بلومبرغ
عندما كان الاقتصاد التركي يحقق معدلات نمو أسرع من اقتصاد الصين في عام 2017، توقع "تشارلز روبرتسون" كبير الاقتصاديين العالميين في بنك الاستثمار "رينيسانس كابيتال" ومقره لندن، أن الأمر لن يستمر على حاله.
وفي عام 2018، انهارت الليرة التركية تحت وقع اقتصاد متردي وتضخم الديون.
وحالياً، يتوقع "روبرتسون" تكرار هذه الدورة في غضون العامين المقبلين، حيث أصبحت الليرة التركية، العملة الأفضل أداءً، بفضل ارتفاع قيمة الأصول التركية، منذ إحداث تغييرات في البنك المركزي ووزارة المالية بالبلاد في نوفمبر 2020.
وحققت الليرة التركية مكاسب مدعومة من قبل بعض المستثمرين الذين يراهنون على أن الرئيس رجب طيب أردوغان سيسمح للفريق الجديد باتباع السياسة النقدية التقليدية بعد عدة سنوات من المحاولات الفاشلة لخفض التضخم، مع الحفاظ على أسعار الفائدة منخفضة.
وخسرت الليرة بعضاً من مكاسبها الأسبوع الجاري بسبب ارتفاع عوائد سندات الخزانة الأمريكية.
ويتشكك روبرتسون، كبير الاقتصاديين العالميين في "رينيسانس كابيتال" في عدم تدخل أردوغان بعمل البنك المركزي التركي.
[object Promise]هل هذه المرة مختلفة؟
"لقد رأينا مرات عديدة أن أردوغان كان مقتنعاً بضرورة التصرف أو التحرك. وفي كل مرة، أصبحت التكلفة أعلى، وأصبحت المكاسب قصيرة الأجل. أنتم تتابعون أسعار الفائدة على مستوى العالم اليوم كما تتابعونها في تركيا. كل الأسواق الناشئة الرئيسية الأخرى لديها معدلات فائدة أقل من 5% حاليا باستثناء تركيا".
"لا أثق كثيراً أن أردوغان قد تعلّم من مواقفه السابقة. تشير تصريحاته قبل أسبوع فقط مرة أخرى إلى أنه، هو المسؤول الآن، ولكن بمجرد أن تتاح له الفرصة، وبالتأكيد قبل الانتخابات في عام 2023، يمكنكم أن تتوقعوا أن تمضي تركيا نحو نموذج نمو الائتمان مرة أخرى" في إشارة إلى خفض الفائدة مجدداً.
مواجهة الخيارات
"مرة أخرى تركيا لديها خيار. لا يزال لديها عملة رخيصة للغاية، يمكنها أن تتجه إلى تبني نموذج قائم على التصدير يدعم حسابها الجاري، ويجلب العملات الصعبة من الدولار واليورو التي يمكن استخدامها في مجالات الاستثمار".
" أود أن أرى البنك المركزي التركي قادراً على إحكام السيطرة على التضخم بشكل دائم لفترة طويلة من ارتفاع أسعار الفائدة، وفي نفس الوقت عملة رخيصة تساعد الصادرات وتساعد على إعادة توازن الاقتصاد التركي بعيداً عن الاستهلاك".
"وسيكون هذا النموذج الأفضل على المدى الطويل لتركيا، لكنه أقل محركاً للنمو. إن هذا النموذج من المحتمل أن يحقق معدل نمو يتراوح بين 3و4% سنوياً، وليس 6 % أو 7% لبضع سنوات ثم يحدث الانهيار".
السيطرة على التضخم
"يتعين أن ترى الأسواق الأدلة على استمرار أسعار الفائدة الإيجابية الحقيقية بمرور الوقت، ( ارتفاع أسعار الفائدة فوق معدل معدلات التضخم). في الوقت الحالي، ليس لدينا أسعار فائدة إيجابية، فسعر الفائدة لدى البنك المركزي التركي، هو تقريبا نفس معدل التضخم".
"يمكن للأسواق أن تقبل أن التضخم سوف يهدأ بفضل رفع أسعار الفائدة خلال الفترة الماضية. لكن ما يتعين على البنك المركزي القيام به هو الحفاظ على المعدلات الحقيقية عند مستوى مرتفع، وهذه الطريقة الوحيدة التي يمكن أن تتقبلها الأسواق وتثق فيها".
دورات لفترة زمنية قصيرة
"أظن أن دورات الازدهار والكساد أصبحت لفترة قصيرة الآن، مثل عام أو عامين. لا يمكنهم (الأتراك) تحقيق طفرة اقتصادية مدتها خمس سنوات. نعم، يمكن " لتركيا" أن تقترض لبعض الوقت، ولكنها تدمر نفسها بسرعة كبيرة".
"(في الماضي) كانت البنوك لديها ودائع كافية للإقراض، لكنها حالياً لا تفعل ذلك. إذا أرادات (تركيا) الإقراض، فستقترض قدراً كبيراً من الأموال من الخارج، وتتسارع وتيرة الديون الخارجية، وينتاب القلق الأسواق و تتعرض الليرة لضغوط بسرعة كبيرة".
نقاش الصقور (السياسة النقدية الانكماشية)
"لا أعتقد أن هناك أي شيء يمكنها (تركيا) فعله الآن. لا يوجد ما يمكن أن تقوله لفظياً، وفي الواقع فإن رفع معدلات الفائدة كثيراً سيكون تحركاً خاطئاً، لأنه ليس ضرورياً للاقتصاد. أعتقد أن التضخم سينخفض. وسيكون من السخف رفع أسعار الفائدة أكثر في الوقت الراهن. أفضل ما يمكن أن تفعله (تركيا) هو إظهار أن النموذج الاقتصادي قد تغير بشكل دائم".
مستقبل الليرة التركية
"أظن أن سعر صرف العملة التركية سيكون بواقع 7 ليرات مقابل الدولار بحلول يونيو، لأن البنك المركزي سيستمر في تحمل المسؤولية طوال النصف الأول من عام 2021، وافترض أنه بحلول ديسمبر سنشهد ضغوطاً من أردوغان لخفض أسعار الفائدة.. وسنكون في بداية فقدان السوق الثقة مرة أخرى في مصداقية البنك المركزي".
نماذج البلدان النامية
"لا تزال مصر حالياً تدفع أسعار فائدة حقيقية مرتفعة بالفعل، بعدما استغرقت وقتاً طويلاً لتثبت للسوق أن البلاد تشهد تغييرات. إن الأمر مكلف للغاية بالنسبة لمصر، وسيكون مكلفاً للغاية بالنسبة لتركيا لإثبات أنها تتغير. يتعين على تركيا أن تُقدّم للمستثمرين الأجانب والمحليين عائداً حقيقياً إيجابياً جيداً مقابل حيازة السندات لمدة سنتين إلى ثلاث سنوات على الأقل قبل أن تعتقد الأسواق أن النموذج قد تغير بالفعل".
ماذا نشتري؟
"بالنسبة لمستثمري السندات، أعتقد أنها كانت تجارة رائجة منذ نوفمبر 2020، لأنك استثمرت أموالك هناك لبضعة أشهر. إنه يشبه إلى حد ما شراء العملة المشفرة بتكوين، خلال بضعة أشهر تحقق عائداً لائقاً، وتخرج من السوق، لأنه لا يمكنك أن تثق بهذا القدر على المدى الطويل. أعتقد أن سندات الليرة التركية ذات قيمة جيدة حالياً، لكنني سأبيعها ربما في النصف الأول من العام المقبل. السؤال الذي سأطرحه في النصف الثاني من هذا العام: متى أبيع؟"
تركيا لديها فرصة للتغيير
"أودّ أن أكون مخطئاً، من أجل مصلحة الأتراك ومدخراتهم ومكانتهم النسبية في العالم. تركيا لديها فرصة للتغيير. تركيا تمتلك اقتصاداً صناعياً متطوراً يتمتع بقوى عاملة جيدة ومتعلمة. يمكن لتركيا أن تجسد تجربة نمو قوية -ربما الأفضل- في المنطقة الأوروبية على مدى السنوات العشرة المقبلة حال تبنيها السياسات المناسبة".