الشرق
أكّد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أنَّ الواقع الديموغرافي والاقتصادي في مصر "يحتّم علينا ألاّ نتحدث فقط عن التنمية بالمفهوم التقليدي، وإنما على الانطلاق بمعدلات نمو مرتفعة ومتلاحقة، وتنمية مستدامة متسارعة، وتحقيق إنجازات استثنائية".
السيسي أشار في كلمة متلفزة بمناسبة ذكرى "ثورة يوليو"، اليوم الأحد، إلى أنَّ الدولة "تبذل أقصى الجهد والطاقة لتوفير فرص عمل جديدة، وزيادة الدخل للمواطنين، وإقامة مسارات جديدة لتطوير ونمو الاقتصاد بما يتواكب مع العصر".
وأوضح أنَّ تحقيق كل ذلك يتطلب، بالتوازي مع مسيرة البناء والتعمير، تطوير الإنسان تعليمياً وصحياً وثقافياً. منوّهاً بأنَّ الشعب المصري تحمّل الكثير أمام أزمات عديدة واجهته خلال السنوات الأخيرة.
كلمة السيسي تأتي وسط أزمة اقتصادية تواجهها مصر، مع ضبابية تسود اتفاقها مع صندوق النقد الدولي، بعد إرجاء المراجعة الأولى لعدم تنفيذ البلاد المتعطشة للسيولة الدولارية للطلبات التي تم الاتفاق عليها مع الصندوق، وكان أهمها اعتماد سعر صرف مرن للجنيه. حيث صرّح الرئيس المصري مؤخراً أنَّ سعر الصرف في بلاده أصبح "أمناً قومياً"، في حن اعتبرت مديرة صندوق النقد كريستالينا غورغييفا أنَّ استنزاف دعم الجنيه لاحتياطيات مصر من العملات الأجنبية "أشبه بسكب الماء في وعاء مثقوب".
تحدّيات "الجمهورية الجديدة"
كما اعتبر السيسي، في كلمته اليوم، أنَّ "أسس وقيم (الجمهورية الجديدة) تُبنى على سابقتها ولا تهدمها، تضيف إليها ولا تنتقص منها، تقوم على أولوية الحفاظ على الوطن، وسط واقع دولي وإقليمي يتزايد تعقيده واضطرابه على نحو غير مسبوق، ووحدة الجبهة الداخلية بالنظر إلى تغيّر طبيعة التهديدات التي أصبح جزء كبير منها يستهدف الداخل حصراً"، مؤكداً أنَّ "جميع الأصوات الجادّة مسموعة لما يحقق صالح الوطن".
الرئيس المصري كان طالب مؤسسات التمويل الدولية بتفهم ظروف بلاده، خلال قمة "من أجل ميثاق مالي عالمي جديد" في باريس الشهر الماضي، لافتاً إلى أنَّ مصر "أطلقت برنامجاً للإصلاح الاقتصادي 2016، وحقق كل الأهداف التي حددتها"، لكنَّ أزمة جائحة كورونا وحرب أوكرانيا، أثرتا على "مسارات النجاحات المختلفة" التي حققتها بلاده، بالإضافة إلى ذلك؛ "فقد تراجع التمويل (من قبل الجهات المانحة)، وتعاظمت شروطه"، على حدّ قول السيسي.
بالإضافة إلى سعر الصرف؛ فإنَّ تسريع عملية تخارج الدولة من الأنشطة الاقتصادية يمثل نقطة تجاذب مع صندوق النقد. وأعلن رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، قبل أسبوعين، أنَّ بلاده أنجزت بيع حصص بشركات حكومية بقيمة 1.9 مليار دولار، وأنَّ هناك مفاوضات لاستقطاب أكثر من مليار دولار آخر من صفقات محتملة "قريباً جداً".
تستهدف الحكومة المصرية تحقيق اقتصاد البلاد نمواً بحدود 4.1% إلى 4.2% هذا العام، بحسب وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية هالة السعيد، في مقابلة سابقة مع "اقتصاد الشرق"، مشيرةً إلى مراجعة مستهدفات النمو باستمرار وسط حالة عدم اليقين التي تسود الأسواق والاقتصادات.