبر الإعلانات الخارجية (Outdoor) ناهز 400 مليون جنيه، "إلا أنه يبقى أقل من الانتخابات الماضية بنسبة تصل إلى 30%"، بحسب رئيس مجلس إدارة شركة دعاية وإعلان في القاهرة الكبرى لـ"الشرق" طالباً عدم نشر اسمه.
ولفت إلى أن اختيار الأماكن الرئيسية والاستراتيجية على الكباري والمحاور وهو ما أعطى شعوراً بضخامة الحملات الإعلانية الانتخابية، معتبراً أيضاً أن "محدودية الجهات الممولة للدعاية الانتخابية" لعبت دوراً في هذا الانخفاض.
وأوضح: "حزبا مستقبل وطن وحماة وطن الداعمان للرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي يسيطران على نحو 95% من الإعلانات الخارجية، وهذه التعاقدات الكبيرة المعروف توقيتها منذ فترة طويلة تمتلك قدرة تفاوضية عالية لتحصل على الإعلانات بخصومات تصل إلى 50% مقارنة بإعلانات الشركات التقليدية"، منوّهاً بأنه جرى اختيار أماكن الإعلانات منذ شهر يوليو الماضي".
ارتفاع التكاليف، وسط هبوط سعر صرف الجنيه، كان سبباً في تقلص العائد على شركات الإعلان من الدعاية الانتخابية، وفق محمود السيد، مالك شركة للدعاية والإعلان في شرق القاهرة.
منذ أكتوبر 2022، إلى أكتوبر الماضي -وهو شهر فتح باب تسجيل المرشحين والبدء بوضع ميزانيات الحملات الدعائية الانتخابية- هبط السعر الرسمي صرف العملة المحلية مقابل الاميركية من 19.7 إلى 30.9 جنيهاً لكل دولار، في حين وصل بالسوق السوداء إلى 50 جنيهاً مقابل الدولار.
يخوض الانتخابات الرئاسية 4 مرشحين، لكن الأغلبية الكاسحة للافتات الانتخابية تحمل صورة الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي يتولى حكم البلاد منذ 2014، مع تواجد محدود للافتات دعم حازم عمر، مؤسس ورئيس حزب الشعب الجمهوري، وظهور هامشي للغاية للافتات صغيرة للمرشح فريد زهران، رئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، وعبد السند يمامة، رئيس حزب الوفد الجديد.
تتراوح الأسعار من 60 ألف جنيه شهرياً للوحة الإعلانية عند مداخل الأنفاق الرئيسية بالقاهرة، إلى 1.6 مليون جنيه للافتة تعرض الإعلان على وجهتين في منطقة التجمع الخامس (شرق القاهرة)، وفقاً لرئيس الشركة الإعلانية في القاهرة الكبرى.
تكلفة ليست بمتناول جميع المرشحين
لا يستطيع كافة المرشحين والداعمين لهم تحمل التكلفة الكبيرة للدعاية، إذ تقول مها عبد الناصر، نائب رئيس الحزب المصري الديمقراطي، وعضو مجلس النواب عن الحزب: "نركز على استغلال المؤتمرات الجماهيرية ومواقع التواصل الاجتماعي لدعم مرشحنا، ولكننا لا نستطيع تحمل تكاليف الدعاية عبر التلفزيون أو الصحف أو حتى اللافتات الخارجية".
الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية التي تمتلك عدة منصات وقنوات إعلامية، منحت كل مرشح رئاسي "100 دقيقة إعلانية" بالتساوي بكافة وسائلها.
زاهر الشقنقيري، المتحدث الرسمي للحملة الانتخابية للمرشح الرئاسي حازم عمر، قال لـ"الشرق" إن حملتهم الانتخابية "تركز على التواجد بلافتات في الطرق الرئيسية ذات الكثافة المرورية العالية دخل القاهرة، اعتماداً على تبرعات أعضاء الحزب والمؤيدين، مع الالتزام بسقف 20 مليون جنيه لإجمالي الإنفاق على الدعاية الانتخابية الذي حددته الهيئة الوطنية للانتخابات، هذا بالإضافة إلى الدقائق الممنوحة من شركة المتحدة".
عضو في مجلس النواب المصري، طلب عدم الإفصاح عن هويته، أوضح أن "المؤتمرات واللافتات الانتخابية يتحمل تكلفتها أعضاء مجلس النواب الداعمون للرئيس وكذلك بعض رجال الأعمال".
وأفاد العضو الذي ينتمي لأحد الأحزاب الداعمة للرئيس السيسي، والتي تعمل من خلال التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي على تنظيم المؤتمرات وحملات اللافتات الخارجية: "لا توجد مخصصات مالية محددة بشأن الحملات والمؤتمرات التي تنظم في هذا الشأن".