بلومبرغ
تعهدت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجا ميلوني بمنح تونس مساعدة بقيمة 750 مليون دولار ودعمها في مفاوضاتها مع صندوق النقد الدولي بشأن خطة إنقاذ حاسمة.
هذه التصريحات -التي جاءت عقب محادثاتها الثلاثاء مع الرئيس التونسي قيس سعيد- تعكس أهمية الدولة المضطربة الواقعة في شمال أفريقيا، والتي تشكّل نقطة انطلاق رئيسية للهجرة غير الشرعية عبر البحر الأبيض المتوسط.
تشكّل مسألة تجنب انهيار اقتصادي في تونس، وهي الدولة التي انطلقت منها شرارة انتفاضات الربيع العربي في عام 2011، أولوية بالنسبة إلى ميلوني، حيث لا تزال البلاد تعاني بعد ثورتها. وقد يؤدي المزيد من الاضطرابات إلى اندلاع مخاطر زيادة موجات الهجرة؛ ما يدفع إلى تكثيف الضغط على زعيمة اليمين في إيطاليا بشأن قضية كانت محورية في فوزها بالانتخابات في عام 2022.
وقالت ميلوني في تصريحات نُشرت على صفحة الرئاسة التونسية عبر "فيسبوك" إن إيطاليا تعتزم فتح خطوط ائتمان بقيمة 700 مليون يورو (748 مليون دولار) لدعم الخدمات التي يغلب عليها الطابع الحيوي، مثل الرعاية الصحية. وصرحت بأن إيطاليا ستسعى أيضاً إلى "تقريب وجهات النظر" بين صندوق النقد الدولي وتونس خلال مؤتمر دولي حول قضية الهجرة غير الشرعية والمقرر انعقاده في روما، دون تحديد موعد.
أضافت ميلوني: "علينا أن نتبع النهج العملي حتى نتمكّن من مساعدة تونس".
من جانبه، جدّد سعيد خلال لقائه ميلوني رفضه لما وصفه بالإملاءات في المحادثات مع صندوق النقد الدولي، محذّراً من أنها قد تؤدي إلى زعزعة الاستقرار في بلاده وخارجها. بحسب بيان الرئاسة.، وطرح سعيد مع ميلوني فكرة تخفيف الديون من خلال تحويل ديون تونس إلى "مشاريع تنموية خاصة".
وقال: "هؤلاء الذين يقدمون الوصفات الجاهزة أشبه بالطبيب الذي يصف الدواء قبل تشخيص المرض".
إصلاحات لم تنتهِ
تُعتبر مساعدة صندوق النقد الدولي أساسية لدعم الاقتصاد المتضرر من قفزة الأسعار وارتفاع معدلات البطالة بين الشباب. لكن الحكومة التونسية لم تنتهِ بعد من الإصلاحات واسعة النطاق، بما في ذلك التخفيضات المؤلمة المحتملة في الإنفاق الحكومي، والتي تعد ضرورية لتأمين اتفاق نهائي مع الصندوق.
تُعد تونس، التي يواجه فيها سعيد اتهامات من المعارضين بمحاولة ترسيخ انفراده بالسلطة بعد حصوله على صلاحيات أكبر في عام 2021، نقطة انطلاق رئيسية للهجرة غير المشروعة، سواء من قبل التونسيين أو غيرهم في القارة.
وقال سعيد إن قضية الهجرة "تزداد سوءاً يوماً تلو الآخر" وتتطلب حواراً دولياً، وألقى باللوم على المهاجرين الأجانب الخارجين على القانون وما وصفته الرئاسة بـ"العصابات الإجرامية للاتجار بالأعضاء والبشر في جنوب الصحراء الكبرى الأفريقية ودول شمال البحر الأبيض المتوسط" بوصفهم المسؤولين عن زيادة موجات الهجرة.
أضاف الرئيس التونسي: "لم تعد الطرق تؤدي إلى روما وحدها، بل إنها تؤدي الآن أيضاً إلى تونس"، مشدّداً على أن بعض المهاجرين الأجانب يختارون البقاء في تونس بدلاً من استخدامها كنقطة انطلاق إلى أوروبا.
يُشار إلى أن سياسة الهجرة الإيطالية تعرضت لانتقادات من دول أوروبية أخرى. فقد صرح وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانين الشهر الماضي بأن حكومة ميلوني "غير قادرة على حلّ مشاكل الهجرة في إيطاليا"، وهو ما أجّج الخلاف الدبلوماسي بين البلدين مُجدّداً.
جرى اعتراض ما لا يقل عن 23091 مهاجراً أثناء محاولتهم العبور بشكل غير قانوني بحراً من تونس إلى إيطاليا خلال الفترة بين يناير ومايو هذا العام، وفقاً لمنظمة "إف تي دي إي إس" (FTDES)، غير الحكومية التونسية. وأظهرت البيانات أن حوالي 3430 تونسياً وصلوا إلى إيطاليا، بينهم 865 قاصراً، في حين لقي 534 شخصاً حتفهم خلال هذه المحاولات.