بلومبرغ
أحدثت تداعيات هجوم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) هزة عنيفة في الأصول الإسرائيلية هذا الأسبوع، ودفعت المنطقة فيما يمكن أن يُسمى عصر الأخطار، وألقت بظلالها على الأسواق من المملكة العربية السعودية إلى مصر.
وبينما يستعد المستثمرون لمزيد من الاضطرابات في إسرائيل، فإنهم أيضاً يتحوطون ضد خطر أن تؤدي الحرب الإسرائيلية إلى صراع أوسع نطاقاً في الشرق الأوسط. فلم تكن الأسواق الإسرائيلية محصنة من الاضطرابات هذه المرة رغم أنها كانت تُعتبر أقل عرضة لها لزمن طويل.
وارتفعت تكلفة التأمين على السندات الإسرائيلية ضد احتمالات التعثر بواقع 66 نقطة أساس منذ هجمة حماس يوم السبت الماضي، وهي أعلى نسبة ارتفاع على الإطلاق في أسبوع. وقد قفز مستوى التقلبات الضمنية في سعر الشيكل لمدة شهر متجاوزاً كل العملات الأخرى في العام منذ الإثنين الماضي.
الحركات القصوى تتراكم أيضاً في مختلف أنحاء المنطقة.
عقود التأمين ضد التعثر على ديون المملكة العربية السعودية وقطر تتجه إلى تسجيل أكبر زيادة أسبوعية لها منذ عام 2020. وتحوطاً ضد ارتفاع المخاطر الجيوسياسية، تتجه العقود الآجلة لمدة 12 شهراً على الريال السعودي –الذي يرتبط بالدولار الأميركي– نحو تحقيق أكبر زيادة أسبوعية منذ ديسمبر 2022.
ويقول عبد القادر حسين، رئيس إدارة أصول الدخل الثابت في شركة "أرقام كابيتال": "واضح أن علاوة المخاطر الجيوسياسية ترسخ وجودها مرة أخرى في المنطقة. فالوضع العام يتسم بالسيولة ومن الصعب التنبؤ فيه".
اقرأ أيضاً: توسيع إسرائيل للحرب يثير قلق الأسواق الناشئة إزاء إيران
ويقيّم المستثمرون مخاطر أن يشمل الصراع بلداناً أخرى أو جماعات مقاتلة. فحزب الله اللبناني، وهو أحد المنظمات المسلحة القوية في منطقة الشرق الأوسط، تبادل إطلاق النار مع القوات الإسرائيلية خلال الأيام القليلة الماضية. وحذرت إيران، التي توفر سلاحاً وتمويلاً لمنظمة حماس، من أن المقاتلين الذين تدعمهم طهران قد يفتحون جبهة جديدة مع إسرائيل إذا استمر حصار غزة.
يقول محللو مصرف "مورغان ستانلي"، ومن بينهم سيمون ويفر، إن تصعيداً شديداً يشمل المنطقة بأسرها "ليس وارداً في الوقت الراهن. غير أن هذا السيناريو يظل أيضاً على بعد عدة خطوات".
استجابة السياسة النقدية
بعد الهجمة المفاجئة مباشرة، سارع صناع السياسة النقدية في إسرائيل إلى التدخل بإجراءات عاجلة شملت ضخ ما يصل إلى 30 مليار دولار في أسواق العملة لمواجهة عدم استقرار الشيكل وتقلباته.
وركزت الأزمة الانتباه على مصر، التي تشترك في الحدود مع غزة، وهي واحدة من أكثر دول المنطقة مديونية. وبينما تكافح من أجل الإفراج عن دفعة تمويل من حزمة الإنقاذ الحالية البالغة 3 مليارات دولار من صندوق النقد الدولي، فهي تجري أيضاً محادثات في الوقت الحالي من أجل زيادة المساعدات، وفقاً لأشخاص مطلعين على المناقشات.
مصر تسعى لزيادة قرض صندوق النقد لأكثر من 5 مليارات دولار
وفي حين أن ديون إسرائيل الدولارية كانت من بين أكبر أوراق الدين خسارة في الأسواق الناشئة، فإن السندات التي أصدرها لبنان والأردن ومصر كانت أيضاً من بين الأكثر تضرراً هذا الأسبوع، وفقاً لمؤشرات "بلومبرغ".
هذه الحرب ستعرّض السندات المصرية، التي تعاني فعلاً من ضغوط بعد خفض وكالة "موديز إنفستورز سيرفيس" تصنيف البلاد الأسبوع الماضي، لمخاطر أكبر نظراً لاعتماد البلاد على السياحة وواردات الوقود، وفقاً لما ذكره بنك "غولدمان ساكس غروب". وقال محللو البنك أيضاً إن الأردن هو الآخر تعتمد على السياحة بدرجة كبيرة.
ارتباط قوي
"هناك علاقة عالية نسبياً بين المخاطر الجيوسياسية المتزايدة في إسرائيل والشرق الأوسط"، وفق تقرير لمحللي "غولدمان ساكس" ومن بينهم كاماكشيا تريفيدي وسيزر ماسري.
انخفض مؤشر الأسهم المعياري في إسرائيل بنسبة 6.4% هذا الأسبوع، ليصبح أكثر المؤشرات خسارة في جميع أنحاء العالم. وتراجع الشيكل بنسبة تجاوزت 3% أمام الدولار حتى مع تدخلات بنك إسرائيل لوقف التقلبات.
وقالت وكالة موديز في وقت سابق من هذا الأسبوع إن التقييم الائتماني السيادي لإسرائيل يمكن اختباره من خلال طول مدة الحرب، على الرغم من أنها صمدت في مواجهة عمليات عسكرية في الماضي.
وفي الوقت الذي حث فيه الجيش الإسرائيلي على إخلاء الجزء الشمالي من غزة مع توقع عملية برية قريباً، من المتوقع أن تتعمق الخسائر إذا تطور الصراع إلى حرب أوسع.
قال حسنين مالك، محلل استراتيجي في شركة "تيليمر" مقيم في دبي: "تعكس الأسواق افتراضاً بأن الحرب بين إسرائيل وغزة لا تزال تحت السيطرة. إن احتمالات نشوب حرب مباشرة مع إيران، والتي من شأنها أن تؤدي إلى إعادة تقييم المخاطر، تبدو مستبعدة للغاية– ولكن نشوب حرب مع حزب الله في لبنان، بصورة تدريجية، مسألة واردة".