بلومبرغ
يستعد رئيس وزراء ماليزيا أنور إبراهيم لتبني سياسة مالية تقشفية في الموازنة العامة السنوية الثانية له منذ أن تولى منصبه، في إطار سعيه إلى تخفيض الدين العام عن طريق إلغاء أشكال الدعم المباشر والشامل في الاقتصاد التي استمرت لعقود.
قال معظم الاقتصاديين، الذين شاركوا في مسح أجرته "بلومبرغ" قبيل عرض الموازنة العامة السنوية يوم الجمعة، إن أنور إبراهيم، الذي يتولى أيضاً منصب وزير المالية، قد يقرر زيادة الإنفاق في السنة المالية التي تبدأ في يناير بهدف دعم نمو الاقتصاد. ومع ذلك، فهم يرجحون أن يستهدف تقليص العجز المالي – أي الفجوة بين الإيرادات والإنفاق – إلى 4.28% من إجمالي الناتج المحلي من نحو 5% متوقعة هذا العام.
وفي حين تدرس الحكومة، وفق تصريحات وزير الاقتصاد رافيزي راملي، إلغاء الدعم المباشر الشامل لصالح تقديم المساعدات الموجهة بهدف تقليص العجز، رجح المشاركون في المسح أيضاً أن يعتمد أنور إبراهيم على توزيع كوبونات شركة البترول التابعة للدولة "بتروليم ناشيونال" (Petroliam Nasional) وعلى إجراءات من شأنها زيادة الامتثال الضريبي من أجل تجسير هذه الفجوة.
اقرأ أيضاً: ماليزيا تسهل ممارسة الأعمال لتعزيز الاستثمار الأجنبي
مواجهة عجز الموازنة
خطة ماليزيا للإنفاق في عام 2024 يجب أن توفّق بين محدودية قدراتها المالية وطموحها إلى أن تصبح دولة من دول الدخل المرتفع في غضون العقد الحالي. وبحسب رافيزي، تقديم الدعم إلى الفئات الأكثر احتياجاً فقط سيوفر على الأقل مليار إلى ملياري دولار سنوياً تستطيع الحكومة استخدامها في الإنفاق التنموي.
وتسعى إدارة أنور إبراهيم في النهاية إلى تقليص عجز الموازنة إلى 3.5% من إجمالي الناتج المحلي بحلول عام 2025. وإذا تحقق لها هذا الهدف، فإنه يمهد الطريق إلى تخفيض معدل الدين العام إلى إجمالي الناتج المحلي إلى 60% من 63% حالياً، وفق تصريحات أدلى بها رافيزي في وقت سابق من شهر أكتوبر الجاري.
ذلك النوع من الانضباط المالي سيصبح محاولة من أنور إبراهيم للاحتفاظ بثقة المستثمرين في هذا الاقتصاد بجنوب شرق آسيا في وقت يتخلون فيه عن أصول الأسواق الناشئة. ويعد اندلاع الصراع بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) هو الأحدث في قائمة طويلة من المخاوف التي دفعت المستثمرين إلى التخلي عن أصول الأسواق الناشئة والهروب بحثاً عن الأمان في الدولار.
اقرأ أيضاً: انتفاضة عالمية متزايدة ضد استخدام الدولار كسلاح اقتصادي
ينتظر أن يحقق الاقتصاد الماليزي نمواً بنسبة 4.5% في عام 2024، وفقاً لمتوسط تقديرات 11 اقتصاياً. وهو معدل نمو أسرع من نسبة 4% قدّرها المحللون للعام الحالي.
زيادة معدل النمو
مثل جميع الدول المعتمدة على التصدير، تراجع النمو الاقتصادي في ماليزيا هذا العام وسط تباطؤ عالمي في الطلب على السلع. ويستهدف أنور إبراهيم زيادة معدل النمو إلى 6% على المدى القريب من خلال الإصلاحات.
رجحت لافانيا فينكاتيسواران، الخبيرة الاقتصادية في شركة "أوفرسي تشاينيز بانكنيغ" (Oversea-Chinese Banking)، في مذكرة بحثية، أن تدعم الموازنة العامة التزام الحكومة تجاه الضبط المالي والإصلاحات، بما يتكامل مع إعلانات السياسة متوسطة المدى مؤخراً.
ومع ذلك، يرى آخرون، بمن فيهم الخبير الاقتصادي فردوس روسلي من بنك "إسلام ماليزيا بيرهاد"، أن أي تحرك لإلغاء الدعم الشامل المباشر يشكل خطراً تضخمياً.
وقال: "نتوقع أن يرتفع التضخم 0.4% فوق خط الأساس لكل زيادة قدرها 10 سنتات في أسعار النفط بالتجزئة".
إن عزم الحكومة على إلغاء دعم وقود السيارات يمكن اختباره من خلال ارتفاع أسعار النفط العالمية وسط الصراع في الشرق الأوسط.
وبغض النظر عن مخاطر التضخم، تعول الحكومة على خفض الدعم لتقوية وضعها المالي، دون الاضطرار إلى فرض الكثير من الرسوم. ومع ذلك، فإن أربعة من الاقتصاديين الأحد عشر الذين شملهم الاستطلاع لا يستبعدون فرض ضرائب جديدة في العام المقبل. وقد تطبق الحكومة الضرائب التي أعلنت عنها سابقاً مثل تلك المفروضة على السلع الكمالية والتصرف في الأسهم غير المدرجة، وفقاً للمحللين في بنك "كينانغا" الاستثماري (Kenanga).
وقال الاقتصاديون في "كينانغا" في مذكرة يوم الإثنين: "بالإضافة إلى ذلك، نعتقد أن الحكومة قد تفرض أيضاً ضريبة الوحدات الشاغرة، وتستهدف ملاك العقارات والمطورين وأصحاب المنازل لمعالجة قضية العقارات المملوكة ولا تطرح في الأسواق وكذلك إتاحة قيمة الأراضي أمام الاستخدام الإنتاجي في ماليزيا".