بلومبرغ
تقدم أكبر مصارف حكومية صينية قروضاً لآليات تمويل حكومية محلية ذات آجال استحقاق طويلة المدى وتقلص الفائدة مؤقتاً لمنع اندلاع أزمة ائتمان وسط ضغوط متنامية في سوق ديون قيمتها 9 تريليونات دولار، بحسب أشخاص على دراية بالموضوع.
بدأت مصارف بما فيها "إندستريال أند كوميرشال بنك أوف تشاينا" و" تشاينا كونستركشن بنك" في زيادة القروض لأجل 25 سنة، عوضاً عن أجل 10 سنوات السائدة لأغلب عمليات إقراض الشركات، والتي قدمتها ضمن آليات تمويل الحكومات المحلية (LGFVs) المؤهلة ذات الجدارة الائتمانية العالية خلال الشهور الأخيرة، حسبما أوضح الأشخاص الذين طلبوا عدم الإفصاح هوياتهم نظراً لمناقشة أمر غير معلن.
أكد الأشخاص أن بعض القروض تحظى بإعفاءات من أي فوائد أو مدفوعات للمبالغ الأصلية خلال أول أربعة أعوام، رغم أن الفائدة المتراكمة ستسدد لاحقاً. لا يمكن التعرف على إجمالي حجم القروض طويلة الأجل المقدمة لآليات تمويل الحكومات المحلية في حينه.
هشاشة مالية
يأتي هذا الإجراء في وقت جعلت فيه مخاوف الهشاشة المالية في ثاني أكبر اقتصاد على مستوى العالم –خاصة وسط الحكومات المحلية في الصين– صناع السياسة النقدية حذرين من إعادة توفير الحوافز الاقتصادية الهائلة المقدمة خلال فترات ركود سابقة. عوضاً عن ذلك، لجأوا للتوسع الائتماني لتفادي التخلف المحتمل عن السداد على مستوى الجهات الحكومية، إذ تضخم مؤشر واسع للاقتراض الرسمي مسجلاً 23 تريليون دولار أميركي بحسب تقديرات مصرف "غولدمان ساكس".
لم يستجب متحدثون في مصرفي "إندستريال أند كوميرشال بنك أوف تشاينا" و"تشاينا كونستركشن بنك" ومقرهما بكين لطلبات للتعليق على الموضوع.
يوجد أيضاً تركيز متنامي على سوق الديون لآليات تمويل الحكومات المحلية البالغ قيمتها 9 تريليونات دولار. وبينما لم يتخلف أي منها عن سداد السندات العامة، أثار سداد أحد السندات باللحظة الأخيرة مخاوف جديدة إزاء قدرات الوفاء بخدمة الديون بالقطاع.
مع نهاية السنة الماضية، أعلنت آلية تمويل الحكومة المحلية بمقاطعة قويتشو الفقيرة الواقعة جنوب غرب الصين عن التوصل لاتفاق مع مصارف لتمديد أجل قروض بقيمة 2.3 مليار دولار تقريباً لتصبح مستحقة بعد 20 سنة. علاوة على ذلك، ستسدد المؤسسة الفوائد فقط خلال الأعوام العشرة الأول وستدفع أصل المبلغ على أقساط خلال العقد التالي.
تواجه الموارد المالية للحكومات المحلية ضغوطاً إذ جفت مبيعات الأراضي -مصدر أساس للدخل المالي– في ظل أزمة عقارية متواصلة. أضعف تقليص مبيعات الأراضي والنفقات الهائلة الناجمة عن تفشي وباء كوفيد إلى قدرة الحكومات المحلية على الإبقاء على صمود آليات التمويل الخاصة بها، والمخصصة غالباً لتشييد مشروعات البنية التحتية.
عززت آليات تمويل الحكومات المحلية من مشترياتها من الأراضي حيث اشترت 30% تقريباً من مبيعات الأراضي خلال مايو الماضي، مرتفعة من 22% تقريباً خلال أبريل الماضي، بحسب إحصاء شركة " هواتشوانغ سيكيوريتيز " (Huachuang Securities). أوضحت شركة الوساطة في تقريرها أن هذه كانت أول زيادة شهرية خلال السنة الحالية بعد أن احجمت المؤسسات عن الشراء بوقت سابق.
معضلة المصارف
تبنت بكين مجموعة تدابير لدعيم الاقتصاد، تضمنت مطالبة المصارف الكبرى بتقليص أسعار الفائدة على الودائع مرتين على الأقل خلال أقل من سنة لتوسيع عمليات الإقراض، ما يقلص هوامش أرباحها.
ربما يُفاقم تكليف المصارف بمهمة مساعدة التدفقات النقدية للحكومات المحلية، من المشكلات. واصلت المصارف إقراض آليات تمويل الحكومات المحلية بأسعار فائدة مخفضة مع الاعتقاد بأن السلطات المحلية لن تسمح لأي منها بالفشل في الوفاء بالتزاماتها.
في حين أن آليات تمويل الحكومات المحلية، التي تتسم عادة بالطلب القوي على القروض، يمكن أن تساعد المصارف بسهولة في بلوغ أهدافها لعمليات الإقراض، إلا أنه يوجد خطر من التسبب في قروض متعثرة أكثر مع الأخذ بعين الاعتبار أن استثمارات عديدة تابعة لآليات تمويل الحكومات المحلية وجدت صعوبة في جني أرباح تكفي لتغطية مدفوعات الديون.
بلغت تقديرات صندوق النقد الدولي خلال فبراير الماضي للديون المخفية الخاصة بآليات تمويل الحكومات المحلية مع نهاية 2022 عبر كافة أنحاء البلاد 66 تريليون يوان (9.1 تريليون دولار أميركي)، مرتفعة من 40 تريليون يوان خلال 2019. تُبرز الزيادة السريعة مدى تكثيف الحكومات المحلية لعمليات الاقتراض والإنفاق خارج الميزانية أثناء وباء كورونا.