الشرق
يتوقع أن تؤدي جهود التعافي وإعادة الإعمار في أعقاب الزلزال الذي ضرب المغرب أوائل الشهر الجاري، إلى زيادة الإنفاق الحكومي واتساع عجز الميزانية على المدى القريب، إلا أن المساعدات الدولية يُرجّح أن تغطي جزءاً من تكاليف الإعمار هذه، وفقاً لتقرير صادر عن وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني، اليوم الخميس.
أودى الزلزال الذي شهدته المملكة في 8 سبتمبر بحياة أكثر من 3 آلاف شخص، وخلف العديد من الجرحى والمشردين، وتضرر أكثر من 50 ألف منزل. وقد أعلنت الحكومة عن خطة لإعادة الإعمار بقيمة 120 مليار درهم (11.7 مليار دولار) -أي ما يعادل نحو 8.5% من الناتج المحلي الإجمالي- على مدى خمس سنوات.
توقعات الحكومة قبل الزلزال كانت تشير إلى خفض عجز الميزانية خلال العام الجاري إلى 4.5% من الناتج المحلي الإجمالي وإلى 4% في 2024، مقابل 5.1% و4.9% المتوقعة من طرف بنك المغرب المركزي، مقارنة مع العجز المسجل في العام الماضي، والبالغ 5.2%.
صندوق النقد والبنك الدوليان يبقيان اجتماعات المغرب في موعدها
تقرير وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني أشار إلى أن "المساعدة الدولية التي تلقاها المغرب في أعقاب الزلزال، ستُعوض بعض تكاليف إعادة الإعمار، كما ستوفر تحويلات المغتربين المزيد من الدعم من السيولة الخارجية".
تمويل خطة الإعمار
تُخطط الحكومة لتمويل خطة إعادة الإعمار من خلال الإنفاق من الميزانية العامة، إضافة إلى التبرعات المالية التي جمعها صندوق تدبير مخلفات الزلزال الذي بلغت حصيلته الرسمية الأولية 10 مليارات درهم (نحو مليار دولار) بعد أسبوعين من استحداثه.
ذكرت "فيتش" أن تكاليف إعادة الإعمار سترفع الإنفاق الحكومي بشكل أكبر، بما سيُؤدي إلى عجز أكبر وديون أعلى من التوقعات السابقة لشهر يونيو (4.9% كعجز في العام الجاري و4.4% العام المقبل).
المغرب يترقب تعويضات تأمينية دولية بعد الزلزال
كان المغرب قد حصل على تصنيف من وكالة "فيتش" عند (+ BB) مع نظرة مستقبلية مستقرة في أبريل الماضي، حيث أخذت الوكالة آنذاك في الاعتبار ارتفاع الدين العام وعجز الميزانية.
من غير المعروف حتى الآن قيمة الحصة التي ستتحملها الحكومة من تكاليف خطة إعادة الإعمار، فيما يُرجح أن تلجأ إلى التمويلات الدولية المتاحة، ومن بينها الاتفاق المبرم مؤخراً مع صندوق النقد الدولي بقيمة 1.3 مليار دولار لتعزيز القدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، وهو اتفاق لم يكن مرتبطاً بشكل مباشر بالزلزال، بل بدأ التفاوض بخصوصه قبل أشهر، بحسب توضيحات والي بنك المغرب المركزي، عبد اللطيف الجواهري، الثلاثاء، في رده على أسئلة "الشرق".
تمويلات خارجية إضافية
تتوقع وكالة "فيتش" أن يتمكن المغرب من الحصول على تمويل خارجي إضافي للمساعدة على تعويض تكاليف إعادة الإعمار وارتفاع متطلبات الاقتراض، كما ستكون الاجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي المقرر عقدها في أكتوبر المقبل في مراكش، فرصةً للحكومات والمؤسسات الدولية لتقديم المزيد من الدعم التمويلي للبلاد.
يبقى من المستبعد أن يواجه المغرب ضغوطاً كبيرة على مستوى السيولة الخارجية. فالمملكة بإمكانها استخدام خط ائتماني مرن لمدة عامين تمت الموافقة عليه في أبريل الماضي من صندوق النقد الدولي بقيمة 5 مليارات دولار، كما تتوقع "فيتش" أن ترتفع تحويلات المغتربين -كما حدث خلال جائحة كورونا_ وكذلك الأمر بالنسبة إلى التبرعات المالية الموجهة لصندوق الزلزال، حيث يتوقع أن تزيد على المدى القصير.
عجز ميزانية المغرب يرتفع 37% إلى 4 مليارات دولار في 8 أشهر
بلغت تحويلات المغتربين في الأشهر الثمانية الأولى من العام الجاري نحو 77.9 مليار درهم (7.5 مليار دولار)، بزيادة 7.2% على أساس سنوي، وفقاً لأحدث الأرقام الصادرة عن مكتب الصرف، الهيئة الحكومية المكلفة بإحصاءات التجارة الخارجية.
وتظل السياحة محركاً مهماً للنمو الاقتصادي وعائدات العملات الأجنبية. لكن الزلزال قد يعيق التعافي المسجل بعد فترة "كوفيد-19"، حيث زادت إيرادات السياحة بنسبة 32.5% على أساس سنوي في الأشهر الثمانية الأولى من العام الجاري لتصل إلى 71.3 مليار درهم (7 مليارات دولار)، متجاوزةً بذلك مستويات ما قبل 2019.
بحسب عدد من الجمعيات المهنية في قطاع السياحة، فقد شهدت الفترة التي تلت الزلزال تأجيلات من قِبل السياح الأجانب أكثر من الإلغاءات. كما لم تكن المراكز الرئيسية للنشاط الصناعي مثل قطاع السيارات، قريبة من بؤرة الزلزال، وبذلك لن تتأثر بشكل كبير، وفقاً لتقرير "فيتش".