بلومبرغ
تعتزم إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن تضييق خطط تقييد الاستثمارات في الصين، بحيث تركز بشكل محدد على التكنولوجيا المتطورة والاستثمارات الجديدة فقط، ومن المحتمل ألا تدخل حيز التنفيذ حتى العام المقبل، بسبب بطء تنفيذ الإجراءات السياسية التي تعاني من البيروقراطية في واشنطن.
يهدف المسؤولون إلى وضع اقتراح بحلول نهاية أغسطس للبرنامج الذي طال تأجيله لفحص وربما حظر الاستثمارات في قطاعات أشباه الموصلات والحوسبة الكمية والذكاء الاصطناعي بالصين، حسبما قال أشخاص مطلعون على الخطط، ممن طلبوا عدم ذكر أسمائهم كون التفاصيل ما تزال سرية.
في إشارة إلى كيفية تقليص الطموحات المبكرة للإدارة، من المرجح أن تنطبق القيود فقط على الاستثمارات الجديدة، وقررت الإدارة أيضاً تجنيب قطاعي التكنولوجيا الحيوية والطاقة من القيود المرتقبة، كما قال الأشخاص.
سلطت وزيرة الخزانة الأميركية، جانيت يلين، الضوء على النطاق المحدود للخطط في مقابلة مع تلفزيون "بلومبرغ" أمس الإثنين، قائلة إن القيود ستكون "ذات أهداف محددة بدقة".
توفر تصريحات يلين بعض الارتياح للشركات التي تسعى إلى الانفتاح على السوق الصينية أو المستثمرين المهتمين بالنمو الاقتصادي الأوسع.
قالت يلين: "هذه القيود لن تكون كبيرة بما يؤثر على الاستثمارات الأميركية على نطاق واسع في الصين، كما أنها من وجهة نظري لن تؤثر جوهرياً على مناخ الاستثمار في الصين".
قيود فعالة وتخفيف التوترات
حتى عندما تكتمل المقترحات، فإن وتيرة آلية صنع السياسة الأميركية تعني أن البرنامج، الذي سيجري إصداره بموجب أمر تنفيذي، من المحتمل ألا يدخل حيز التنفيذ حتى عام 2024 على أقرب تقدير.
تأخير تنفيذ البرنامج سيخيب آمال المناهضين للصين الذين يتطلعون إلى إجراءات أكثر صرامة وأسرع، لكنه قد يمنح الإدارة مزيداً من الوقت للتنقل بين رغبتها في فرض قيود فعالة، مع تخفيف التوترات مع الصين أيضاً، التي شعرت بالغضب من القيود السابقة. وامتنع متحدث باسم البيت الأبيض ومجلس الأمن القومي عن التعليق.
القيود الأميركية على الاستثمار في الصين تهدد جهود تهدئة التوتر
إن ما يُسمى بالقيود على الاستثمارات المتجهة إلى الخارج يأتي كجزء من الجهد الأوسع الذي يبذله البيت الأبيض للحد من قدرات الصين في تطوير الجيل التالي من التكنولوجيا، والذي يُتوقع أن يهيمن على الأمن العسكري والاقتصادي. كما يتضمن الجهد خطوات للحد من مبيعات أشباه الموصلات المتقدمة وأدوات تطويرها.
علاقات متوترة
أدت هذه الجهود إلى تعقيد العلاقات مع بكين، التي ترى القيود بمثابة محاولة لاحتواء الصين وعزلها بينما يتعثر اقتصادها.
أثارت تلك القيود أيضاً غضب شركات الرقائق الأميركية بما في ذلك "إنتل"و"إنفيديا"، حيث تتوقع أن تدفع السوق الضخمة في البلاد نمو الإيرادات.
تواجد المديرون التنفيذيون للشركتين في واشنطن أمس الإثنين في محاولة أخيرة للضغط على مسؤولي البيت الأبيض لعدم تجاوز القيود الحالية.
كما أن قرار "سيكويا كابيتال" (Sequoia Capital) بتقسيم عملياتها في الولايات المتحدة والصين إلى وحدات مستقلة يوضح الكيفية التي تؤثر بها التوترات بين أكبر اقتصادين على استثمارات رأس المال المغامر، وما تمثله من خطر على تدفق الأموال والخبرات التي ساعدت في كسب المليارات خلال السنوات الأخيرة من الشركات الصينية الناشئة.
قالت إميلي وينشتاين، الزميلة الباحثة التي تركز على المنافسة التكنولوجية بين الولايات المتحدة والصين في مركز الأمن والتكنولوجيا الناشئة بجامعة جورجتاون، إن المستثمرين قد يشعرون بالارتياح إذا أعلنت "الإدارة الأميركية عن نيتها لفرض قيود محددة بعناية.
ومن ذلك مثلاً توضيح الإدارة بأنه "لن يُحظر سوى أخطر الاستثمارات" حسب وصف وينشتاين، على غرار الاستثمار في الشركات المصنعة لأشباه الموصلات المتقدمة، التي تتعامل مع الجيش الصيني باعتباره أحد العملاء.
يشارك في صياغة البرنامج وفحصه، البيت الأبيض ومجموعة من الوزارات بما في ذلك وزارة الخزانة والدفاع والخارجية والتجارة.
عند سؤالها عن سبب استغراق إدارة بايدن وقتاً طويلاً لاقتراح القيود، قالت يلين أمس الإثنين إن المسؤولين الأميركيين "يريدون التأكد من أننا إذا فعلنا ذلك، فإننا نطبقه بشكل سليم، ونحن نعمل على وضع التفاصيل".
برنامج لفحص الاستثمارات الخارجية
تخطط الإدارة السماح بإتاحة فترة للنقاش العام والمشاركة مع "وول ستريت" والصناعات المتأثرة، والتي من المتوقع أن تستمر في عملها الطبيعي لعدة أشهر.
بعد ذلك ستتلقى الإدارة الأميركية تلك الآراء وتجمعها، وهو أمر من المحتمل أن يؤجل تطبيق القيود حتى العام المقبل.
عرضت يلين ملامح البرنامج على حكومة الرئيس الصيني شي جين بينغ في رحلتها إلى بكين خلال وقت سابق من هذا الشهر. وكان الهدف وراء ذلك جزئياً هو التأكد من أنه لن يفاجئ أكبر منافس جيوسياسي لأميركا، وكذلك أحد أكبر شركائها التجاريين والدائنين.
من المتوقع إدارة وزارة الخزانة للبرنامج، الذي تم وصفه بأنه يتناقض مع ما تقوم به لجنة الاستثمارات الأجنبية في الولايات المتحدة (CFIUS). وبموجب البرنامج ستراجع الوزارة الاستثمارات الأجنبية خشية وجود تهديدات للأمن القومي.
قالت إميلي كيلكريس، زميلة أولى في مركز الأمن الأميركي الجديد ونائبة سابقة لمساعد الممثل التجاري، إن القيود سيكون لديها القدرة على حظر بعض المعاملات، لكنها ستكون خيبة أمل لبعض المناهضين للصين الذين سعوا لمزيد من المقترحات الشاملة.
واختتمت: "من المؤكد أن هناك بعض الأشخاص في الساحة السياسية بواشنطن يريدون مجموعة أوسع بكثير من القيود.. لكنني أعتقد أن ما تقوله يلين يشير بوضوح إلى أن الإدارة لن تسلك هذا الطريق".