الشرق
عمق بنك "كريدي سويس" توقعاته السلبية تجاه اقتصاد مصر، في ظلّ عدم التقدم في تطبيق الإصلاحات المتفق عليها مع صندوق النقد الدولي، بخاصة برنامج الطروحات الحكومية وتطبيق سعر مرن للجنيه المصري.
يرجّح البنك وصول سعر الصرف إلى المستوى المتداول حالياً في السوق الموازية التي تشير ضمنياً إلى تخفيض نسبته 30% عن السعر الحالي (في السوق الموازية)، ليصل سعر صرف العملة المحلية إلى 45 جنيهاً لكل دولار.
نظرة البنك كانت محايدة لمصر في ديسمبر 2022، لكنها تحولت إلى سلبية في فبراير الماضي، ثم تعمقت هذه الرؤية السلبية مع تزايد القلق.
"كلما طال الوقت الذي تستغرقه الحكومة في الشروع في خطوات الإصلاح التي طال انتظارها، زادت شدة تسعير السوق لمخاطر تخفيض قيمة العملة"، وفق التقرير الذي أعده فهد إقبال المحلل الاستراتيجي المتخصص في شؤون الشرق الأوسط لدى البنك السويسري.
تمضي الحكومة في خططها لطرح حصص في 32 شركة، لكن "التراجع الكبير في سعر صرف الجنيه أدى إلى وجود فجوة بين سعر البيع الذي كانت تخطط له الحكومة"، وفق البنك.
القيمة العادلة للجنيه
وبالتوازي مع ذلك، فإن القيمة العادلة الضمنية للدولار مقابل الجنيه، والتي تُقاس بسعر الصرف الفعلي الحقيقي، تدهورت أيضاً جوهرياً بسبب ارتفاع التضخم المحلي. في حين أن التضخم من المرجح أن يتراجع في الأشهر المقبلة، وفق "كريدي سويس"، فإن تأخُّر عملية الإصلاح قلّل مع ذلك احتمالية الاتجاه الصعودي طويل الأجل للجنيه.
عدل البنك مستهدفه لسعر صرف الدولار مقابل الجنيه خلال 3 أشهر إلى ما يتراوح بين 45 و50 جنيهاً للدولار. فيما عدل توقعاته للسعر خلال الـ12 شهراً إلى ما يتراوح بين 33 و34 جنيهاً للدولار، مشيراً إلى أن هذا السعر يضيف علاوة بين 25% و30% فوق سعر الصرف الفعلي الحقيقي، بشرط أن تنجح الحكومة خلال تلك الفترة في تحقيق تقدم بشأن الإصلاحات.
أسواق الأسهم
مازالت نظرة البنك السويسري إلى الأسهم المصرية سلبية، إذ يرى مخاطر بشأن تراجع الأرباح ناهيك عن مخاطر تخفيض قيمة العملة في المستقبل على أداء الشركات المدرجة.
تحسنت عوائد أذون الخزانة ونجحت في جذب تدفقات المستثمرين الأجانب، لكن التقرير يرى أن فروق العائد بين أدوات الدين الأميركية ونظيرتها المصرية لا تعوض تماماً عن مخاطر الجنيه على المدى القريب. أضاف: "باختصار، لا تزال مصر محفوفة بالمخاطر ونستمر في تحذير المستثمرين بشأن التعرض لمصر".
المخاطر
لا يتوقع البنك أن تتخلف مصر عن سداد التزاماتها، مشيراً إلى أن احتمال وقوع مثل هذا الأمر منخفض للغاية. ذكر أن مصر لا تزال لديها احتياطيات معقولة، وتتمتع بدعم قوي من صندوق النقد الدولي ودول مجلس التعاون الخليجي. ومع ذلك، أوضح كريدي سويس أنه "غير قاد على استبعاد مخاطر إعادة هيكلة الديون بالتراضي والتي من شأنها أن تسمح بجدول سداد أسهل دون التسبب في تعثر".
سيكون بيع الشركات المملوكة للدولة أسرع طريق لبناء الاحتياطيات التي تشتد الحاجة إليها، وفق التقرير الذي توقع حدوث تقدم بشأن هذا الأمر في نهاية المطاف.
يرى التقرير أن مخاطر الاضطرابات الاجتماعية ازدادت بسبب التضخم المرتفع وخاصة أسعار المواد الغذائية، وتخفيض قيمة العملة مرتين واحتمالية إجراء تخفيض آخر هذا العام؛ وتوغل الجيش في أعمال القطاع الخاص. ويتوقع حدوث نوبات من الاضطرابات الاجتماعية متفرقة ومحدودة النطاق، وقال: "نعتقد أنه من غير المرجح أن يكون لها تأثير ملموس على النشاط الاقتصادي".