بلومبرغ
يشير عدد من المؤشرات المتنامية إلى أن الأرجنتين بدأت تدخل العام الجاري في مرحلة كساد للمرة السادسة خلال العقد الأخير، ما يبدد اللبس المحيط بمشاهد ازدحام المطاعم في أحياء بوينس آيرس الراقية التي أظهرت أن الإنفاق الاستهلاكي سيثبت قدرته على الصمود.
كلفت مستويات قياسية من الجفاف الاقتصاد خسارة 20 مليار دولار من الصادرات الزراعية والتي كانت السبب الرئيسي وراء التراجع الحاد العام الجاري. لكن التضخم الذي يتجاوز 115% يفوق زيادة الأجور، ويكبح الإنفاق بواسطة بطاقات الائتمان ويحد من مشتريات البضائع باهظة الأسعار إذ بات القلق يتسرب للمتسوقين قبيل إجراء الانتخابات الرئاسية العام الجاري.
في حين أن هبوط قيمة عملية البيزو -تراجعت بأكثر من 50% أمام الدولار خلال الـ12 شهراً الماضية- يعزز الاستهلاك نوعاً ما، إلا أنه من المنتظر أن يدخل الاقتصاد الأرجنتيني الكساد خلال الربع الثالث من العام الجاري، وسينكمش بما يفوق 3% خلال سنة 2023 بأكملها.
نستعرض فيما يلي 6 مؤشرات تنذر بحدوث كساد اقتصادي في الأرجنتين:
ديون بطاقة الائتمان
خلال مايو الماضي، زاد حجم ديون بطاقات الائتمان بالبيزو 90% عن نفس الشهر من السنة السابقة، ما يُعد أقل من معدل التضخم السنوي بمقدار 25 نقطة مئوية، وهي فجوة أوسع مقارنة بأغلب فترات السنة الماضية. على ما يبدو أن المستهلكين يقلصون من ميزانياتهم العمومية قبيل إجراء الانتخابات التمهيدية المهمة المقررة في 13 أغسطس والتي من المعتاد تاريخياً أن تتسبب بتقلبات اقتصادية.
الرواتب
صعدت أجور الأرجنتينيين 104% على أساس سنوي خلال أبريل الماضي، ما يُعد أقل قليلاً من معدل التضخم السنوي بذلك التوقيت، لكن على أرض الواقع، كان الضرر أشد سوءاً. يشكل القطاع غير الرسمي الهائل في الأرجنتين -حيث الوظائف مدفوعة الراتب نقداً بالكامل والتي تدفع ضريبة دخل قليلة أو معدومة- ما نصف قوة سوق العمل تقريباً، لكنها تمثل فقط خُمس وزن مؤشر الحكومة الرسمي للأجور.
جاءت زيادة رواتب العمال غير الرسميين أقل 31 نقطة مئوية من زيادة التضخم خلال أبريل الماضي، ما يبرز مدى الخسارة الكبيرة في مستوى دخل ملايين العمال.
الصادرات
هبطت صادرات السلع 22% منذ بداية السنة الجارية وحتى مايو الماضي بالمقارنة مع نفس المدة الزمنية من السنة الماضية، إذ حققت عجزاً 2.7 مليار دولار مقابل تسجيل فائض تجاري السنة المنصرمة. شكلت السلع المتضررة من الجفاف أكبر عبء على الميزان التجاري، إذ تراجعت 37.2% لتفوق عمليات التراجع خلال موجة الجفاف خلال 2018 أو وباء كوفيد-19.
انخفضت الصادرات 7% خلال أول 5 شهور من 2023 فيما تراجعت من حيث الحجم 16%.
النشاط الاقتصادي
تراجع النشاط الاقتصادي 4.2% خلال أبريل بالمقارنة مع نفس الشهر من السنة الماضية، ما يُعد الهبوط الأكبر على أساس شهري منذ ذروة تفشي وباء كورونا خلال 2020. رغم أن أغلب القطاعات حققت نمواً طفيفاً، إلا أن النشاط الزراعي هبط 37%، في أحد أسوأ الشهور بالنسبة له منذ سنوات عديدة. كما عانى قطاعا التعدين والتصنيع من خسائر على أساس سنوي.
البضائع باهظة الثمن
يخفض الأرجنتينيون من نفقاتهم على مشتريات السلع مرتفعة الثمن، بداية من أجهزة التلفزيون ومكيفات الهواء وصولاً إلى أجهزة الكمبيوتر اللوحي وغسالات الأطباق.
خلال الربع الأول من 2023، تراجع عدد الوحدات المبيعة بطريقة كبيرة لغالبية الأجهزة المنزلية، بينما هبطت الأسعار الحالية 8% عند تعديلها وفقاً للتضخم. يأتي من بين البضائع الأكثر تضرراً أجهزة التلفزيون ومكيفات الهواء وأجهزة تجفيف الملابس وغسالات الأطباق، والتي سجلت مبيعاتها نمواً كبيراً خلال 2022، رغم أن أجهزة السخانات الكهربائية بقيت الأكثر مبيعاً.
تراجع التوظيف في المصانع
يُعتبر قطاع التصنيع الأرجنتيني -يتمتع بوظائف جيدة الأجر- أحد النقاط المضيئة بسوق العمل الصامدة في البلاد. لكن حظوظه الجيدة تقترب من نهايتها. تكشف البيانات الحكومية أن نسبة أكبر من مديري المصانع يتوقعون حالياً تراجعاً لعدد الوظائف يفوق عدد تلك المُضافة خلال الشهور الثلاثة المقبلة، ما يأتي على العكس من اتجاه التوقعات في أعقاب نهاية حقبة الوباء.